تحتفل الكنيسة القبطيةالمصريةالأرثوذكسية بسبعة أعياد سيدية كبري وأخري مثلها صغري احتفالا وتذكارا وتأملا بكل ما قام به السيد المسيح نفسه لذلك أطلق عليها سيدية بمعني أنها تخص السيد نفسه وكل منها له تاريخ كتابي أي مذكور في الكتاب المقدس وأحيانا يكون رمزا وإشارة إلي ما يستجد من احتفالات في كنيسة العهد الجديد التي حولت كثيرا منها إلي تذكارات يستفيد منها المؤمن روحيا فتكون في حياته تذكارات بالشريعة الربانية واحتفالا بعمل الله في حياته فالأعياد تقوي جذور الدين وتنمي حب الفضيلة وتشرح روح الشريعة كما أوضح لنا سفر الخروج في وصية السيد الرب قائلا وتخبر ابنك في ذلك اليوم قائلا من أجل ما صنع إلي الرب حين أخرجني من مصر ويكون لك علامة علي يدك وتذكارا بين عينيك لكي تكون شريعة الرب في فمك لأنه بيد قوية أخرجك الرب من مصر, فتحفظ هذه الفريضة في وقتها من سنة إلي سنة, ويكون متي أدخلك الرب أرض الكنعانيين كما حلف لك ولآبائك وأعطاك إياها. إنك تقدم للرب كل فاتح رحم وكل بكر من نتاج البهائم التي تكون لك الذكور للرب.ولكن كل بكر حمار تفديه بشاة وإن لم تفده فتكسر عنقه وكل بكر إنسان من أولادك تفديه ويكون متي سألك ابنك غدا قائلا ما هذاتقول له بيد قوية أخرجنا الرب من مصر من بيت العبودية. وكان لما تقسي فرعون عن إطلاقنا أن الرب قتل كل بكر في أرض مصر من بكر الناس إلي بكر البهائم لذلك أنا أذبح للرب الذكور من كل فاتح رحم وأفدي كل بكر من أولادي فيكون علامة علي يدك وعصابة بين عينيك لأنه بيد قوية أخرجنا الرب من مصر خر13:8-16 ومن هنا عرف الإنسان القيمة الإيمانية للتذكارات والأعياد فقال أحد آباء الكنيسة موضحا أن غاية الأعياد نبيلة ومعروفة وبها يتمكن المؤمنون من عبادة الله وتقديم الإكرام والتمجيد اللائقين له واحتفالا بتجسده وفدائه وثمار الأعياد هي تطييب القلب في العبادة ومصارعة الشهوات واحتقار ملذات الدنيا.
الختان في الكتاب المقدس
كان الختان في العهد القديم علامة عهد بين الله والإنسان وإشارة إلي التطهير والختم في العهد كما قال الله لإبراهيم في سفر التكوين فلا يدعي اسمك بعد إبرآم بل يكون اسمك إبراهيم لأني أجعلك أبا لجمهور من الأمم وأثمرك كثيرا جدا وأجعلك أمما وملوكا منك يخرجون وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا أبديا لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكا أبديا وأكون إلههم وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم – ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك يختن ختانا وليد بيتك والمبتاع بفضتك فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا وأما الذكر الأغلف الذي لايختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها إنه قد نكث عهدي تك17:5-14 وتكرر ذلك في الحديث مع موسي النبي كما يذكر لنا سفر اللاويين وكلم الرب موسي قائلا: كلم بني إسرائيل قائلا إذا حبلت امرأة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام كما في أيام طمث علتها تكون نجسة وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته (لا12:1-3) ومن هذه الآيات التي أوردها لنا سفر التكوين واللاويين نفهم أنه كان عهدا جسديا وميعاده في اليوم الثامن من الميلاد وعلمنا الرب بعد ذلك في سفر التثنية ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك فتحيا تث 30:6 وهذا ما هو إلا مفهوم جديد للختان إنه ليس قاصرا علي الجسد إنما يمتد إلي معني روحي جميل وهو ختان الروح والقلب والضمير كما يقول لنا الرسول في العهد الجديد.. فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس ولكن إن كنت متعديا الناموس فقد صار ختانك غرلة, إذا كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس أفما تحسب غرلته ختانا, وتكون الغرلة التي من الطبيعة وهي تكمل الناموس تدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدي الناموس لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله رو2:25-29 واستخدم الجديد في مفهوم الختان القديس إستفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء في حديثه مع اليهود في الإصحاح السابع في سفر الأعمال الآية التاسعة فقال يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم.
