المصريون ينافسون الأرانب فى كندا!
العالم كله يعانى من المشكلة السكانية، مشكلة تنظيم النسل، على الرغم من ان المشكلة واحدة، وهى عدم مواكبة أو ملاءمة عدد السكان للقوى الإقتصادية ومشروعات التنمية، إلا أن لها وجهان مختلفان من دولة الى أخرى، فالدول الكبرى المتحضرة تعانى من قلة السكان، وبالتالى من تواضع الأيدى العاملة بالنسبة للإقتصاد القومى ووسائل الانتاج، بعكس الدول النامية التى تعانى من زيادة وكثرة عدد السكان بالنسبة للاقتصاد القومى مما يخلق الازمات الاقتصادية ونشر الفقر بينهم، ووجها المشكلة يعبر عن ازمة اقتصادية فعلا لكل دولة، ونستطيع ان نعرف ذلك واضحا من الوضع فى كل من كندا ومصر، فكندا مثلا يبلغ عدد سكانها 34 مليون نسمة، ومساحة ارضها عشرة مليون كيلو متر مربع، ومصر يبلغ عدد سكانها تسعين مليون نسمة، أما مساحتها فتبلغ حوالى مليون كيلو متر مربع.
وبالمقارنة بين البلدين يمكن معرفة المشكلة السكانية لكل منهما، قلة عدد السكان فى كندا، وكثرة عدد السكان فى مصر.
من هنا تفتح كندا ابوابها لشعوب العالم التى تريد الهجرة، ومنها الشعب المصرى بالطبع، فى كندا الآن اكثر من 73 ألف مهاجر مصرى، يمثلون جالية محترمة ومهمة، ويعملون فى شتى مرافق الدولةوحكومتها. وهم ينعمون بالأمن والسلام والحرية، الطريف أيضا أنهم يمارسون هوايتهم فى الإنجاب، وينافسون الارانب فى ذلك،يشجعهم على ذلك نظام الدولة ورعايتها للاطفال الجدد وامهاتهم، فالامهات يلدن فى المستشفيات المتمتعة بكل انواع التكنولوجيا واحدث الاجهزة الطبية مجانا، دون ان يأخذ المستشفى مليما واحدا، كله مجانا، بل ان الام التى تلد عندما تترك المستشفى فانها تستطيع ان تطلب ممرضة لها ولطفلها يوميا فى البيت مجانا ايضا، هكذا تشجع كندا المهاجرين وأبناءها على الإنجاب، ولذلك فان كل مصرى ينجب بالخمسة وأكثر، ويعوض الكبت الذى كان يعانيه فى مصر من تكاليف الحمل والولادة، ومصاريف الاطفال.
كانت كندا تمنح كل طفل مولود مرتبا شهريا لعدة سنوات لكنها توقفت عن ذلك حتى تضبط ميزانيتها، ولكن بعامة فالاطفال سعداء لا يعانون شيئا، وتتوفر لهم الرعاية والعناية والمطالب الرئيسية.
المصريون المهاجرون الى كندا يتمتعون بالحرية الكاملة، ولهم الحق فى استخدام لغتهم العربية الاصلية، وتوجد مدارس عربية لهم، اذا ارادوا، وبعض المصريين يربون أبناءهم وكأنهم فى مصر، على العادات والتقاليد المصرية، ويمنعوهم من الاختلاط بالمجتمع الكندى، خوفا من الحرية الزائدة، وهذا الخوف لا يرضى الابناء فتحدث المشاكل بينهم، كثيرا ما يقول الابناء لوالديهم:
لماذا جئتم الى كندا اذا كنتم تريدون ان نكون مصريين ونحن فى مجتمع جديد، تحرموننا من التمتع بامكانياته؟!
هناك حكاية معروفة فى كندا عن الطفل المصرى الذى ضربه ابوه ضرباً فطلب الطفل الشرطة، ورقمها معروف هناك، وبعد دقائق كان رجال الشرطة يدقون جرس المنزل، وفوجئ الاب بالموقف الحرج الذى وضعه فيه ابنه، لكنه استطاع بسرعة ان ينقذ نفسه فضحك مع ابنه، وامرته الشرطة بالا يضرب ابنه مرة اخرى، واللا تأخذه الشرطة وتحرم اباه منه، وبعد الحادث قام الاب باجازة لزيارة مصر مع ابنه، وبمجرد وصوله الى القاهرة اخذ يضرب ابنه ويوبخه على استدعائه الشرطة فى كندا، هكذا لم يستطع الاب ان يتحمل الحرية الشخصية لابنه، فكيف يستطيع العيش مع القوانين الاخرى.. القوانين فى كندا ايضا تحترم المرأة وتعطيها حقوقا كالرجل تماما، وهذا مما يضايق بعض المهاجرين اتباع ( سى السيد) الذين يريدون ان تكون المرأة خادمة لهم، واذا حدث، لاسمح الله، انفصال او طلاق فان الثروة تقسم بالتساوى بين الزوجين، وهو ما لايرضى الرجال المصريين غير المستنيرين، واكثر من ذلك فالرجل الذى يعتدى على زوجته، او يتدخل فى حريتها، يمكن لها ان تستدعى الشرطة، التى تفعل الكثير للمحافظة على الزوجة!.
