مأدبة إفطار رمضاني في البيت الأبيض مساء الجمعة 13 آب/أغسطس
البيت الأبيض
مكتب السكرتير الصحفي
13 أغسطس, 2010
قاعة العشاء الرسمية
الرئيس: طاب مساؤكم جميعا. مرحبا بكم. تفضلوا بالجلوس. حسنا, مرحبا بكم في البيت الأبيض. ولكم, وللأمريكيين المسلمين في ربوع بلدنا, ولأكثر من ألف مليون مسلم في أنحاء العالم, أزجي أطيب الأماني بمناسبة حلول الشهر المعظم. رمضان كريم.
أود أن أرحب بأعضاء السلك الدبلوماسي وأعضاء حكومتي وأعضاء الكونجرس, بمن فيهم راش هولت, وجون كونيورز, وأندريه كارسون وهو واحد من العضوين الأمريكيين المسلمين بالكونجرس, هو وكيث أليسون. إذا مرحبا بكم جميعا.
هنا في البيت الأبيض, لدينا تقليد استضافة مآدب الإفطار. مثلما نستضيف حفلات عيد الميلاد المجيد, واحتفالات عشية عيد الفصح اليهودي, واحتفالات الديوالي الهندوسية أيضا. هذه أحداث مهمة. إنها تبين دور الدين في حياة الشعب الأمريكي وتذكرنا بالحقيقة الأساسية وهي أننا جميعا عباد الله وأننا جميعا نستمد القوة والإحساس بالهدف من معتقداتنا.
وهذه الأحداث هي أيضا تأكيد لهويتنا كأمريكيين. لقد فهم آباؤنا المؤسسون أن أفضل سبيل لتكريم مكانة الدين في حياة شعبنا هو حماية حرية هذا الشعب في ممارسة عقائده الدينية. وفي قانون فرجينيا الخاص بتأسيس الحرية الدينية, كتب توماس جفرسون- وأنا أنقل عنه- ##إن جميع البشر سيكونون أحرارا في المجاهرة بآرائهم في أمور الدين والتأكيد عليها بالدليل والحجة##. كما أن التعديل الأول لدستورنا سن الحرية الدينية كقانون للبلاد. وظل هذا الحق مدعما وساريا منذ ذلك الحين.
والواقع أن الدين, عبر تاريخنا, ازدهر داخل حدودنا بالتحديد لأن الأمريكيين كان لهم الحق في العبادة كما يشاؤون- بما في ذلك الحق بألا يؤمنوا بأي دين علي الإطلاق. وليس أدل علي حكمة آبائنا المؤسسين من أن أمريكا ظلت متدينة للغاية- أمة يستطيع أبناؤها من مختلف الأديان التعايش بسلام وباحترام متبادل علي نقيض النزاعات الدينية المتواترة حول العالم.
ولكن هذا لا يعني أن الدين لا يدور حوله الخلاف والجدل. ففي الآونة الأخيرة تركز الاهتمام علي بناء المساجد في مجتمعات معينة- خاصة في نيويورك. وينبغي علينا جميعا أن ندرك ونحترم الحساسيات المتعلقة بالتطور العمراني في منطقة مانهاتن السفلي. إن هجمات 11/9 كانت حدثا أليما للغاية لأمتنا. ولا يسعنا أن نتصور مدي الألم والمعاناة اللذين ألما بأولئك الذين فقدوا أحباءهم. إذن, أنا أتفهم المشاعر التي يثيرها هذا الموضوع. إن هذا الموقع هو بالفعل أرض مبجلة.
لكن اسمحوا لي بأن أكون واضحا: إنني كمواطن, وكرئيس أومن بأن للمسلمين نفس الحق في ممارسة عقيدتهم الدينية وبناء دور عبادتهم كأي شخص آخر في هذا البلد. وهذا يتضمن الحق في بناء مكان للعبادة ومركز للجالية علي أرض مملوكة ملكية خاصة في منطقة مانهاتن السفلي, بما يتمشي مع القوانين المحلية والإجراءات المعتادة. هذه أمريكا. وإن التزامنا بالحرية الدينية يجب ألا يتزعزع. ومبدأ أن أتباع جميع الأديان مرحب بهم في هذا البلد, وأنهم لن يعاملوا معاملة مختلفة من جانب حكومتهم, مبدأ أساسي لتأكيد هويتنا. إن تعاليم الآباء المؤسسين يجب أن تظل باقية.
ويجب علينا ألا ننسي علي الإطلاق الذين فقدناهم بأسلوب مأساوي فظيع يوم 11 سبتمبر, ويجب علينا أن نكرم دائما الذين قادوا الرد علي ذلك الهجوم-ابتداء من رجال الإطفاء الذين تسلقوا سلالم الإنقاذ التي كان يغلفها دخان الحريق, إلي جنودنا الذين يخدمون في أفغانستان الآن. ولنتذكر أيضا من هو العدو الذي نحاربه, وما هي الغاية التي نحارب من أجلها. إن أعداءنا لا يحترمون أي حرية دينية. إن قضية القاعدة ليست الإسلام- إنها تشويه فاضح وجسيم للإسلام. وهؤلاء ليسوا زعماء دينيين- إنهم إرهابيون يغتالون الرجال والنساء والأطفال الأبرياء. والواقع أن القاعدة قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من أتباع أي دين آخر- وقائمة الضحايا تتضمن مسلمين أبرياء قتلوا يوم 9/.11
إذن, هؤلاء هم الذين نحاربهم- والسبب الذي سيجعلنا نكسب هذه الحرب لا يكمن ببساطة في قوة أسلحتنا _ إنما هو يكمن في متانة قيمنا. إنها الديموقراطية التي ندعمها, والحريات التي نعتز بها, والقوانين التي نطبقها دون أي اعتبار للعرق أو الدين أو الثروة أو المكانة, وقدرتنا علي إبداء, ليس التسامح فحسب, ولكن الاحترام أيضا تجاه من يختلفون عنا – وأسلوب معيشتنا الذي في جوهره عقيدة أمريكية تنافي بصورة صارخة مع أسلوب العدمية لأولئك الذين هاجمونا صبيحة ذلك اليوم من شهر سبتمبر ولا يزالون يخططون ضدنا اليوم.
