المجلس لن يراقب الانتخابات المقبلة ما لم يستجب لتوصياته
قال الدكتور محمود كارم أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان أن الفترة المقبلة ستشهد تعزيزا لدور المجلس في المجتمع, وتوطيد أواصر التعاون مع منظات المجتمع المدني, وتفعيل اللجنة الخماسية المكلفة من الحكومة للتعاون مع المجلس وبحث شكواه ومتابعة تفعيل توصياته, كذلك إعلان المجلس عدم مراقبة أي انتخابات مقبلة ما لم يتم الاستجابة لتوصيات المجلس الصادرة عقب مراقبته لانتخابات الشوري الماضية, من أجل الحفاظ علي استقلالية المجلس وصورته أمام الرأي العام.
وطني التقت بالدكتور محمود كارم للتعرف علي خطة المجلس خلال الفترة المقبلة, والتعرف علي أفكاره بشأن تعزيز أوضاع حقوق الإنسان, خاصة أن سيرته الذاتية مليئة بالنجاحات, ومثل مصر كثيرا في المحافل الدولية, وحصد جوائز وأوسمة من مختلف البلدان لدوره في دعم العلاقات بين مصر وهذه البلدان, حيث سبق أن عمل سفيرا لمصر في اليابان والاتحاد الأوربي, وكذلك لعلمه وخبرته في مكافحة انتشار الأسلحة النووية, ومؤخرا حصل علي أرفع وسام بلجيكي قبل عودته لمصر, فإلي نص الحوار…
طالبنا بجلسة مصارحة
* بعد إعلان تشكيل المجلس الجديد تخوف البعض من طغيان تيار علي آخر وانتكاسة لأوضاع حقوق الإنسان, وانتخابات الشوري الماضية عززت هذا الرأي.. ما تعليقك؟
** المجلس بتشكيله الجديد حر, ويتمتع بالاستقلالية, ولا توجد سيطرة من تيار علي آخر, وعلي العكس اتخذ المجلس مواقف سريعة بشأن ما تعرض له من مضايقات في انتخابات الشوري الماضية, وطالبنا بجلسة مصارحة مع اللجنة العليا لمتابعة الانتخابات لعرض كل الملفات أمامها واتخاذ القرار المناسب بشأن مراقبة الانتخابات, وهذا موقف مستقل من المجلس, خاصة أن خطوة مجلس حقوق الانسان توفر بديلا للرقابة الدولية علي الانتخابات, فرفض الرقابة الدولية مع عدم تقوية الرقابة الوطنية أمر يصعب من العمل, واتفقنا علي عدم مراقبة أي انتخابات ما لم يتم النظر في مطالبنا.
موقفنا صريح
* وما أبرز هذه المطالب؟
** أبرز المطالب عدم حصول المجلس علي تصاريح للمراقبة, وعدد التصاريح التي جاءت للمؤسسات المدنية أقل بكثير مما تم إرساله, ولم يؤد المجلس دوره كاملا, حيث تم منع أحد أعضاء المجلس من دخول بعض اللجان في انتخابات مجلس الشوري الماضية, والمشكلات التي تعرضت لها المنظمات المدنية تعرض لها مجلس حقوق الإنسان, ومن ثم ما لم يتم إنهاء هذه المشكلات لن يستطيع المجلس المشاركة في مراقبة أي انتخابات مقبلة, وموقفنا صريح واضح ولن يتم التراجع عنه, وأود الإشارة هنا إلي إنه لا يوجد قضية طرحها المجلس وأهملها, وإنما هناك حرص علي مواصلة الحديث عنها, وتم طرح العديد من القضايا والإشكاليات وتدوين كل هذه الملاحظات في التقارير, ومن ثم لابد من التأكيد علي أن المجلس يعمل بجدية في هذا الأمر.
حدثت بعض الأمور
وأكدنا علي أن المجلس مستعد للقيام بدوره في ظل ضوابط معينة, ولن يقوم المجلس بدوره ما لم يتم الاستجابة لتوصياتنا, والتأكيد علي أن المجلس القومي لحقوق الإنسان هو المظلة التي يعمل تحتها منظمات المجتمع المدني, وقام المجلس بجهد ملحوظ في هذا الأمر, وحازت وحدة مراقبة الانتخابات علي استحسان العديد من المراقبين من حيث تلقي الشكاوي وكيفية متابعتها, والتعامل السريع مع هذه الانتهاكات, ولكن حدثت بعض الأمور التي لم تكن متوقعة ومن ثم قمنا برصدها ومخاطبة الجهات المعنية لسرعة الرد عليها واتخاذ قرارات بشأنها حتي يحدث تغيير علي أرض الواقع.
