منذ اندلاع انتفاضة الشباب المصري في 25 يناير, والتلاحم الذي فاق التوقعات بين ثورة الشباب وأغلبية المصريين حيث اعتبر المصريون أن مطالب الشباب هي مطالب الشعب.. ومن يومها تتلاحق الأحداث خاصة بعد تظاهرات الجمعة 28 يناير.. والاختفاء المريب لجميع قوات الأمن والشرطة.. وبروز أحداث العنف والاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة.. ثم نزول الجيش إلي الشارع وخطاب مبارك الأول.. وتعيين نائب للرئيس.. وتكليف وزارة جديدة.. فخطاب الثلاثاء بما حمل من استجابة لبعض مطالب التغيير. فخروج مظاهرات التأييد.. وصولا للصدامات بين المتظاهرين.. عن هذه التطورات المتلاحقة.. وتقييم ما يجري من فعل ورد فعل كان لنا هذه اللقاءات مع بعض الناشطين السياسيين والمفكرين:
التنازلات .. استفزاز
الدكتور أسامة الغزالي حرب مؤسس حزب الجبهة الديموقراطية يقول: كل ما تم الإعلان عنه خلال الفترة السابقة من تنازلات قدمها الرئيس مبارك كان استفزازيا وحتي خطابه الأخير عن عدم وجود نية للترشح مرة أخري وضرورة تغيير المادة 76, 77 من الدستور أمر به النفاق لأن تغيير المادتين في ظل بقاء المادة 88 التي تقضي بضرورة الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات يعني أن هناك احتمالا كبيرا للتزوير وهو ما يعني بقاء كل شئ علي ما هو عليه.
ويستكمل حرب حديثه مؤكدا أن فزع الناس من الفراغ المفاجئ للسلطة ليس له صحة لأن الطبيعي أن يتسلم الجيش مقاليد الأمور إن حدث ذلك ووجود عمر سليمان خيار مقبول لفترة انتقالية لا أكثر ولا أقل.
ويؤكد حرب أنه عمليا لا يمكن استمرار مبارك رئيسا بعد كل ما حدث وإن قبل الناس ذلك نظريا.
د. عمار علي حسن باحث في العلوم الاجتماعية والسياسية يقول: هؤلاء الموجودون في الشوارع لم يستدعهم أحد لذلك.. لا أحد يملك إعادتهم إلي البيوت إلا التغيير, وأعتقد أن الرئيس مبارك لا يتشبث بالحكم من أجل بقائه 6 شهور قادمة أو حتي من أجل الإصلاح ولا من أجل الخروج الكريم وإنما خشية المحاكمة لأن سقف المطالب يتصاعد يوما بعد يوم من الشباب خاصة بعد استشهاد عشرات منهم أمام مبني وزارة الداخلية يوم 28 يناير وهو أمر وحده كفيل بالتقديم للمحاكمة سواء لحبيب العادلي أو للنظام كله.
الرحيل الناعم
فريدة النقاش الكاتبة والمفكرة اليسارية لها رأي آخر فتقول: ما يحدث الآن من انتفاضة تحول جذري في مصر وهو تحول للأفضل بالطبع وفي رأيي أن ما يطلبه الشباب تم بعدها بثلاثة أيام بالفعل فالرحيل حدث فعلا ولكن بصورة ناعمة جدا حتي يكون الخروج كريما بما يتناسب مع طول مدة رئاسة مبارك فكل ما تم من تنازلات وتعيين نائب للرئيس يعني ذلك ضمنيا وحتي أثناء حلف اليميين لم نشاهد الياور يحضر الحلفان وهو ما جعل المشهد يبدو كما لو كان تسليم وتسلم ولكن بطريقة متحضرة تحفظ للرئيس ماء وجهه.
وما حدث من قرارات تالية وعدم تصريح مباشر بذلك ما هو إلا مرحلة وسطية لانتقال سلمي للحكومة -أقول هذا والحديث لفريدة- وليس لدي معلومات لكن هذا تحليلي أن الرحيل تم فعلا.
مبارك قدم الخير كله
أما مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين فله رأي مختلف إذ يقول: أخطأ مبارك.. لكن لا يصل الأمر إلي حد تخوينه وإنكاره وشتمه علي اللافتات فهو الوحيد الذي شهدت مصر حرية التعبير في عهده, وهو الرئيس الوحيد الذي ترك الكتاب والصحفيين يقولون كل ما يريدون علي صفحات الجرائد ولم ينفذ حكما واحدا بالحبس ضد أي صحفي فهو قد يبقي وقد يرحل لكنها كلمة حق أقولها وأنا مؤمن أن هذا الرجل لم يقدم لمصر إلا كل الخير وما أعلنه في خطابه الأخير من استجابة لطلبات الناس كان كافيا جدا, فماذا يريد الثوار هل يريدون الزج بمصر إلي مصير مجهول؟