أكد حقوقيون وسياسيون أن صدور القانون الموحد لدور العبادة أصبح مطلبا وطنيا للتصدي لظاهرة الاحتقانات والعنف الطائفي المتزايد خلال الفترة الأخيرة التي شهدت مصادمات أغلبها بسبب أمور تتعلق بممارسة الأقباط لشعائر دينية وترميم كنائس واتفق الجميع علي أن صدور القانون لا يعني أنه حل لكل المشكلات وإنما يلزمه تغيير في ثقافة المجتمع بما يدعم فكر المواطنة وحرية الاعتقاد وتخوف البعض أنه في حالة صدور القانون ربما لا يجد تنفيذا كاملا لأن بيئة المجتمع مازالت تشوبها أفكار ترفض الاعتراف بحرية الديانات للآخر ويعززها التدخلات الأمنية في حماية هذه الأفكار وعدم خضوعها للقانون..
القانون الموحد لبناء دور العبادة – موجبات ومعوقات كان هذا عنوان الندوة التي نظمتها مجموعة مصريون ضد التمييز الديني للوقوف علي الأسباب الحقيقية في تأخر صدور القانون الموحد لبناء دور العبادة وعدم وضعه علي أجندة مجلس الشعب منذ طرحه من خلال مشروعات متعددة تقدمت بها عدة جهات وأفراد منها المجلس القومي لحقوق الإنسان ومشروع لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب ومشروع حزب الإصلاح والتنمية, حيث فجرت الندوة خطورة استمرار تأخر القانون في ظل حالة العنف الطائفي الذي يتكرر بشكل أسبوعي داخل مناطق متفرقة في مصر, حيث حضر اللقاء الذي لقي اهتماما إعلاميا كبيرا كل من الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشوري و منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وأنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية (تحت التأسيس) وعصام حسن الباحث بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وحسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وأدار الندوة الدكتور منير مجاهد المتحدث باسم مصريون ضد التمييز الديني فماذا قالوا:
الدولة لا تتسامح
قال د. منير مجاهد: المجتمع أصبح يمر بأزمة نتيجة زيادة مظاهر التمييز الديني ولاسيما اتجاه دور العبادة وهو ليس بموضوع جديد لأنه تم طرحه من قبل ضمن لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب والتي عرفت بلجنة العطيفي في 1972 عقب أحداث الخانكة وانتهت اللجنة وقتها ضمن توصياته لإزالة الاحتكاك وإثارة الفتنة بضرورة وضع إجراءات ميسرة لترخيص الكنائس دون الكفاح للوصول للرئاسة للحصول علي تراخيص. وأشار مجاهد أنه من الواضح أن الدولة لا تتسامح في عملية بناء الكنائس بشكل يظهر حسن نيتها وهذا يتناقض مع الدستور في مادته 46 التي تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية ولذا جاءت توصيات لجنة العطيفي منذ 39 عاما ولم تأخذ الدولة بتوصياتها حتي يومنا هذا رغم طرح العديد من مشاريع قوانيين لبناء دور العبادة الموحد ولكن هذا القانون لم ير النور حتي الآن رغم تزايد الأحداث الطائفية في الفترة الأخيرة وهو ما يدعونا التساؤل حول أسباب تأخير صدوره؟.
