جاءت أحداث ماسبيرو المأساوية الأسبوع الماضي لتلقي بظلال حزينة علي جميع أفراد الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه دون تفرقة, لأن الدم الذي سال علي الأرض دم مصريين بغض النظر عن ديانتهم, ومن المؤسف أن يحدث هذا في شهر أكتوبر , شهر الاحتفال بالنصر العظيم الذي تحقق من خلال امتزاج الدم المصري المسيحي والمسلم برمال سيناء لينبت بذور الحرية والكرامة التي جعلت العدو قبل الصديق يحترم المصريين.
والسؤال الذي يطرح نفسه : الآن هل سيظل يوم 9 أكتوبر المشئوم محفور في ذاكرة التاريخ ؟ هل يعوق فرحة الاحتفال بنصر أكتوبر في السنوات القادمة ويذكرنا بأن الدماء التي امتزجت لتحرر الوطن , جاء اليوم التي تهدر بيد أبناء الوطن الواحد.
والسؤال الآخر : كيف نعالج هذا الجرح الغائر في جسد الوطن الذي بات يئن من كثرة السهام الموجهة ضده بهدف تمزيق وحدته والنيل منه ومن كرامته…
وهكذا كان هذا التحقيق :
قصور وضعف السلطات المصرية
يشير الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن للأقباط مطالب مشروعة منذ فترة طويلة يجب تلبياتها من أي حكومة مسئولة تحرص علي عدم التمييز ما بين المواطنين, كما أنه من غير المعقول ولا المنطقي الادعاء بأن الفترة الراهنة في ظل حكومة انتقالية ويجب إرجاء هذه المطالب لأن هذا يعد إرجاء التعامل مع أخطاء فادحة متكررةوغير مبررة, مشيرا إلي أن عدم محاسبة المسئولين عن الأحداث التي وقعت في الماضي من الاعتداء سواء علي الكنائس أو الإخوة المسيحيين في مصر لابد أن يفضي إلي احتقان وعنف, أما بالنسبة إلي حادث ماسبيرو الأخير فقد كشف عن قصور وضعف وفقر لدي السلطات المصرية في مجالات محددة بعينها وهي استشراف الأزمة والتعامل معها وحلها وأيضا مهارات التفارض , أملا أن تكشف لجنة تقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها رئيس مجلس الوزراء السيد عصام شرف بشفافية وحيدة وموضوعية الحقائق المجردة التي لابست الحادث المؤسف, مؤكدا علي أن السلطات المصرية إذا لم تأخذ الدروس والعبر الآن من هذا الحادث (ماسبيرو) في توخي الصدق والمسئولية والموضوعية فلا أمل في إصلاح ولا ثورة حقيقية ولا رجاء من أي حكومات وطنية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية خاصة أن ثورة 25 يناير لم تغير الشخصية الحكومية المصرية.
أنا والفوضي من بعدي
بينما يري العقيد متقاعد أسامة علي صادق أن ماحدث في ماسبيرو أمر غريب لأن الأقباط معروفون بسلميتهم وهدوئهم في التعامل مع المشكلات كما أن القوات المسلحة لديها انضباط يعوقها عن توجيه أي سلاح لديها في اتجاه الشعب , كما أن الجيش لا يعرف خلال تاريخه الطويل أي تمييز ولعل هذا يتضح من خلال قانون التجنيد الذي يتم دون النظر إلي الجانب الديني , كما أن القاده العسكريين مثل اللواء فؤاد عزيز غالي الذي كان يعطي الأوامر وعلي جميع الوحدات إطاعة تلك الأوامر دون أن يكون للدين أي اعتبار , هذا إلي جانب أن السلاح الإسرائيلي في نكسة 1967 وفي حرب أكتوبر 1973 لم يفرق بين المسيحي والمسلم وهو موجه إلي صدور المصريين, مؤكدا علي أن أيادي النظام السابق هي التي تعبث بهدف إحداث اضطرابات وفتن وانفلات أمني, وإحداث وقيعة بين الأقباط والجيش, ولعل هذا يذكرنا بما قاله الرئيس السابق حسني مبارك أنا و الفوضي من بعدي وهذا ما حدث في ماسبيرو وفي حادث السفارة الإسرائيلية وغيرها من مواقف الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع المصري حتي يتم الترحم علي أيام النظام السابق.