خطوة مهمة
* وما الأمور الأخري التي عالجها المجلس مؤخرا؟
** تم تفعيل اللجنة الخماسية والتي تضم وزارات العدل والداخلية ووزير الشئون النيابية والقانونية والنائب العام ووزارة الخارجية, ورأس المستشار مقبل شاكر نائب رئيس المجلس جلسات هذه اللجنة للتأكيد علي استقلال المجلس, وإنه سيدافع عن حقوق المواطنين ويفتح ذراعيه للتعاون دون فرض أي قرارات عليه, وهي إيجابية كبيرة تحققت مؤخرا, وتفعيل هذه اللجنة خطوة مهمة نحو معالجة كل القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان, بما لديها من تكليف من رئيس الوزراء بالتعاون مع المجلس وتنفيذ توصياته, ومطالبة الوزارت الأخري بالتعامل بجدية مع مطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان.
رصدنا تطورا
* قمتم بزيارة بعض السجون مؤخرا ولكن هاجس الإعداد سلفا لهذه الزيارات مايزال مسيطرا علي عقول الكثيرين.. لماذا؟
** قمنا بزيارة السجون مؤخرا بعد غياب 4 سنوات, والمسألة هنا ليست في الإعداد سلفا لهذه الزيارات من عدمه, المهم هو الزيارة والوقوف علي أحوال السجون والسجناء, ولابد أن نفرق بين الإعداد سلفا من خلال الحصول علي موافقة الجهات المعنية, وبين إخفاء بعض المعلومات وإظهار السجون والمساجين علي نحو مخالف للحقيقة, ونحن لم نلحظ هذا الأمر الأخير, بل علي العكس رصدنا تطورا ملحوظا في العديد من السجون, كما قمنا بزيارة سجون لأول مرة, وهي خطوة جيدة تشكر عليها الداخلية التي أعادت السماح لزيارة السجون, وتمت زيارة سجن القناطر وبرج العرب وسيتم زيارة سجن قنا قريبا, ولم نقم بإصدار بيانات صحفية حتي نحتفظ ببعض الملاحظات سنقوم بنشرها في تقارير المجلس, ومن أبرز هذه الملاحظات ضرورة زيادة عدد الأسرة, وتوسعة الحجرات, والطريق للسجن غير ممهد, وطالبنا بتوفير وسائل نقل إلي السجن وتمهيد الطريق لهذا الأمر.
أما عن الإيجابيات فلاحظنا أنه داخل بعض السجون الخاصة بالنساء توجد مراكز للكشف عن الأمراض والكشف المبكر عن الأمراض, كذلك قدمت لنا بعض الجهات الأجنبية إشادة بتوقيع بروتوكولات لمعالجة المدمنين ومكافحة الفيروسات داخل السجون, وهي خطوات تستحق الإشادة لأنها جاءت من منظمات دولية مشهود لها بالكفاءة ولم تأت من وزارة الداخلية نفسها.
نرفض تماما التعذيب
* وماذا عن دور المجلس في مكافحة التعذيب؟
** بالمجلس وحدة لمكافحة التعذيب, بتمويل بعض الجهات الأجنبية, ونرفض تماما تعرض أي مواطن للتعذيب, وهناك اهتمام كبير من المجلس بشأن هذا الموضوع, ولا نتستر علي أي حالة, وكلما سمعنا عن حادث فإننا سريعا نرسل لجنة لتقصي الحقائق للبحث عن الحقيقة, وعرضها علي أعضاء المجلس لاتخاذ القرار المناسب ومخاطبة المعنيين بالأمر, ففي حالة تمديد الطوارئ رفضنا استمرار حالات التعذيب بموجب حالة الطوارئ, ونفس الأمر تكرر في حادث المواطن خالد سعيد ورفضنا ما تعرض له وطالبنا بالتحقيق.
ليس منهجيا
* يعتبر البعض أن التعذيب في مصر أصبح يتم بشكل منهجي.. ما تعليقك؟
** سألنا أنفسنا كثيرا هل التعذيب منهجي أم مجرد حالات يقوم بها أفراد؟ ولم يجد المجلس التعذيب ظاهرة, ولا يوجد حالات منهجية للتعذيب, وإنما هناك حالات محددة يقوم بها أفراد يتم محاسبتهم بعد ذلك, وتقارير المجلس ترصد ذلك.
