حال وزارة التربية والتعليم تنطبق عليه المقولة السائدة “إما صيف أو شتاء” أي الحر الخانق أو البرد القارس. لا مجال فيه لتغيير الفصول عبر “خريف” يودع الصيف تمهيدا للشتاء أو “ربيع” يمهد لفصل الصيف بعد شتاء. منذ سنوات خلت, وبالأخص خلال تولي الدكتور حسين كامل بهاء الدين, كانت هناك حملة معلنة ضد التطرف في المناهج التعليمية, وفي هيمنة الإسلاميين علي عملية التدريس في الفصول, وكان الحل هو تعديل للمناهج, لم يكن شاملا, واستبعاد المدرسين الإسلاميين إلي وظائف إدارية. وكان ينظر إلي التعليم بأنه منطقة صيد بين نظام مبارك والتيار الإسلامي. ولكن ظلت المدارس والجامعات شبه خالية من أي فكر للتقدم, تقع تحت هيمنة وزارة التعليم, التي لم تكن تشجع أية مبادرات مجتمعية.
اليوم, تتحول المؤسسات التعليمية تدريجيا من محاربة الإسلاميين إلي الحديث باسمهم. أسئلة الامتحانات في مراحل التعليم المختلفة تعكس تأثرا بصعود التيار الإسلامي في الانتخابات. موقف غريب, بعد أن كان التيار الإسلامي محل ترصد ومكافحة في مؤسسات التعليم, أصبح محلا للحديث والاحتفاء.
لا نريد أن نستبدل نظام إسلامي بنظام مبارك. أي تتحول المدارس والجامعات من خدمة مبارك إلي خدمة الإسلاميين. هذه ليست وظيفة التعليم في دولة حديثة. التعليم يعلم, وينقل قيما, ويربي ثقافيا.. التعليم يدرب الطلاب والطالبات علي الحياة المدنية, والمشاركة, والقدرة علي التفاعل مع الحياة العامة. لا ينبغي أن نضع حزب الحرية والعدالة محل الحزب الوطني المنحل. لا هذا كان صحيحا, ولا هذا صحيح أيضا.
التعليم ينبغي أن يكون لمواطن, بصرف النظر عن اتجاهاته الفكرية, مؤسسة علي الحياد في التربية والوجدان. لم نسمع يوما في بريطانيا مثلا, وهذا مجرد مثال علي الدول الديموقراطية أن كان التعليم في خدمة حزب أو تيار سياسي أو يتغير بتداول الأحزاب علي السلطة.
قد لا يكون حزب الحرية والعدالة مسئولا عن ذلك, ولكن بالتأكيد هناك جينات داخل الأجهزة البيروقراطية لنفاق, وخدمة من هم في السلطة أيا كانوا يتعين مكافحتها. المطلوب الحياد في الخدمات العامة, لأن السياسة متغيرة, بينما مؤسسات المجتمع باقية, وفي مقدمتها التعليم.