آيات عن الختان في الكتاب المقدس
أورد لنا الكتاب المقدس بعهديه آيات عن الختان تتعدي 30 بقليل, نفهم منها أهميته ودوره من خلال طقسه ومعناه الروحي وإبداله في المفهوم الروحي وإلي أي شيء كان يرمز ومن هذه الآيات يختن ختانا وليد بيتك والمبتاع بفضتك فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا (تك17:13) فانفك عنه حينئذ قالت عريس دم من أجل الختان (خر4:26) لهذا أعطاكم موسي الختام ليس أنه من موسي بل من الآباء ففي السبت تختنون الإنسان (يو7:22) فإن كان الإنسان يقبل الختان في السبت لئلا ينقض ناموس موسي أفتسخطون علي لأني شفيت إنسانا كله في السبت (يو7:23) وأعطاه عهد الختان وهكذا ولد إسحق وختنه في اليوم الثامن وإسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد روساء الآباء الاثني عشر (أع7:8) فاندهش المؤمنون الذين من أهل الختان كل من جاء مع بطرس لأن موهبة الروح القدس قد انسكبت علي الأمم أيضا (أع10:45) ولما صعد بطرس إلي أورشليم خاصمه الذين من أهل الختان أع11:2 فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس ولكن إن كنت متعديا الناموس فقد صار ختانك غرلة (رو2:25) إن كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس أفما تحسب غرلته ختانا (رو2:26) وتكون الغرلة التي من الطبيعة وهي تكمل الناموس تدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدي الناموس (رو 2: 26), لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا (رو2:28) بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله (رو2:29) إذا ما هو فضل اليهودي أو ماهو نفع الختان (رو3:1) لأن الله واحد هو الذي سيبرر الختان بالإيمان والغرلة بالإيمان (رو 3: 30) أفهذا التطويب هو علي الختان فقط أم علي الغرلة أيضا لأننا نقول إنه حسب لإبراهيم الإيمان برا (رو 4: 9) فكيف حسب أو هو في الختان أم في الغرلة ليس في الختان بل في الغرلة رو4:10وأخذ علامة الختان ختما لبر الإيمان الذي كان في الغرلة ليكون أبا لجميع الذين يومنون وهم في الغرلة كي يحسب لهم أيضا البر (رو4:11) وأبا للختان للذين ليسوا من الختان فقط بل أيضا يسلكون في خطوات إيمان أبينا إبراهيم الذي كان وهو في الغرلة (رو4:12) وأقول إن يسوع المسيح قد صار خادم الختان من أجل صدق الله حتي يثبت مواعيد الآباء (رو15:8) ليس الختان شيئا وليست الغرلة شيئا بل حفظ وصايا الله (1كو7:19) بل بالعكس إذ رأوا أني أؤتمنت علي إنجيل الغرلة كما بطرس علي إنجيل الختان (غل2:7) فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل في أيضا للأمم (غل2:8) فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون إنهم أعمدة أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم وأما هم فللختان (غل2:9) لأنه قبلما أتي قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الأمم ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان (غل 2:12) لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة (غل 5:6) وأما أنا أيها الإخوة فإن كنت بعد أكرز بالختان فلماذا اضطهد بعد إذا عثرة الصليب قد بطلت (غل5:11) لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الخليقة الجديدة (غل6:15) لذلك اذكروا أنكم أنتم الأمم قبلا في الجسد المدعوين غرلة من المدعو ختانا مصنوعاباليد في الجسد (أف2:11) لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل علي الجسد (في3:3) من جهة الختان مختون في اليوم الثامن من جنس إسرائيل من سبط بنيامين عبراني من العبرانيين من جهة الناموس فريسي (في3:5) وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح (كو2:11) حيث ليس يوناني ويهودي ختان وغرلة بربري وسكيثي عبد حر بل المسيح الكل وفي الكل (كو3:11) ويسوع المدعو يسطس الذين هم من الختان هؤلاء هم وحدهم العاملون معي لملكوت الله الذين صاروا لي تسلية (كو4:11) فإنه يوجد كثيرون متمردين يتكلمون بالباطل ويخدعون العقول ولاسيما الذين من الختان (تي 1:10) المقصود به الختان اليهودي.
