حقيقة صعود السيد المسيح إلى السماء، هي حقيقة ثابتة من نصوص العهد الجديد، وهي تعلٌم أن السيد المسيح رُفع إلى السماء وهو يتمتّع بنفسه وجسده بمجد أبدي ويشفع بنا لدى أبيه السماوي
حقيقة صعود السيد المسيح إلى السماء، هي حقيقة ثابتة من نصوص العهد الجديد، وهي تعلٌم أن السيد المسيح رُفع إلى السماء وهو يتمتّع بنفسه وجسده بمجد أبدي ويشفع بنا لدى أبيه السماوي.
١ – حقيقة الصعود : أقام السيد المسيح – بعد قيامته من بين الأموات – أربعين يوماً قضاها مع تلاميذه يعلّمهم ويثقفهم في شئون ملكوت الله.
ولما حان وقت مغادرته إياهم جمعهم في بيت عنيا، ويقول التقليد أنه أنبأهم في هذا المكان عن خراب أورشليم، وبمجيئه الثاني المجيد. وكان قد أثبت لهم قيامته، فأتاح لهم أن يلمسوا يديه ورجليه وأن يقاسموه الخبز والسمك، بعد أن ظنوه خيالاً وألقى الرعب في قلوبهم ( لوقا ٢٤:٣٦-٤٣).
وبعد ان زوّدهم بوصاياه الأخيرة، وذكّرهم بما كان قد أفضى إليهم من حقائق، وعدهم بأن يرسل إليهم روحه القدوس، وطلب منهم أن يمكثوا في المدينة إلى أن تنزل عليهم القوّة من العُلى. ( لوقا ٢٤:٤٩ ).
ثم “رفع يديه فباركهم، وبينما هو يباركهم، انفصل عنهم ورُفع إلى السماء. فسجدوا له، ثم رجعوا إلى أورشليم وهم في فرح عظيم. ( لوقا ٢٤: ٥٠ – ٥١ ).
2 – صعد السيد المسيح بنفسه وجسده إلى السماء وجلس عن يمين الأب :
إن الله روح، والكتاب المقدس استعمل هذه العبارة ليدلّ على مقام السيد المسيح في السماء.
ذلك ان يسوع لم يدخل السماء بوصفه ابناً لله وحسب، بل بوصفه ايضاً إنساناً كامل الناسوت.
فبوصفه إلهاً ملازم الله الآب يشاطره السلطان منذ الأزل، ويوصفه إنساناً يجلس عن يمينه، ويعني هذا الجلوس أنه نال المجد الذي تتمتع به الألوهية.
وهذا ما أشار إليه المعلّم الملائكي القديس توما اللاهوتي، بعد القديس اوغسطينوس بقوله : ” ان الجلوس عن يمين الآب معناه التمتع بالملكية على السماء والأرض، ومشاطرة الآب السيادة المطلقة على الكائنات بوصفه إلهاً وإنساناً معاً.
فالصعود اذاً تتمة للقيامة. لقد تمجّد الله بقيامة ابنه وغلبته وانتصاره على الموت، وهو يتمجد بصعوده بقوته الذاتية وبجلوسه عن يمينه. وهو يواصل من علوّ سمائه عنايته بكنيسته، ويُعنى بها بوصفها جسده الرّي الذي نحن أعضاؤه، ويتابع التوسل إلى ابيه من أجلنا، فيضع أمام ناظريه جراح يديه ورجليه وقلبه المطعون استعطافاً واستمطاراً للغفران والبركة “.
وإذا كان السيد المسيح قد صعد إلى السماء، فلكي يصعدنا بعده ولذلك قال : ” فاذا رفعت من هذه الأرض، جذبت إليّ الناس أجمعين “.( يوحنا 12 : 32 )
وقد أعطانا جسده ، في سر القربان المقدس، عربوناً لهذا الصعود، وقد ترك لنا مسلكاً نقتدي به وهو الذي تواضع فتمجّد، كما يقول القديس بولس الرسول : ” فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب، لذلك رفعه الله، ووهب له الاسم الذي يفوق جميع الأسماء، كيما تجثو لإسم يسوع كل ركبة في السماء وفي الأرض وفي الجحيم، ويشهد كل لسان أن يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب ” ( فيليبي 2 : 8 – 11).
أيها الرب يسوع، ارفع قلوبنا وعقولنا إليك بانتظار أن نُرفع على مثالك إلى السماء لنجلس عن يمينك أنت الجالس عن يمين أبيك.