المهم ان المهاجر لابد وان يتفاعل مع مجتمعه الجديد، ويدفع ابناءه ايضا لكى يكونوا ابناء هذا المجتمع الجديد، ويمكن له ان يوجههم التوجيه السليم وبحب، وقد سمعت عن الشاب المصرى الذى اراد ان يضع قرطا فى اذنه، لكل الشباب هنا، لكن والده منعه من ذلك، بل وقال له: ان فعلت ذلك فاترك البيت لانك لن تكون ابنى!.
وهناك فتاة مسلمة ارادت ان ترتدى الميكروجيب مثل كل بنات كندا، لكن والدها هددها لو فعلت ذلك ستعود مرة ثانية لمصر وسأجعلك تتنقبى هناك!.
لكل بلد عاداته وتقاليده الشعبية فى حياته، منذ ميلاد الانسان حتى وفاته، ويدخل فى ذلك الطعام والشراب واللباس والاحتفال بالميلاد والزواجوالنجاح والموت وهكذا فى قلب مدينة( مونتريال) يوجد مبنى يتكون من ثلاثة طوابق اصفر اللون، عرفت انه مكان اعداد الراحلين للدفن، اى مثل الحانوتى عندنا، لكنه مكان نظيف يقدم الخدمات للموتى حتى يعدهم للرحلة الاخيرة والاستقرار، الطريف ان هذا المكان مخصص ايضا لتجميل الموتى وعمل مكياج لهم وسشوار وكل شئ، حسب ارادة اهل الراحل الكريم، وبعض الاسر تطلب مكياجا كاملا للميت أو نصف مكياج، وكل بثمنه وتكاليفه، اما سبب الماكياج فهو لانه من عادات الكنديين هنا، هو وضع الميت فى قاعات وصالات خاصة للعزاء، لمدة ثلاثة ايام حتى يبقى الاقارب والاصدقاء نظرة الوداع الاخيرة عليه، هذه تقاليدهم وهى تختلف اختلافا كليا عن كيفية التعامل مع الميت فى الهند وبعض دول اسيا مثلا، يعرفنا الرحالة المغربى(ابن بطوطة) الملقب بشمس الدين، الذى عاش بين السنوات 1304-1377 ان الهنود يحرقون جثة الميت، وان الذى يقوم بذلك هو ابن الميت او اقرب انسان اليه، وهذه عاداتهم وتقاليدهم التى يجب ان نحترمها، واكثر من ذلك، كما يقول ابن بطوطة هو حرق زوجة الميت معه، وكان هذا تقليدا متبعا، لكنه تتطور واصبحت الزوجة، زوجة الميت، تحرق او تعيش حسب رغبتها، لكنها اذا رغبت فى الحياة وهربت من الموت مع زوجها، فالمجتمع ينظر اليها كامراة غير وفية وقد حضر ابن بطوطة حفل حرق زوجة الميت، وهو بصفة لنا فى كتابه: تحفة النظار فى غرائب الابصار وعجائب الاسفار،وصف يقشعر به الانسان، ويشيب له الوجدان، لكنها عاداتهم وتقاليدهم.
العادات والتقاليد الشعبية لشعوب العالم تشمل ايضا الطعام والشراب، فهناك شعوب تتناول الطعام ما لاتقبله شعوبا اخرى او تستسيغه، ففى بعض دول افريقية يأكلون لحم وراس القرود، لكننا لا نفعل ذلك لقرب الشبة بين الانسان والقردة، او الايمان البعض بان الانسان اصله قرد.
فى كندا احب تناول الطعام فى سلسلة مطاعم: فولام Fulam الصينية، وهى تقدم البوفيه المفتوح الغنى بكل الطعام والشراب والحلوى، واللحوم المختلفة والسمك والجمبرى، وكل ما يخطر على بالك، فى احدى زيارتى لهذا المطعم منذ عدة سنوات، وجدت على المائدة نوع جديد لا اعرفه من اللحوم وسألت: وعرفت انها لحوم الضفادع، وانا احب واهوى الاسفار والرحلات، ومن بالمثل الانجليزى الذى يقول: اذا كنت على سفر فيجب ان تكون لك عينا صقر، واذنا حمار، وفم خنزير لتأكل كل شئ، وظهر جمل، وساقا معزة، كل هذه الشروط حتى تستمتع برحلتك، وانا احب ان اجرب كل شئ فى اسفارى، وشعرت بالرغبة فى تناول لحم الضفادع لتجربتها، ولماذا لا افعل ذلك وقد احبها ناس كثرين من قبلى، بل هى الاكل الشعبية الاولى فى باريس.
مددت يدى وتناولت لحم الضفادع دون خوف، وشعرت ان لحمها عذب جميل طيب، بل هى تذوب فى الفم من جماعها ولذتها، واصبحت مدمنا للحم الضفادع، وانت عندما تتناولها فانك لن تجد رأسها ومنظرها الذى نراه عليه وهى حية، بل انك تجد مجموعة من العصى وقد رشقت فيه لحم الضفدع فخدة وصدره، مرة اخرى اقول لك اننى استعذبها واستمتع بها، ارجوك الا تتهكم على او تشهق او تتعجب، وما يمكن ان تفعله هو ان تجرب تناول هذا الطعام اللذيذ، الضفادع.
والطعام عادة، واذا كنا قد نشأنا فى مجتمع ياكل القطط والكلاب لفعلنا ذلك، فهناك شعوب تفعل ذلك، ففى الصين يأكلون مثلا كل ما يمشى على الارض ماعدا السيارات! وبالهنا والشفا.