واحد من بين كل سبعة من سكان الأرض مهاجر أي أنه بين سكان الكوكب البالغ عددهم6.7مليار إنسان يوجد مليار مهاجر,منهم 740 مليونا مهاجرون في داخل حدود دولهم,وأقل من70مليونا من المهاجرين الدوليين إما ينتقلون من دولة لأخري.وتظهر المؤشرات أن نصف مهاجري العالم الدوليين ينتقلون في داخل إقليمهم ونحو40% ينتقلون إلي دولة مجاورة ونحو ستة من بين كل عشرة مهاجرين ينتقلون إلي دولة أخري تدين بالديانة نفسها التي يدينون بها,ونحو نصف المهاجرين الدوليين من النساء وهي نسبة لم تتغير عبر العقود الخمسة السابقة,وعلي الرغم أن النسبة الإجمالية للهجرة ظلت ثابتة منذ عام1960 إلا أن هناك توقعات بتركز مهاجري عام2010 في الدول المتقدمة,ففي عام1960 كان نصيب المهاجرين الدوليين في أمريكا الشمالية وأوربا ودول الخليج 18.4% و19.6% و0.3% علي التوالي ويتوقع أن تكون النسب في عام2010 في الأقاليم الثلاثة 26.6%و4% و8.26%.
أرقام صادمة تعكس حقائق غير متوقعة وتدحض أفكارا نمطية كانت رائجة حول الهجرة والمهاجرين ومشاكلهم ومستقبلهم صدرت في تقرير التنمية الإنسانية الدولي عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وعنوانهالتغلب علي الحواجز:قابلية التنقل البشري والتنمية.
قال جني كلوجمان مؤلفه الرئيس يعطون أكثر بكثير مما يأخذون وأغلبهم يعظمون من شأن اقتصاد الدول أو المناطق التي ينتقلون إليها فالهجرة تزيد من فرص العمل في الدول المضيفة ولا تطرد السكان الأصليين من سوق العمل وتحسن تسب الاستثمار في الأعمال والمبادرات السوقية الجديدة,وتشير الأرقام إلي أن المهاجرين من الدول الأكثر فقرا يحققون دخولا مادية تقدر بـ15 ضعفا مما كانوا يحققونه وتتضاعف نسب التحاق أبنائهم وبناتهم بالمدارس وتنخفض نسب وفيات أطفالهم بـ16 ضعفا في الدول المضيفة المتقدمة.
التكلفة الاقتصادية
لا يخلو الأمر من كثير من المشاكل أحدها هي التكاليف المالية للهجرة سواء الداخلية أو الخارجية مثل رسوم اعتماد المستندات وإنهاء الإجراءات الورقية وأتعاب خدمات الوسطاء ونفقات السفر والغريب أن الرسوم التي يتكبدها المهاجرون ذوو المهارات القليلة أعلي من التي يسددها نظراؤهم من ذوي المهارات المرتفعة,كما أنالوسطاء أوالسماسرةالضالعين في تسفير المهاجرين يلعبون دورا محوريا في سوق العمل العالمي كما أنهم يسدون الفجوات المعلوماتية ويلبون المتطلبات الإدارية مثل توفير عرض عمل قبل التقدم بطلب للحصول علي تأشيرة السفر.
أشار التقرير إلي أن واحدة بين كل عشر دول تزيد فيها تكلفة استخراج جواز سفر علي10% من متوسط الدخل السنوي للفرد.
وإذا كانت الهجرة لأسباب اقتصادية تظل إلي حدما مسألة لا تتسبب في حال تعذر تحقيقها في موت المهاجر باستثناء الموت جوعا أو فقرا,وفي حال نجاح الهجرة للمهاجرين لأسباب الصراعات والحروب فيجدون أنفسهم أمام تحد آخر وهو السعي وراء تأمين مصدر للرزق.