في خطاب التنصيب الذي ألقيته, قلت إن في تراثنا الفسيفسائي المتنوع قوة وليس ضعفا. فنحن أمة من المسيحيين والمسلمين واليهود والهندوس, وغير المؤمنين بأي دين. ونتشكل من كل لغة وثقافة نستمدها من كل أركان المعمورة. وقد يحدث هذا التنوع جدلا وخلافات صعبة وهذا ليس فريدا في زماننا. فقد شهدت عهود الماضي خلافات حول بناء المعابد اليهودية أو الكنائس الكاثوليكية. ولكن في كل مرة بعد أخري, أظهر الشعب الأمريكي أنه قادر علي حل هذه القضايا وعلي أن يبقي وفيا لقيمنا الجوهرية ويخرج أقوي تأييدا لها. وهكذا يجب أن تكون, وستكون الأمور اليوم.
والليلة نتذكر أن رمضان احتفاء بدين عرف عنه التنوع العظيم. وأن رمضان تذكرة بأن الإسلام يظل علي الدوام جزءا من أمريكا. وكان أول سفير مسلم لدي الولايات المتحدة من تونس وقد استضافه الرئيس جيفرسون الذي أقام مأدبة عشاء عند غروب الشمس نظرا لأن ذلك كان خلال شهر رمضان- مما يجعل ذلك أول إفطار رمضاني يقام في البيت الأبيض وتم منذ أكثر من مائتي سنة. .
وقد قدمت إلي هنا الأجيال المسلمة مثلها مثل العديد من المهاجرين الآخرين, لتشكل مستقبلها. صاروا مزارعين وتجارا وعملوا في الطواحين والمعامل والمصانع. ساعدوا في مد خطوط السكك الحديد وساعدوا في بناء أمريكا. وأسسوا أول مركز إسلامي في مدينة نيويورك في تسعينات القرن التاسع عشر, وبنوا أول مسجد في أمريكا في سهول ولاية نورث داكوتا. ولعله أقدم مسجد متواصل الوجود في أمريكا, وأقدم مسجد لا يزال قيد الاستخدام اليوم مسجد في سيدار رابيدز في ولاية أيوا.
واليوم, تتعزز أمتنا وتزداد قوة علي يد الملايين من الأمريكيين المسلمين. فهم يبدعون في كل مناحي الحياة. إن الجاليات الأمريكية المسلمة- بما في ذلك المساجد المنتشرة في جميع الولايات الخمسين- تقدم خدمات لجيرانها. ويعمل الأمريكيون المسلمون علي حماية مجتمعاتنا بالانخراط في قوات الشرطة وفي فرق الإطفاء وفي عناصر النجدة. وقد جاهر رجال الدين المسلمون بمناهضتهم للإرهاب والتطرف, مؤكدين مجددا علي أن تعاليم الإسلام تنص علي أنه يجب علي الإنسان الحفاظ علي النفس البشرية, وليس إزهاقها. إن أبناء الجالية المسلمة الأمريكيين يخدمون بكل شرف في صفوف قواتنا المسلحة. وسيتم في حفل الإفطار الرمضاني الذي سيقام في الأسبوع المقبل بمقر وزارة الدفاع تكريم الجنود الثلاثة الذين ضحوا بحياتهم في العراق والآن ترقد جثامينهم في مثواها الأخير مع سائر الأبطال في مقبرة آرلينجتون القومية.
لقد مات هؤلاء الأمريكيون المسلمون ذودا عن الأمن الذي نعول عليه, والحريات التي نعتز بها. إنهم جزء من قوافل متواصلة من الأمريكيين تمتد إلي حقبة المؤسسين; إنهم الأمريكيون من جميع الأديان الذين خدموا وضحوا من أجل أن يمددوا ويوصلوا وعد أمريكا إلي الأجيال الجديدة, ويضمنوا بأن الشيء الاستثنائي الذي تتميز به أمريكا محمي ومصان _ ألا وهو التزامنا بأن نبقي صادقين ومخلصين لمبادئنا الأساسية, وبالعمل- ولو ببطء ولكن بثبات- من أجل أن يكون اتحادنا أقرب إلي الكمال.
لكي نبقي دائما ##أمة واحدة لا تتجزأ في ظل العناية الإلهية## ولا يمكن أن نحقق ##الحرية والعدالة للجميع## إلا إذا كنا ملتزمين بهذه القاعدة الموجودة في صلب كل الأديان الكبري, بما فيها الإسلام- وهو أن نحب للآخرين ما نحب لأنفسنا.
وشكرا لكم جميعا علي حضوركم هنا, وأتمني لكم شهر رمضان مباركا. وبهذا تفضلوا بتناول الطعام.