دروس مستفادة
* وهل هناك دروس مستفادة من جراء ما أحيط بحادثة المواطن خالد سعيد؟
** بالطبع هناك دروس مستفادة, منها رفض المجتمع ومؤسساته كل أشكال التعذيب, وعندما يخطئ فرد لابد من معاقبته, وتم إصدار بيان سريع فور وقوع الحادث, وتم تشكيل لجنة تقصي حقائق, وقام محمد فائق رئيس وحدة مكافحة التعذيب بالمجلس بالعديد من الاتصالات في هذا الشأن لاستيضاح الحقيقة ودعوة الجهات المعنية للتحقيق في الواقعة حتي لا يحدث احتقان في الجتمع نتيجة هذا الأمر, ويحضرني الإشارة إلي أن المجلس يسير بشكل جماعي, وبعد أن علم أعضاء المجلس كل الحقيقة أصدروا البيان وطالبوا الجهات المعنية بالتحقيق لمحاسبة المخطئين.
أنا ضد التدويل
* وماذا عن التراخي الحكومي وسرعة رد فعل المجتمع الدولي؟
** هناك قضايا ما كان ينبغي تدويلها, فأنا لدي خبرات عديدة في المحافل الدولية, ولكني ضد فكر تدويل بعض المشكلات ومنها التعذيب, فالتعذيب لا يوجد في مصر فقط, ولا يوجد منهج للتعذيب داخل مصر, وبالتالي لا يمكن المجاهرة بهذه المشكلة في المحافل الدولية, بل لابد من مواجهتها أمام المحاكم المصرية, وتقوية منظمات المجتمع المدني لمكافحتها, فهذا سيكون له تأثير أكبر مستقبلا حتي لا يتم الاعتماد علي الضغط الخارجي وإضعاف الداخل الذي يرتكن إلي هذا الأمر, ولذلك هناك حرص من المجلس القومي للعمل ضمن منظومة متكاملة والتعاون مع مؤسسات الدولة بشكل جيد, ولا يمكن الخروج من المؤسسات الدولية والعمل بشكل منفرد, بل الأهم لنا هو العمل مع الوزارات المعنية لدفع وتحسين أوضاع حقوق الإنسان, ونتائج هذا التعاون يجني ثمارها المجتمع.
لدينا خطة
* مؤخرا لاحظنا خروج المجلس إلي مناطق متفرقة في مصر.. هل هذه خطة عمل أم مجرد زيارات سريعة؟
** لدينا خطة عمل سيسير عليها المجلس خلال الفترة المقبلة, حيث حرصنا علي الذهاب للمناطق الحدودية, وقمنا بتنظيم العديد من الفعاليات في سيناء ومحافظات البحر الأحمر, وذهبنا لمنطقة شلاتين ومطروح وتعرفنا علي شكاوي المواطنين هناك, ونحرص علي افتتاح فروع للمجلس في العديد من المحافظات وخاصة محافظات الصعيد والمناطق الحدودية, ومن أبرز المشكلات التي تم رصدها نقص المياه العذبة, وقلة فرص العمل, وعدم وجود مسكن مناسب وغيرها من المشكلات التي يأمل المجلس حلها خلال الفترة المقبلة.
سوهاج.. محافظة ثرية
* وماذا عن المؤتمر السنوي لحقوق المواطنة؟
** سيتم تنظيم المؤتمر السنوي للمواطنة في محافظة سوهاج في نوفمبر المقبل, ووحدة المواطنة استقرت علي هذا المكان, وهذا يأتي في إطار اهتمام المجلس بالذهاب إلي كل المحافظات وفتح قنوات جديدة حتي يشعر المواطن بأن المجلس جاء من أجله, وأنه لا فرق بين فرد وآخر, بين محافظة وآخري, ولابد أن نؤكد أن محافظة سوهاج من المحافظات الثرية بالعنصر البشري, وتتميز بالثروة البشرية الجيدة, ومن ثم لابد أن تكون مؤتمرات واجتماعات المجلس منتشرة في مختلف المحافظات ولا يتم الاقتصار علي مكان أو اثنين.
نتابع التوصيات
* وماذا عن توصيات المجلس في المؤتمرات السابقة الخاصة بحقوق المواطنة؟
** نتابع تفعيل توصياتها مع الجهات المعنية, وهناك آمال في أن يتم تفعيل اللجنة الخماسية بما يسمح بالاستجابة لتوصيات المجلس, وإقرار قوانين دور العبادة ومنع التمييز وإنهاء حالة الطوارئ.