صياغة جديدة وتساؤلات
أكد منير فخري عبدالنور: الموضوع يبدو وكأنه شانه طائفي وهو في حقيقته شأن وطني لأن هذا القانون زادت أهميته خلال الفترة الأخيرة لأن أغلبية الأحداث الطائفية التي وقعت في محافظتي المنيا وبني سويف خلال أشهر مايو ويونية ويوليو 2009 جميعها بسبب استخدام الأقباط لأماكن ممارسة الشعائر الدينية ولذا أصبح القانون بؤرة اهتمام الوحدة الوطنية وبات الجميع علي أمل إن صدور هذا القانون سوف يكون حلا لهذه المشكلات وفي المجلس القومي كعضو فيه بحثنا وتقدمنا بقانون في 2007 وأحيل لمجلس الشعب عن طريق د. أحمد أبو المجد الذي سلمه ليد د. فتحي سرور رئيس المجلس, وتحدثت بعدها د. ليلي تكلا مع د. مفيد شهاب الوزير المختص بشئون مجلس الشعب وتقدمت د.جورجيت قليني بمشروع قانون الذي هو جزء من لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب التي يرأسها د. محمد جويلي ولكنه لم ير النور أيضا, فالأحداث الطائفية الماضية تدفعنا لضرورة سرعة مناقشة هذه القوانين ولذا قمنا بالمجلس القومي بإعادة صياغة القانون بشكل جديد في بداية هذا العام 2009 وتقدمنا به لمجلس الشعب مرة أخري وكانت أهم الملامح الرئيسية للصياغة الجديدة منها أولا: مشروع القانون يساوي بين جميع دور العبادة المعترف بها في مصر.
ثانيا: القرار الصادر لبناء دور العبادة من اختصاص وزير التنمية المحلية بعد أخذ رأي المحافظ التابع له دور العبادة.
ثالثا: قرار التوسع أو الترميم والتعلية من اختصاص الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية التابع لها دور العبادة.
رابعا: علي الجهة الإدارية الرد خلال شهرين علي طلب الترخيص وفي حالة عدم صدور قرار مسبب بالرفض يعتبر القرار موافق عليه.
خامسا: الطعن في قرارات الجهة الإدارية برفض الترخيص أمام القضاء الاداري الكائن لدار العبادة.
سادسا إنشاء دوائر مستحدثة بالإدارية العليا للنظر في الطعون علي أحكام القضاء الإداري.
سابعا: تخصيص مساحات مناسبة في مجتمعات الأراضي العمرانية الجديدة لدور العبادة.
أضاف عبدالنور: هناك بعض العلامات الصعبة حول هذه النقاط التي أثارت خلافا بالمجلس ومنها لماذا وزير التنمية المحلية وليس وزير الإسكان وخاصة في ظل المناخ السائد وهل يمكن الثقة في هذه القرارات, وهل يمكن تجاهل دور المؤسسات الدينية في أخذ الرأي عندما نصدر تراخيص لدور العبادة, حيث قال بعض الأعضاء: نريدها مدنية ولا دخل للمؤسسات الدينية ولكن قانون المساجد يقر بضرورة أخذ رأي وزارة الأوقاف لتحديد خطيب وهناك مشكله في نقص أئمة المساجد وقال وزير الأوقاف لا يمكن تجاهلهم وإلا سيحدث مثل ما فعله ماكس ميشيل, والنقطة الثالثة هل يمكن تجاهل الجهات الأمنية فهناك من يقول نعم لأنها أساس المشكلات والبعض يقول إن هناك بؤر توتر ولا يجب تجاهل الأمن, وهل يمكن في ظل الظروف الثقافية المساواة بين الكنيسة والمسجد فالعقل يقول نعم ولكن الشارع يرفض ورغم هذه الخلافات الاتفاق علي ضرورة صدور القانون.
أشار عبدالنور: من يظن صدور القانون سيحل كل المشكلات فهذا وهما دون شك لأن الثقافة السائدة تدعو للتشاؤم بداية من مناهج تعليم مخيفه لمن يدرسها وكل من حاول تصححيها فشل في هذا, فضلا عن المناخ الذي يشكله حالة الإعلام الذي لا ينتج عنه سوي هذه الأوضاع وما يحدث الآن من أزمة النقاب الوحيدة التي يناقشها الإعلام يوضح هذه الثقافة الرجعية والذي ينعكس علي مجلس الشعب ذاته الذي لا يرغب في طرح هذا القانون لأن المجتمع ليس لدية الإستعداد لتنفيذه لأنه غير مؤمن بالمساواة فهو ينظر لغير المسلم علي أنه كافر وانتهي حديثه بأنه نحن في حاجه لتنظيم وتنفيذ القانون لبناء دور عبادة موحد و في حاجه لدولة في ظل تشرذم المجتمع ورغم الأمل إلا أن هذا القانون سوف يجد معارضة داخل مجلس الشعب من نفس الأعضاء الذين عارضوا فاروق حسني وزير الثقافة عندما أثار قضية الحجاب ولو صدر القانون لا اعتقد حدوث تغير كبير لأن المجتمع لن يتقبله.