من الآيات السابقة ولاسيما آيات العهد الجديد تخرج بأن الختان في معناه الروحي إشارة إلي قطع الشهوة والنجاسة من القلب وجميع الحواس ويصبح الإنسان في عهد مع الله بروحه وبكل كيانه وليس من الجسد فقط فالختان كان رمزا لمعمودية العهد الجديد كما أشار القديس كيرلس الأول البطريرك الإسكندري الرابع والعشرين (412-444م) فقال إن الختان الروحي يتم في المعمودية مستندا إلي ما ورد في رسالة القديس بولس الرسول إلي أهل كولوسي وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات كو2:11-12 وتكلم أيضا عن الختان القديس أبيفانيوس من آباء القرن الرابع الميلادي وجاء عن الختان في مؤلفات القديس بروكلس أسقف القسطنطينية من آباء القرن الخامس الميلادي وبذلك يروق لنا أن نعرف أن كنيسة العهد الجديد تحتفل بتذكار ختان السيد المسيح الذي أخضع نفسه بتجسده للنواميس الطبيعية وولد من امرأة في ملء الزمان وخضع أيضا للنواميس الطقسية مولودا تحت الناموس فأطاع الناموس واختتن في اليوم الثامن كما جاء في إنجيل القديس لوقا.. ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمي من الملاك قبل أن حبل به في البطن ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسي صعدوا به إلي أورشليم ليقدموه للرب.كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعي قدوسا للرب ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه.وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لايري الموت قبل أن يري مسيح الرب فأتي بالروح إلي الهيكل وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه علي ذراعيه وبارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب (لو 2: 22-31) ومع أن له المجد لم يكن محتاجا لهذا الطقس إنما لكي يعلمنا ويعرفنا أنه شابهنا في كل شيء ماعدا الخطيئة وحدها وإنما أطاع ليكون لنا مثالا في طاعة الشريعة وإتمام كل بر ونحن تذكارا لهذا نحتفل بالختان الذي كان يشير إلي معمودية العهد الجديد كما قال حزقيال في سفره الإصحاح السادس عشر وأستطيع أن أقول إن تاريخ الختان بدأ منذ عهد الله مع إبراهيم وكان أول من احتفل به في العهد الجديد وأول من مارسه السيد المسيح له المجد ثم تحول بنعمته من ختان الجسد وقطعه إلي ختان القلب والروح بالمعمودية ومارس بنفسه سر المعمودية ليكمل كل بر كما قال للمعمدان لذلك تغني الآباء في الختان وقالوا (في ختانه كان أعظم منه في ولادته فإنه بولادته أخذ صورة إنسان أما بختانه فأخذ صورة خاضع مطيع) فالختان هو عيد الطاعة والإيمان والطهارة التي يستمدها الإنسان من خلال ممارسته للأسرار المقدسة فمرحبا به عيدا يربط بين عهدي الكتاب والخليقة ارتفع بالإنسانية من الجرح والألم والدم إلي الاغتسال والراحة والعهد علي الإيمان بمن كان سببا في راحتنا وأصبحنا ندفن معه في المعمودية لنقوم معه في القيامة الروحية منتصرين علي الخطية الجدية وشهوات الجسد معاهدين الرب بجحد الشيطان ومعترفين أنه مخلصنا لذا تفرح الكنيسة وأولادها في يوم السادس من طوبة في كل عام بعيد العهد والطهارة عيد الختان.
المصادر:الكتاب المقدس-سنكسار الكنيسة القبطية-تاريخ آباء الكنيسة-اللآلئ النفيسة-مواقع مختلفة علي الإنترنت.
[email protected]