نرصد الأحوال المعيشية
* وما خطط المجلس لإنشاء فروع بالمحافظات؟
** هناك مكتب للشكاوي تابع للمجلس في سوهاج وبني سويف والوادي الجديد, وقريبا سنفتتح مكتبا في بورسعيد, وهناك طلبات جاءت لنا من محافظات مختلفة, مثل المنيا, الإسكندرية, أسيوط, شمال سيناء, الدقهلية, كفر الشيخ, والقليوبية, والمجلس يدرس أين ومتي يؤسس الفروع المختلفة له, ولا يشغل باله عدد الفروع, وإنما يركز علي المضمون, وكيفية انتفاع أهالي المحافظة من هذه الفروع, عبر تلقي الشكاوي ورصد الأحوال المعيشية, وتلقي هموم المواطنين والعمل علي حلها, وتنظيم فعاليات لنشر ثقافة حقوق الإنسان, فالمكاتب المتنقلة للشكاوي أثبتت جديتها, ولكن المهم هنا هو المتابعة الدورية للشكاوي, وعقد اجتماع شهري مع أعضاء اللجنة الخماسية بشأن الشكاوي التي تم إرسالها ولم يتم الرد عليها, وتم إنهاء العديد من المشكلات التي وقفت أمامها بسبب البيروقراطية.
الأب الروحي
* وماذا عن تأثير المجلس؟
** قمنا بعمل اتصالات مع بعض الدول العربية المهتمة بحقوق الإنسان, وأصبح المجلس القومي لحقوق الإنسان الأب الروحي لهذه اللجان, نظرا للتأثير الذي قام به المجلس داخل مصر, وكثيرا ما تقوم هذه البلدان باستشارة المجلس في العديد من الأمور.
* ولكن دور المجلس محدود ولا يملك إجبار الوزارات أو الجهات المعنية علي اتخاذ قرار ما ويتوقف دوره عند الاستشارة فقط؟
** هذا السؤال طرحه البعض, ومعك الحق في ذلك لأن طبيعة المجلس استشارية, ولا يمكن تغييرها لأنها ضمن لائحة عمل المجلس, ولكن البديل هو تفعيل عمل اللجنة الخماسية, ودور وسائل الإعلام في الاهتمام بعمله وتقاريره, وحث الوزارات المعنية للاهتمام بحقوق الإنسان, وأن تتضمن مناهج التربية والتعليم موادا عن حقوق الإنسان, كذلك يقوم المجلس بمتابعة ملف مراجعة حقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي, فهناك اجتماعات مع وزارة التربية والتعليم بهذا الأمر, وتم توزيع مئات النسخ من هذه الدراسات التي أعدها المجلس لتستفيد بها هذه الدول.
حتي لا يتهمنا الرأي العام
* ولكن في بعض الأحيان يحتفظ المجلس بتقاريره ولا يطرحها علي الرأي العام؟
** هناك نقاش داخل المجلس لنشر دراساته وتقاريره بشكل موسع وأن لا يتم الاحتفاظ بها حتي يتم تعميم الفائدة, ويعرف المجتمع أنشطته والدور الذي يقوم به, ففي كثير من القضايا لا يعرف الرأي العام معلومات واضحة عن عمل المجلس ويتهمه البعض بالسلبية, ولكن الآن تم مراجعة الموقف وتخصيص مساحات واسعة للإعلام كي يتم نقل أخباره وأنشطته, وإتاحة المعلومات للإعلام, وأن يكون حظر النشر في موضوعات ضيقة من أجل الصالح العام, وحتي لا يتسبب النشر في ظهور تأثير سليي علي هذه القضايا, أو التأثير بشكل سلبي علي خطوات لتعديل الوضع الراهن, فالمهم هنا هو حدوث التأثير علي أرض الواقع بغض النظر هل حدث نشر لعمل المجلس أم لا.
قريبا في مقر جديد
* ما الجديد في نقل المجلس من مقره إلي موقع آخر؟
** قمنا بشراء قطعة أرض بالقاهرة الجديدة, وقريبا سيتم العمل بها لكن هذا يحتاج لجهد كبير ينتظر تحقيقه في هذا الشأن, من أجل إنهاء كل المشكلات التي ظهرت بهذا الأمر وتمنع المواطنين من الذهاب بحرية إليه.
نحرص علي الاستقلالية
* البعض لايزال متحفظا عن عدم خضوع ميزانية المجلس للجهاز المركزي للمحاسبات؟
** رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات مرفوضة بقرار المجلس, وميزانية المجلس يتم رقابتها مرتين سنويا من مركز محاسبات له خبرات دولية, ولكن لابد من التأكيد علي أن هناك مشروعات يتم تمويلها مع المنظمات الأجنبية حسب الاتفاق الذي يتم بين الطرفين, ولا توجد شبهة إهدار مال عام, وطالما ارتضيا الطرفان بالموضوع فلا يمكن اعتبار ذلك مخالفة, والمجلس إذا صدرت أي مخالفة يمكن محاسبته عليها, ولكن لابد من الحرص علي الاستقلال الكامل له.