الأزمة في الإرادة السياسية !
تساءل أنور عصمت السادات: هل نحن في احتياج لقانون موحد؟ هذا مطلب منذ لجنة العطيفي التي أوصت ببناء الكنائس وأشياء أخري لإزالة الاحتقان ومازالت كما هي حتي اليوم وكأن التقرير صدر اليوم علي عكس بناء المساجد التي تتم بصورة عشوائية ويبني منها بالأراضي الزراعية أو أسفل المباني والمساكن دون موافقة الأوقاف وخاصة في الريف المصري وهي مسألة تحتاج لتنظيم أيضا, والواقع أن القانون ليس له ضرر للمسلمين ولا يخالف الشريعة فالدين يقول لا إكراه في الدين وأيضا الدستور واضح بهذا الشأن في مواده التي تنص علي المساواة, إذا المشكلة تقع في عدم وجود إرادة سياسة وربما البعض يتحجج بوجود الإخوان بمجلس الشعب وهذا غير صحيح حيث صدرت قوانين أصعب من هذا فلو أراد الحزب الوطني تمرير القانون لحدث في ساعة واحدة!.
وأضاف: زيادة الحوادث كثرت وخاصة الصعيد وهي تنذر بضرورة وجود تنظيم وقانون ولكن ليس بالقانون وحده ولكن أيضا بثقافة مستنيرة وإعلام وتعليم وهي مسئولية مجتمع كامل وتقدمت في 18 مارس 2007 بمشروع لمجلس الشعب بقانون موحد لدور العبادة وقيل صراحة إنه لن يناقش الآن وفي لقاء مع الأقباط في نيوجيرسي تم مناقشة هذا الأمر وتم الإعادة بالتقدم في 25 يناير في 2009 عن طريق النائب طلعت السادات ولكن لم ينظر له والحقيقة أن الموضوع غير مرتبط بالمجلس ولكن بالرغبة السياسية لذا يجب مواصلة الضغط ورفع المطالب دون يأس لأن هذه قضية وطنية وأشيد بهذا بما حدث بعزبة النخل يوم 11 سبتمبر عندما تجمع الأقباط مع القس متياس نصر لزيادة المطالب حول هذه الأوضاع العاجلة لأن القانون سيحتاج لوقت طويل وتنفيذه لأن الموضوع ليس في الحزب الوطني ولكن أزمة أكبر منه متمثلة في جهاز أمن الدولة الحاكم الأول لمقاليد الأمور في دولة بوليسية!.
متلازمة الدولة الدينية البوليسية
قال عصام حسن: أري ضرورة وجود قواعد واحدة لجميع معتنقي الأديان علي أسس متساوية دون تمييز رغم صعوبة الأمر في مصر وهو ما يذكرنا أن القانون في حالة صدورة لن يكون الحل السحري للأقباط لأن الكنائس المرخصة أيضا تتعرض للإعتداءات وتخضع لحصار أمني الذي أصبح ملازما لدور عبادة الأقباط, فالقضية ليست في القانون ولن يكون الحل الجذري لأن المشكلة أكبر من صدور قانون موحد ومن يطلع علي تقارير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية يجد أن 30% من العنف الطائفي مرتبط بدور عبادة غير مرخصة لكن ماذا نفعل في 70% منها دور عبادة مرخصة أو خلافات علي أشياء بسيطة تنقلب بإعتداءات علي الكنائس المرخصة أو منازل ومتاجر الأقباط عندما تقع مشاجرات معتادة.
