وسط فرحة المصريين بطي صفحة من تاريخ مصر الحديث في الخامس والعشرين من يناير يطفو علي السطح العديد من المشاهدات…فنحن أمام ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معاني أدارها مئات بالآلاف من الشباب ومن ورائهم الشعب بفئاته من جانب مقابل النظام الحاكم برموزه من جانب آخر. إلا أن طريقة إدارة الأزمة أبرزت انعدام الثقة في النظام لدي ملايين المصريين بعد ثلاثين عاما من الوعود البراقة وشعارات التنمية التي لم تمس حياة المواطن البسيط… وطني استطلعت آراء عدد من شباب 25يناير وخبراء بالعديد من المجالات أملا في إعادة بناء جسر الثقة الذي انهار:
تحقيق المطالب
أشار أحمد عبدالله أحد شباب ثورة 25يناير(حديث التخرج)-24عاما:إلي أن أزمة الثقة كانت موجودة منذ زمن بعيد نشأنا عليها نتيجة لأسباب وسياسات كانت تعمل طول الوقت علي تأكيد عدم وجود الثقة بين المواطنين بعضهم البعض مما انعكس علي مؤسسات الدولة نفسها, وربما تكون أزمة الثقة التي نتحدث عنها الآن خدمتنا في موقفنا ربما لو تركنا الميدان لما حصلنا علي ما نحن عليه الآن.
ستظل حتي….
قالت أميرة وهبة إحدي الفتيات المشاركات في ثورة الشباب(ناشطة حقوقية)-26 عاما:لمسنا أزمة الثقة منذ بداية ثورة25 يناير وحتي الآن في العديد من الشائعات والأقوال التي تعمل علي الهدم أحيانا, كما ردد البعض أن المحرك الأساسي للشباب هو الأجندات الخارجية وليس الإيمان الحقيقي بأن الشعب لابد له أن يغير نفسه بنفسه ويتحرك نحو الديموقراطية والقضاء علي الفساد, وعامل الوقت عليه دور في تحقيق إعادة بناء الثقة والجميع شركاء في تحقيق ذلك المواطنين والحكام.
كيف يثق؟!
وأضاف الدكتور أحمد أبو النور أستاذ الاقتصاديات الحرجة وإدارة الأزمات قائلا: أزمة فقدان الثقة تراكمت منذ فترة طويلة والذي صنعها هو النظام بأجهزته فالنظام منذ ثورة 52 وحتي الآن صنع من المواطن متلقي أكثر منه متفاعل وبالتالي المواطن فقد تفاعله وحيويته علي مستوي الأنظمة المتتالية, ففي عصر الرئيس جمال عبد الناصر كان المواطن مقموعا حتي جاء عصر الرئيس السادات فتحول إلي الحرية وإن كانت حرية شكلية فكل مرحلة كانت تأخذ مزيدا من القمع ثم دخلنا في عصر الرئيس السابق مبارك وهو عصر الأسر أو الجمهوريات الحاكمة.
وعن تجاوز الأزمة أوضح الدكتور أبو النور: لابد من إعادة هيكلة أجهزة الدولة وإعادة النظر لكافة المشاكل السابقة باعتبارها مشاكل هرمية متراكمة, وعلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة العمل علي إعادة بناء الثقة من جديد لما يتمتع به من مصداقية وشفافية.
تصحيح مسار الإعلام
في مجال الإعلام قال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: هناك ضرورة ملحة بتغيير نمط الإعلام لكي يتم التخلص من فقدان الثقة بين الشعب والإعلام المصري بسبب عمليات التضليل التي قام بها الجهاز بحرفية شديدة, وإزالة السلبيات المتراكمة في أداء الإعلام الذي عاني فيه المجتمع المصري بسبب الانحياز الشديد للسلطة وإهمال قضايا المجتمع ومشاكل المواطنين.
يتوقف علي الإجراءات
من جانبها قالت فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة الأهالي: إعادة بناء الثقة سيتوقف علي الإجراءات التي تضمن تحقيق الديموقراطية والمشاركة السياسية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي.
مدونة سلوك
أشار مجدي حلمي الخبير الحقوقي ونائب رئيس تحرير جريدة الوفد: لابد أن يمتنع النظام الجديد عن الكذب علي المواطنين كما كان يحدث في السابق وأن يقتنع أن المواطنين شركاء في صنع القرار وليسوا أعداء, كما لابد من أهمية إصدار قانون لحرية تداول المعلومات, وأهمية إصدار مدونة سلوك بقواعد للموظفين في الدولة يلزم فيها الكبير والصغير وليس المسئولين فقط, وأن يعمل الجميع علي تحقيق المزيد من الصراحة والوضوح والشفافية, وأن تعود الأموال المنهوبة.
الحوار من أسفل
الدكتور وحيد عبد المجيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكد: في حال انعدام الثقة لا يستطيع أحد أن يبني من جديد هذه الثقة فتبني عن طريق التواصل والحوار عن طريق قنوات للحوار وقبول الآراء المختلفة, فهذا عبء ومسئولية علي الجميع والمسئولية الأولي توضع علي عاتق السلطة مع إدراك أن مصر تغيرت في 25 يناير, فلابد من الحوار المستمر مع الشباب فالاستعداد للحوار شئ مهم لإعادة الثقة, لابد أن يكون الحوار من أسفل إلي أعلي وليس كما كان بالسابق من أعلي لأسفل, فيجب ألا ننتظر الثقة أن تأتي من أعلي مرة أخري.
الأداء هو الضامن
من جانبه قال نبيل شرف الدين رئيس تحرير موقع الأزمة الإلكتروني: إن الأداء هو الشئ الوحيد الضامن لإعادة الثقة سواء من المواطنين أو من المؤسسات وأن ننظر إلي المرحلة الحالية علي أنها مرحلة انتقالية وليست انتقامية لتصفية الحسابات القديمة فمصلحة البلد أهم وأسمي من أي مصالح, فنحن نحتاج إلي مراجعة من الذات وتهيئة المناخ العام للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجديدة من خلال مؤسسات حقيقية وليست مؤسسات اسما فقط- وهمية علي حد تعبيره.
المصداقية
الدكتور عصام عبدالله: أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس قال: القاعدة الفلسفية تري أن المصداقية تسبق الصدق بمعني أن يكون الشخص متمتعا بميزة المصداقية فمصداقيته تعكس صدقه, مع التأكيد علي سيادة القانون وتنفيذه هو إعادة الثقة للناس عن طريق الإسراع في تنفيذ الأحكام القضائية لأن البطء في العدالة يعني ظلما, فهناك استعادة ثقة بين الرئيس والمرؤوسين والحاكم والمحكومين عن طريق الشخصيات ذات المصداقية من أجل تحقيق دولة مدنية ديموقراطية دستورية هذا هو الضامن الوحيد لكل ما سبق أما الدولة شبه المدنية, شبه الدستورية, شبه الديموقراطية فليس لها مكان في المرحلة المقبلة.