الأزمة المالية
وعلي أي حال فإن التفرقة بين المهاجرين لأسباب اقتصادية أو سياسية غير جائزة في ظل الأزمة المالية العالمية فقد ألقت بظلالها علي الجميع وسرعان ما تحول الركود العالمي إلي أزمة في سوق العمل,وشهد الكثير من المناطق انخفاضا في عدد المهاجرين الجدد كما عملت دول عدة علي تشجيع العمال المهاجرين علي ترك أعمالهم ويقول كلوجمان إنه يجب النظر إلي الركود كفرصة لإرساء دعائم جديدة للتعامل مع المهاجرين فتعافي الدول من الأزمة الراهنة يتوقع أن يعيد الأسباب نفسها التي ظلت تدفع بالمهاجرين للتنقل والحركة,ويري التقرير أن الهجرة تفيد كلا من الدول المتقدمة والنامية إذ يمكن أن تكون الهجرة أداة إضافية من أدوات التنمية لاتاحة الفرصة لأناس كانوا عاطلين عن العمل أو يعملون في وظائف هامشية في بلدانهم بأن يقوموا بأعمال منتجة في دول أخري,هذا يؤدي إلي تحويل جانب من مدخراتهم إلي عائلاتهم في دول المنشأ,هذه الأموال تساعد في زيادة نسب الإنفاق علي التعليم والصحة كما تعمل علي رفع مستوي معيشة أسرة المهاجر في بلده من جهة أخري فإن التحرك يضيف مميزات أخري.مثل الأفكار الجديدة ومهارات العمل ونقل التكنولوجيا,ويحذر التقرير من أن كل تلك المميزات لا يجب أن ينظر إليها باعتبارها بديلا عن جهود التنمية في الدول النامية.
وعن استنزاف العقول في الدول النامية لصالح الدول المتقدمة يعترف التقرير بأن هذه مشكلة تستوجب القلق ويكفي مثلا أن عدد الأطباء من غانا وجامايكا في الخارج أكثر من أعدادهم في بلدانهم إلا أن منع أو تقليص الهجرة ليس الحل الأمثل والبديل هو تحسين ظروف عمل أصحاب تلك العقول وتوفير البيئة غير الطاردة لهم في بلدانهم.
المهاجرات
بيئة أخري طاردة ولكنها للنساء اللواتي يشكلن نصف عدد مهاجري العالم وعلي الرغم من أن الهجرة كثيرا ما تساعد علي تحرر النساء وتزيد من مستويات معيشتهن وعمالتهن إلا أنها سلاح ذو حدين فقد تجد المرأة المهاجرة نفسها عرضة للاستغلال وظروف بالغة الصعوبة خاصة العاملات وصاحبات المهن الحرة خاصة أن نسبتهم أعلي مثيلاتها في الرجال المهاجرين أما النساء اللواتي لا يصنفن تحت هذا البند فإن الحال غالبا ينتهي بهن في الخدمة المنزلية وأعمال الرعاية وفي قطاع الأعمال غير الرسمي,ويشير التقرير إلي أن الأبحاث التي أجريت في عدد من الدول العربية تشير إلي وجود ظروف عمل بالغة السوء وتتسم بالاستغلال الشديد الذي يؤدي إلي وقوعهن في حلقة مفرغة من الفقر والعرضة للإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة(الإيدز).
المستقبل
ويلفت التقرير الانتباه إلي أن تعداد العالم سيزيد بمقدار الثلث خلال العقود الأربعة المقبلة وكل تلك الزيادة ستكون من نصيب الدول النامية في حين ستتقلص وتنكمش وتشيخ شعوب الدول المتقدمة,ويستخدم التقرير هذه الحقيقة للمطالبة بالاعتراف بحقوق المهاجرين العاملين ورفع الحظر الموضوع علي تنقلاتهم,ويعضد ذلك بمعلومات متوفرة حول توجهات الرأي العام في نحو50 دولة والتي تشير إلي قبول شعوبها فكرة الهجرة إليها في حال كانت فرص العمل متوفرة.
والتقرير يؤكد أن الهجرة ليست مسألة مثيرة للخوف بل إنه في إمكان الأطراف كافة الاستفادة منها,ويدعو إلي تبني دول المقصد التي يهاجر إليها المهاجرون لربط الحاجة إلي المهاجرين بالطلب في سوق العمل والتأكيد علي احترام المعايير الوطنية في التشغيل واحترام الحقوق.