أضاف: المشاريع المقدمة للقانون تضع الأمر في يد الدولة أيضا لأنها تدور في نفس الإطار, ورغم ذلك فالدولة لم تتجاوب مع هذه المشروعات المقدمة لأن هناك أزمة تعيشها مصر ناتجة عن تلازم الدولة الدينية والدولة البوليسية وهذا يدفع لغياب الإرادة وضعف شرعية الدولة التي تسعي لإستمدادها باستخدام الدين وتوظيف المؤسسات الدينية وفي جميع الأحوال الشرطة تتواجد لحماية هذه الشرعية المتآكلة ويدفع بهذا المزج بين الدولة الدينية والبولسية أن يجعل مسئولا في وزارة الداخلية يصرح أن أجهزة الأمن تملك الحق في القبض علي المجهرين بالإفطار في رمضان دون معرفة السند القانوني, وكذلك القبض علي الشيعة, فقمع الحرية الدينية لا يقف عند الأقباط والبهائيين فقط, بل يمتد داخل مذاهب ومدارس فقهية في الإسلام ذاته وهذا نموذج يشبه ما تلعبة الشرطة السعودية.
أشار حسن: نحن نحتاج لمعرفة موقف الدولة من الحريات بشكل عام ومنها حرية الدين ولاسيما أن أحداث العنف الطائفي التي وقعت لم يطبق فيها القانون, حيث بالفعل يتم اعتقال أشخاص من الطرفين لحين قبول الصلح دون الاحتكام للقانون وأيضا ما حدث مع البهائيين في صدور أحكام لم تنفذ لهم بل ما وقع ضدهم من أحداث إجرامية بقرية الشورانية كان بتحريض من أعضاء بالحزب الوطني وأعقبها مطالبة أعضاء مجلس الشعب طرح مشروع لتجريم البهائية وعقاب الذين يجهرون بالإفطار في رمضان وهذا مؤشر أن الدولة ليس لها النية للنظر في قانون العبادة الموحد بجدية في ظل هذا التشدد الواضح من أعضاء المجلس, بل تتواطأ وتتقاعس مع الفكر المتطرف وتعززه من خلال الإعلام والتعليم هو جزء من مسئوليتها.
فضلا عن استمرار العمل بالمادة الثانية من الدستور التي سمحت بهذا المناخ والتطرف ووصلت إلي الأحكام القضائية من مجلس الدولة فيما يتعلق بالحريات الدينية وإجراءات الأسلمة وإصدار أحكام علي أسس إسلامية, مما يعطي مؤشرا بقرب إعلان الدولة الدينية الذي سوف يعلن ليس علي يد السلفيين بل رسميا علي يد الحزب الوطني.
التطرف الفكري !
في كلمته أشاد د. شوقي السيد بالعمل المدني في هذه القضية قال: اعتبر نفسي عضوا في مصريون ضد التمييز الديني وأتمني تسجيلها بشكل رسمي لأنها منظمة قومية, وأجد أن المشكلة لا تقع في دور العبادة ولكن في التطرف الفكري المتصاعد ولذا يجب مناهضة أي تمييز علي أساس الدين, وأرفض أن نحمل الخط الهمايوني الصادر 1856 ما يحدث الآن لأن هذا الخط تحدث عن تثبيت المساواة واحترام العقيدة علي عكس ما يروج ضده لأن حرية العقيدة والمساواة لم تكن مشكلة من قبل ولكن زيادة التطرف الفكري في وسائل الإعلام والتعليم رسخت هذا التطرف ضد الآخر فضلا عن خلط الدين والسياسة زاد من سوء الاوضاع .
