لازلنا نقرأ كل يوم عن مأساة المصريين العاملين في ليبيا وما يلاقونه من اختطاف وسرقة وتعذيب وقتل ومعاملة مهينة تتنافى مع كل بنود ومواثيق حقوق الإنسان الدولية والعالمية, ولا أدري لماذا نحن صامتون على هذه الإنتهاكات اليومية للمواطن المصري البسيط الذي ترك أسرته وأهله وكل ما لديه بحثا عن توفير قوت يومه ،
لم يرتكب أحدا منهم أي خطأ أو جريمة ليعاقب عليها بأشد أنواع العذاب والتدمير ،بل جميعهم مسالمون ومخلصون في عملهم يتطلعون لمستوى معيشة أفضل لهم ولأولادهم.
لقد تكررت حوادث ممارسة العنف والقتل مع المواطنين المصريين وأخرها حادث قتل الأقباط السبعة الذين هم أبرياء لم يفعلوا شيئا سوى أنهم يعتنقون الديانة المسيحية ، ظلت أيدي الشر تطاردهم من مكان لآخر حتى تمكنت من تصفيتهم جسديا بلا رحمة أو شفقة … ولازلنا حتى يومنا هذا نسمع ونقرأ عن مصريين آخرين محتجزين هناك يتم اختطافهم من جانب ملثمين ومجهولين للسطو المسلح عليهم وسرقتهم, ثم بعد ذلك ترحيلهم إلى مصر في ذل و إنكسار.
لماذا أصبح المواطن المصري رخيص إلى هذه الدرجة ؟ ومن هو المسؤول عن ضياع حقوق هؤلاء بطريقة دفعت هذه الجماعات المسلحة إلى الإستمرار والتمادي في أفعالهم الإجرامية دون عقاب رادع ؟ وما موقف السفير الليبي بالقاهرة إزاء كل ما يحدث ؟ ألا يوجد عبارات يرددها سوى الإعتذار عن كل جريمة خطف أو سرقة أو قتل يتعرض لها شبابنا في ليبيا؟ ألا يمكنه الإتصال بحكومته لإتخاذ إجراءات قانونية مشدده لعقاب هؤلاء ليكونوا عبرة لغيرهم من المجرمين؟
ولماذا تقف الخارجية المصرية صامته على جميع هذه الإنتهاكات اللاانسانية؟ وماذاهم ينتظرون؟ إنهم ينتظرون بمطار القاهرة لإستقبال جثامين الشهداء أو من يتم ترحيلهم عنوة بعد سرقتهم والإعتداء عليهم ، إنهم ينتظرون فقط لتقديم واجب العزاء على أرواح الضحايا بين فترة وأخرى ، ولا يجدون حلا لهذه الظاهرة سوى أنهم يشجبون ويستنكرون أفعال القتلة وسافكي الدماء؟
هل تعتقدون أن رفض ما يحدث وإدانته من خلال تصريحات إعلامية كافي لإسترداد حق هؤلاء الشهداء؟ أم أن التزام الخارجية المصرية موقف الحياد هو السبيل للحفاظ على حقوق المصريين في الفترة الراهنة ؟
لا أريد أن أسكب زيتا على النار ولكن كل ما أريده إجراءات قانونية رادعة من جانب الحكومة المصرية وتشكيل لجنة تحقيق دولي لمعاقبة الجناه وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لغيرهم ، أما على مستوى الشأن الدبلوماسي لابد من اتخاذ موقف واضح بسحب جميع أفراد العمالة المصرية من ليبيا وقطع أي علاقات تجارية أو اقتصادية بين البلدين حتى تتمكن هذه الدولة وغيرها من الدول التي تسيء للعمالة المصرية أن تتفهم طبيعة التعامل مع المصريين بشكل محترم وبأسلوب يليق بأبناء مصر أصحاب أول حضارة في التاريخ.
ما يحدث اليوم هو إنهيار كامل لكافة الحقوق الإنسانية للمواطن المصري، إننا نعيش زمن الغاب والبقاء للأقوى …ولم يعد هناك مجالا للتراخي في هذه القضية لابد أن نصنع لأنفسنا كيانا جديدا وأن تدرك الشعوب العربية أن المواطن المصري هو العامل والصانع والزارع الذي يتعب ويكد ليحقق لهم الإنتاج الوفير، وأنهم لو قادرين على الإنتاج بمفردهم لما أستعانوا بالمصريين للعمل لديهم ، اننا لسنا بعبيد يزج بنا بلا كرامة … ولن نقبل أن نكون طرفا في صراع داخل الأراضي الليبية لا دخل لنا فيه، ولن نرضى أبدا بالذل والإنكسار.