برنامج البيت بيتك له جماهيرية, واستطاع أن ينتزع مكانة طيبة علي خريطة برامج القناة الثانية والفضائية المصرية, وأحرص يوميا علي متابعته قدر المستطاع, إلا أنني فزعت من حلقتين تمت بثهما مؤخرا, أحدهما قدم فيها الإعلامي محمود سعد لقطة من حياة عم سيد ولا مانع أن يقترب التليفزيون من المواطن البسيط ويقدم نمط حياته.. بل هذا مطلوب إعلاميا أن يجد المشاهد نفسه فيما يقدم علي الشاشة.. والقصص الإنسانية الواقعية تثري الإعلام وتنزله من صومعته العالية إلي الناس, ولكن عم سيد الذي نتكلم عنه والذي تم تقديمه بشكل بطولي.. كل ما فعله في حياته أنه تزوج 12 مرة, ولديه 91 ابنا وابنة!! وقطعا هذه القصة شيقة إعلاميا لما فيها من أرقام قياسية لكن لا يعني ذلك أنه بطل أو أسطورة أو أن يتم تقديمه بطريقة تجعل كل مشاهد يقول يابختك يا عم سيد وعقبالنا زيك!! فأبنائه في منتهي السعادة والنظافة والتغذية!! وزوجاته اللاتي علي زمته 4 زوجات دائما يتم استبدال إحداهن بجديدة في منتهي السعادة والتآخي, والتفاهم وكلهم في محراب سي السيد أقصد عم سيد!! وكل منهن تعلم جيدا أنها لو فتحت فمها أو اعترضت سيتم تطليقها!!.. لم تحدثنا الحلقة عن متاعب عم سيد في تربية جيش من الأبناء, ولا عن أزماته مع مطلقاته, ولا عن ندمه عما اقترفه في حق حريمه, ولا الغبن الذي سببه في حرمان مطلقاته من أطفالهن, إذ قال بعنترية أنا كل ولادي أنا إللي لازم أربيهم.. أمهم تيجي تشوفهم!! ولا الأزمات المالية التي مر بها ولا الأمراض التي انتابته أو انتابت أبنائه أو زوجاته أو ليالي النكد في حياته.. أبدا فعم سيد غلب مسلسل الحاج متولي الذي قامت عليه الدنيا ولم تقعد!!.
الأغرب والذي أشعرني أن هناك رسالة يتعمد البرنامج بثها للمشاهدين حلقة أخري قدمها تامر أمين عن تعدد الزوجات مستبعدا فيها الجانب الديني – علي حد قوله – مركزا علي الجانب الاجتماعي, وكل ضيوفه بمن فيهم الأستاذة الجامعية يؤكدون أن زوجة واحدة لا تكفي الرجل!!, وأن الزوجة لا يصح أن تغضب إذا تزوج بغيرها ولا تسائله!! ولا تعتبره خائنا لها!!.. وأنه ليس بالضرورة أن يكون بالزوجة عيب ليتزوج بغيرها!! فالتنويع مطلوب!!! هذا جزء مما قاله ضيوف البرنامج وتم عرضه فعلا علي المشاهدين.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. ما المقصود من هذه الحلقات؟! وأين هي من قيم الإخلاص والوفاء والترابط الأسري والدفء العائلي والاستقرار والشعور بالأمان والتوازن النفسي.. وهل مازال الإعلام يدري خطورة دوره الرائد للمجتمع؟!!.. ما حدث كارثة إعلامية وإنسانية.
نادية برسوم