أشار د. شوقي: مشروع القانون الموحد للعبادة ليس علي خريطة مجلس الشعب ولم يدخل إلي وزارة الإسكان إذ لا يوجد مشروع حتي الآن, فمازالت جميعها مشروعات تخرج في شكل توصيات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان فقط ولم يدخل في ترييب البرلمان حتي العام المقبل وهو ما يدفع بضرورة زيادة الضغط المدني لتحريك هذا المشروع لمنصة البرلمان لخطورة الأوضاع التي تنذر الآن بكارثة مستقبلية تهدد وحدة المجتمع.
محنة بناء كنيسة
قال حسام بهجت: القانون في حالة صدوره سيكون محدودا في تأثيره ولكن نحن مع إصدار القانون الذي هو بالأساس سيكون تحقيق مصلحه رمزية بإعلان رسالة بأن الدولة محايدة في الحرية الدينية أما فما وراء هذا المغزي هناك حاجة لدراسة الأوضاع ورغم أن مطلب إصدار تشريع يقال أنه جاء مع العطيفي لكن في الحقيقة يوجد حكم في 1952 صادر عن مجلس الدولة من سنهوري باشا بأنه يجب إصدار تشريع يبسط وينظم الإجراءات الخاصة بدور العبادة فهو مطلب قديم ومتجدد.
وتساءل بهجت: هل مشكلة الأزمات الطائفية المرتبطة بدور العبادة تقع في عملية عدم صدور تصاريح بناء كنائس أو ترميم؟ هناك كنائس حصلت علي تصاريح ومنها تصاريح رئاسة الجمهورية وهم غير قادرين علي تنفيذها لسنوات طويله. ورغم أن ترميم حائط أو جزء في مبني لا يحتاج لقانون أو ترخيص أو حتي إخطار لأي جهة فهناك كنائس تصارع لسنوات طويلة للحصول علي هذه التصريحات وهناك كنائس آيلة للسقوط ويخاطر المصلون بحياتهم تحتها وعلي سبيل المثال انهيار سقف كنيسة بسوهاج علي المصلين أودي بحياة 8 أشخاص العام الماضي وتم رصدها بتقرير المنظمة والحقيقة أن الكنيسة لا تقوم بالترميم مباشرة لأنها لا ترغب في التصادم مع الأمن أو خسارة العلاقات معه حتي لا يوقف أي أعمال كثيرة مستقبلا لذا يفضل القائمون علي الكنيسة المخاطر بحياة المصلين عن قطع العلاقات مع الأمن وهناك حالات موثقة بتقارير المبادرة تثبت ذلك.
أشار بهجت: أتخوف من القانون ألا يتجاوز المغزي الرمزي لأن هناك تجربة 2005 في صدور قرار بتفويض المحافظين بالترميم وهذه تجربة واقعية ونموذج حقيقي للقياس منذ صدوره خلال 4 سنوات وإلغاء شرط صدور قرار الجمهورية للترميم وأوصي أن رد المحافظ علي الترميم لا يتجاوز 30 يوما وفي حالة الرفض يكون مسببا ولم يحدث أي شئ حيث أن 90% من المشكلات التي وقعت بسببها أحداث عنف كانت مرتبطة ترميم كنائس فتجربة قرار 2005 تؤكد أن المشكلة لا تقع في القانون حيث أن عشرات الكنائس التي تقدمت بطلب ترميم لم يتم الرد عليها ومنها صدر قرار بترميمها ولكن لم ينفذ نتيجة دواعي أمنية حسب رواية الأمن الذي تقع في يده كافة الأمور وعادة ما يوقف كافة الإجراءات.