إجهاض الثورة
ويوافقه الرأي عبد العزيز جمال الدين الباحث والمحقق في التراث المصري الذي يري أن النظام القديم مازال يعمل علي حماية مصالحه ونفوذه من خلال إحداث فوضي وفتنة في البلاد وذلك بهدف تهربه من الحساب وإجهاض الثورة التي أزاحت نظام حكم راسخ منذ ثلاثين عاما علي قلوب المصريين, مطالبا بتنفيذ القانون الجنائي علي كل من ارتكب جرما سواء تجاه الأفراد أو الممتلكات العامة أو الخاصة , هذا إلي جانب إصدار قانون دور العبادة الموحد لتفويت الفرصة علي دعاة الفتن في دفع البلاد إلي الهلاك.
المعجزة
ويحدثنا التاريخ عن دور اللواء أ.حرب باقي زكي يوسف في إزالة الساتر الترابي وفتح الثغرات عن طريق استخدام المياه وكانت هذه الفكرة الساتر بالمياه أشبه بمعجزة بشرية أدت إلي النصر لمصر .. وفي حوار لسيادة اللواء لن نجده يتكلم عن نفسه .. بل عن روح التعاون والحب بين الجميع , فحينذاك لم يكن هناك ده مسيحي وده مسلم… وطبيعة القبطي تتجلي واضحة أمام الجميع من خلال بطولات حقيقية… فقد قال اللواء باقي زكي يوسف أن الله سمح بهذا الساتر الموجود أمام الفرقة علي الضفة الشرقية للقناة مباشرة وبميول حادة وصلت لـ 80 درجة , ولكنه وضع الحل في مياه القناة التي تنساب تحته.
كان هذا حال نصر 6 أكتوبر .. لكن في نكسة 9 أكتوبر فقد سمح الله بشيء آخر.. عل هذا اليوم وصمة عار علي جبين مصر.
معركة الجزيرة الخضراء…
معركة الجزيرة الخضراء هي إحدي بطولات حرب الاستنزاف فعندما وجد قائد الموقع أن العدو سوف يستولي علي هذه الجزيرة التي تقع في مدخل خليج السويس طلب من قيادته أن تقصف الجزيرة بالكامل بنيران المدفعية مضحيا بنفسه وبمن تبقي من جنوده ضاربا أروع الأمثال في التضحية بالنفس ومن أجل الوطن وبالفعل استجابت القيادة لطلبه وقامت المدفعية بقصف الجزيرة قصفا مركزا مع تصحيح النيران بواسطة قائد المدفعية بالجزيرة مما أربك العدو وأضطره للانسحاب لتبقي الجزيرة تحت سيطرة الأفراد القلائل الذين كتبت لهم الحياة كان من يدافع عن شرف مصر في هذه المعركة 6 من أبطالنا البواسل ثلاثة منهم مسلمين وثلاثة أقباط .. النتيجة النهائية للمعركة الانتصار واستشهاد بطل مسلم وبطل مسيحي وإصابة بطل مسلم وبطل مسيحي ونجاة بطل مسلم وبطل مسيحي… ومن له آذان للسمع أن يسمع كان هذا هو كلام اللواء مجدي بشارة قليني قائد كتيبة صواريخ الدفاع الجوي وأحد أبطال حرب أكتوبر .. الذي تأسف بشدة لما حدث لمصر في 9 وأكد أنه إذا كان الأقباط أخطأوا عندما لم يتراجعوا بعد رشقهم بالحجارة, وأخطأوا عندما سدوا الشارع في مظاهرة احتجاجية … إلا أنهم لا يمكن أن يضربوا بالنار !! … إن طلباتهم كانت عادلة و لكن المؤامرة التي دبرت بحكمة من أطراف لها أجندات خاصة وأفزعتهم مشاركة الأقباط في الحياة السياسية .. هذه المؤامرة بضرب الأقباط والجيش… ورأينا مشاهد دموية لم نكن نتوقع أبدا أن تحدث.