السرطان أحد أكثر الأمراض تدميرا علي مستوي العالم,ولم يعد تأثيره مقتصرا فقط علي المرضي أنفسهم,بل يمتد إلي الأقارب والأصدقاء من الناحية النفسية,وتأثيره الاقتصادي السيئ علي المرضي خاصة في البلاد التي يتمتع المواطن فيها بالعلاج علي نفقة الدولة والتأمين الصحي,كما هو الحال في مصر.
يتعرض المعهد القومي للأورام إلي أزمة مالية تهدد قدرته علي الاستمرار ويحتاج إلي تدخل جهات عديدة واستنفار قوي المجتمع المدني ورجال الأعمال والمواطنين لإنقاذ المعهد وإتاحة الفرصة لافتتاح مزيد من الفروع في المحافظات,وليست هذه المرة الأولي التي يشكو فيها المسئولون عن المعهد من النقص الحاد في الإمكانات,وهي الأزمة التي يواجهها المعهد وبالتالي مرضي السرطان في مصر الذين يتزايدون بمعدل 100ألف سنويا.
وصرح الدكتور صلاح عبد الهادي عميد معهد الأورام القومي التابع لجامعة القاهرة أن المعهد يعاني من نقص كبير في التمويل بما يهدد دوره في خدمة المرضي غير القادرين في مصر. وناشد د.عبد الهادي رجال الأعمال والقادرين بالمجتمع علي توجيه التبرعات للمعهد في ظل عدم كفاية ميزانية الدولة التي تصل إلي 35مليون جنيه لدعم المعهد,مشيرا إلي أن جملة مصروفات المعهد بلغت في العام الماضي 120مليون جنيه بما يعني أن التبرعات هي التي أسهمت في استمرار أداء المعهد لخدماته.
وقال د.عبد الهادي إن أجهزة العلاج بالمعهد أصبحت في حاجة إلي تحديث بما يعني الحاجة إلي مبالغ هائلة لم تعد التبرعات تغطيها بعد أن أصبحت في معظمها تبرعات موسمية.
وأشار الدكتور أشرف زغلول مدير المستشفي إلي أنه كان من المتصور أن مستشفي (57357) سيسحب المرضي من قسم الأطفال بالمعهد إلا أن ما حدث هو أن المائة سرير المخصصة للأطفال به ما زالت ممتلئة وبعد التجديدات في المبنيين الشمالي والجنوبي أصبح المكان يضيق بالمرضي بعد انخفاض طاقته من الأسرة إلي نحو 300سرير بدلا من 560سريرا,ويحتاج المعهد إلي 150مليون جنيه لإعادة تجديد وتجهيز مبانيه. وكشف مدير المستشفي عن استقبال المعهد 20ألف حالة إصابة جديدة كل عام بينها 1000حالة لمرضي أعمارهم أقل من 18عاما,وتتراوح تكلفة علاج المريض الواحد في قسم الجراحة ما بين 15و30ألف جنيه وتصل إلي 200ألف للمريض في علاج الكيماوي.
وأضاف أن قوائم الانتظار وصلت إلي 20% فيما تستقبل العيادات الخارجية يوميا 160حالة يوميا.
وفي جولة بالدور الرابع للمستشفي حيث يوجد القسم المجاني,يعاني المرضي وذووهم أقسي ألوان العذاب وخصوصا مرضي الأقسام المجانية والذين تجدهم عند دخولك المعهد ينامون في الطرقات وعلي السلالم.
يقول عصام محمود -أحد المرضي- إن الحصول علي العلاج بالمعهد يمثل رحلة عذاب طويل,فالعاملون بالمعهد يعاملون الناس وكأنهم ليسوا بشرا ونتعامل بشكل غير آدمي علي الرغم من أننا مرضي بمرض قاس ولعين ومن يصبه يبع ما وراءه وما أمامه والأقسي شعورنا بأننا متسولون في هذا المكان,ولتنظري أمامك وتجدين أطفالا مرضي يعلوهم الذباب وعلي أسرة بدون مراتب في الطرقات وأمام المصاعد.
تقول فاطمة محمود من إحدي قري سوهاج وأم لطفل مريض بالسرطان حيث كانت تجلس علي السلالم وبجوارها حقيبة وتبدو عليها مظاهر الإجهاد الشديد: نقاسي الأمرين كلما يأتي موعد الجلسة ونتعرض لسوء المعاملة والإهمال,حيث نظل منتظرين بالساعات وأماكن الانتظار قليلة وأنا أجلس كما ترينني ووالد الطفل يأتي ليطمئن علينا ثم ينزل للشارع لإضاعة بعض الوقت حتي يأتي ميعاد جلسة الكيماوي,وعندما سألتها لماذا لا تتوجه لمستشفي سرطان الأطفال,أجابت أنها ذهبت ولكنهم رفضوا استقبال الطفل لأنه سبق له العلاج خارج المستشفي وأنهم لا يقبلون إلا الحالات الجديدة التي لم تتلق أي علاج.
ويضيف محمد يوسف من المنيا: أحضر للمعهد للحصول علي العلاج الكيماوي,ولكن المعاملة غير إنسانية ونضطر للجلوس أكثر من خمس ساعات علي الأرض في ظل الزحام حيث يتكدس المرضي علي سلالم المعهد بصورة مهينة.
وفي العيادات الخارجية الصورة أكثر قتامة حيث الزحام الشديد فالمرضي مكدسون في صالة طولها حوالي 200متر بالمئات.
وتقول إحدي السيدات اللاتي أجهدها الألم إنها تعاني من سرطان القولون وأنها تأتي للمتابعة لأن العلاج في المعهد مجانا,لكنها انتظرت شهرا كاملا ليتم حجزها.