أضاف بهجت: إذا اتفقنا أن القانون وحده لن يحل المشكلة لابد أن يكون هناك حسم بين المعركة الرمزية وهي التصاريح والتغير الفعلي علي الواقع دون إذلال الأقباط لمجرد ترميم جدار أو دورة مياه مستشهدا بحكم السنهوري باشا كنموذجي لكنيسة في القصاصين تم بنائها وبدأ الصلاة فيها وتم وقف الشعائر لحين وصول تصريح من السلطة فأصدر السنهوري حكما رائعا في ظل هذه الظروف التي نعشها اليوم بأن يتم استئناف الشعائر وقال ليس من حق الدولة فض الشعائر لاجتماع عام أو نشاط ديني لأنه ممارسة الشعائر مطلقة, وهنا نتحدث عن واقع اليوم الذي نراه في محنة الأقباط بقرية بمها بالعياط بتوقيع صلح إجباري ووضع شروط بمباركة الدولة هي وصمة عار بأن لا يحق للأقباط وضع صليب أو جرس أو قبة, ويظهر هذا من خلال أحاديث للمبادرة مع بعض المسلمين عقب أحداث طائفية وقعت في مناطق متفرقة عندما قالوا: المسيحيين عايزين يكونوا موجودين ويحطوا صلبان والحقيقة قال: أقباط بمها إن القضية هي كسر عين وليس قانون فالمشكلة تقع في الأمن وأوقات كثيرة يعمل الجهاز الأمني علي تغذية هذا الأعتراض من قبل المسلمين البسطاء مستغلا الثقافة المتطرفة السائدة لتحقيق أهدافه. وطالب بهجت بأن وسط هذا الظلام يوجد بعض الضوء من خلال مسلمين قاموا بحماية الاقباط أثناء الإعتداء عليهم مثل أحداث إسنا وبشهادة الأقباط أنفسهم وهم قلة مسلمة ولكن يجب تكريمهم بإقامة حفل تكريم لهم لأنهم فتحوا منازلهم لحماية الأقباط من هجمات المتطرفين الاغلبية.
أزمة ثقافة
وقال كمال زاخر: المشكلة ليست في النظام ولكن في الشارع المصري ونري في أحداث بمها بالعياط أن الأعتراض جاء من الفلاحين البسطاء الذين اعتبروا بناء كنيسة شيئا يمس اعتقادهم والذي ينظر لغير المسلم بأنه كافر, وهو ما يجعلنا طرح سؤال كيف وصل هذا الفكر للفلاح البسيط ليصبح داعية متطرف؟ والإجابة إذا هي أزمة في الثقافة والتعليم والإعلام الذي أصبح الاستثمار الأكبر هو الإعلام الديني وبعد ذلك يغزي الأمن المتطرفين ويستخدم كلمة دواعي أمنية وهي كلمة مطاطية ليتحكم في مقاليد الأوضاع حتي في قرارات رئيس الجمهورية, ويرجع هذا لانسحاب النظام تاركا كل شئ في يد الأمن ولذا لابد من عدة أشياء منها:
- إعادة الاعتبار لتفعيل القوانين لسيادة القانون ضد الفوضي وإعادة الأحزاب التاريخية التي انسحبت عن القواعد الشعبية بعد مرحلة ثورة 19 وإعادة الاعتبار للمؤسسات الأخري من خلال فصل السلطات.
لو أراد الحزب الوطني
أكدت الصحفية والإعلامية كريمة كمال: القانون يمكن صدوره في أي وقت لأن الأغلبية تمثل الحزب الوطني إذا أراد ولكن الصورة توضح أنه لا يرغب في تمرير لأن بداخل الحزب الوطني تيارات متشددة وبالتالي نحن نطالب النخبة الحاكمة تغير ثقافتها المتطرفة والأمن جزء من النخبة الحاكمة مثل ما حدث بالقبض علي المجهرين بالإفطار دون وجود سند قانوني وما حدث بالعياط وإجبار الكنيسة للصلح مما أدي لانقلاب الأقباط علي الكنيسة لشعورهم بالإنكسار وانسحاب الكنيسة للدفاع عن حقهم وهذه لعبة النظام الذي يستغل الظروف لصالحه.