في هذه الفترة من كل عام تلوح في الأفق مشكلة نقص مياه الري والأسمدة الزراعية مما يعرض آلاف الأفدنة للدمار والبوار في وقت نحن في أمس الحاجة إلي إنتاج كل شبر من أرض مصر لمواجهة الاحتياجات المستمرة للمواطن المصري وتخطي الأمر في مشكلة المياه إلي اللجوء للمياه الملوثة لري المزروعات واعتماد مساحات ليست قليلة علي مياه الصرف الصحي والصرف الصناعي في الري وهو ما يأتي بآثار سلبية سريعة علي صحة العامة سواء للمزارع أو للمستهلك, وتمثل ذلك في الأمراض الخطيرة والعديدة المنتشرة في المجتمع الآن واستخدام السلاح للحصول علي أسبقية الري, أما الأسمدة فقد قام المئات من أهالي القري مثل قرية النخيلة التابعة لمركز أبوتيج بأسيوط بقطع الطريق الزراعي اعتراضا علي نقص الأسمدة الزراعية وقام بعضهم بالاعتصام داخل مقر بنك التنمية والائتمان الزراعي مطالبين بالاستجابة لهم وتوفير الأسمدة اللازمة إنقاذا للزراعات التي ربما يطالها البوار نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وانتشار الكثير من الأوبئة.
مخالفة السياسات الزراعية
قال الدكتور محمود الرافعي رئيس المركز المصري الدولي للزراعة إن أزمات الري الأخيرة, جاءت نتيجة لمخالفة البعض للقواعد التي وضعتها وزارتا الري والزراعة فيما يتعلق بزراعة المحاصيل, فهناك – علي سبيل المثال – مناطق ممنوعة من زراعة الأرز, لأن هذا المحصول يستهلك كميات كبيرة من المياه, ولذلك تتجه السياسات بتوفير كميات المياه هذه لزراعات أخري لكن البعض من المزارعين لا يلتزمون بقرار حظر زراعة الأرز في هذه المناطق, ويزرعونه بالمخالفة للقواعد, مع علمهم الكامل بقرار الحظر إلا أنهم يصرون علي زراعة الأرز, ثم نجدهم يصرخون, ويتحدثون عن أزمة مياه لري أراضيهم, ولذلك فإنني أري أن الري والزراعة لم يقصرا, وإنما يجب أن يتحمل المزارعون المسئولية عن مخالفتهم للقواعد والسياسات الزراعية المقررة في هذا الشأن.
أساليب بالية في حاجة للتطوير
أشار الدكتور إبراهيم جاد أستاذ المياه بالبنك الدولي ومركز بحوث الصحراء إلي أن أسباب مشكلة المياه هم المسئولون والمزارعون علي السواء وسياسة الري في مصر كان يجب أن تتغير منذ سنوات بدلا من الري بالغمر المتبع في مصر وعدم تطبيق النظم الحديثة في الري مثل الري بالتنقيط, هذا بخلاف أنه حتي في حالة وضع خطط يتم تجاوزها من قبل بعض المسئولين ودون أسباب علمية, كذلك وجود بعض الكيانات الزراعية الكبيرة والتي تستنزف كميات كبيرة للمياه دون وجود عدالة في التوزيع.
نوه جاد إلي مشكلة بوار الأراضي الزراعية مكلة ليست مستحيلة الحل, خاصة إذا طبقنا سياسات للري تأخذ بالأساليب الحديثة في الري, إلي جانب عدم التوسع في الأراضي الزراعية إلا بعد وجود مصادر مياه للري هذه الأراضي.
خط ساخن
كانت وزارة الري والموارد المائية أعلنت رفع حالة الاستعداد القصوي لمواجهة أزمة المياه واتخذت عدة إجراءات لتحسين حالة الري قبل فترة أقصي الاحتياجات, خاصة بنهايات الترع وانتهت من عمليات التطهير وصيانة الترع بمعظم المحافظات والتي بلغت تكلفتها الإجمالية حوالي 250 مليون جنيه, بالإضافة إلي تجديد المغذيات والآبار الإنتاجية بتكلفة حوالي 23 مليون جنيه, وتأهيل عدد 23 وحدة طوارئ بتكلفة 2.5 مليون جنيه لتكون جاهزة للتشغيل في حالة الحاجة إليها لحسم شكاوي نهايات الترع, كما تم زيادة المنصرف من المياه خلف السد العالي ليصبح 255 مليون متر مكعب/ يوم لمواجهة كافة الاحتياجات المائية حيث تحدث بعض الاختناقات بنهايات بعض الترع نتيجة شدة الإقبال علي مياه الري في هذه الفترة, وبالإضافة إلي قيام بعض المخالفين بمحاولة ري المساحات غير المقررة الري وأيضا نتيجة لزراعات الأرز المخالفة خارج المناطق المصرح بزراعته بها وتغيير نظام الري ببعض المناطق من ري حديث إلي ري بالغمر مع حدوث العديد من التعديات علي منشآت الري مثل الهدارات بالفيوم وبعض البوابات بالمنيا وكفر الشيخ في ظل الحالة الأمنية الحالية وتحاول الوزارة جاهدة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة مواجهة كافة أنواع التعديات.
صرح مصدر مسئول بوزارة الري أن الوزارة رفعت حالة الاستعداد بجميع أجهزة الوزارة لمواجهة موسم الإقبال الشديد علي مياه الري في هذه الفترة لمواجهة أي مشاكل من شأنها التأثير علي حالة الري بالمحافظات, حيث تم تشكيل غرف عمليات بجميع المحافظات وبالوزارة لمتابعة حالة الري بالمحافظات, حيث تم تشكيل غرف عمليات بجميع المحافظات وبالوزارة لمتابعة حالة الري علي مدار 24 ساعة والعمل علي حسم أي شكاوي في حينها, بالإضافة إلي تخصيص خط ساخن وهو 35449508 لتلقي الشكاوي والعمل علي حسمها فورا.
وأكد أن هناك تنسيقا مستمرا بين أجهزة وزارة الموارد المائية والري وأجهزة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والأجهزة التنفيذية والمحلية بالمحافظات لمتابعة حالة الري والتأكد من كفاية التصرفات للاحتياجات الزراعية, كما سيتم تكثيف مرور السادة مهندسي الوزارة علي جميع المجاري المائية للوقوف علي حالة الري أولا بأول, وحسم أي شكوي وتوصيل المياه لنهايات الترع خلال أدوار العمالة, وأن حالة الري بصفة عامة علي مستوي الجمهورية مستقرة تماما ويتم ري جميع الزراعات القائمة وحسم أي شكاوي في حينها.
لا يوجد مشكلة أسمدة؟!!
قال المهندس محمد علاء الدين موسي رئيس الإدارة المركزية للتعاون الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي إنه لا يوجد مشكلة الآن في الأسمدة الزراعية وإن وجدت تكون من المحافظة المسئولة عن توزيع الأسمدة علي المراكز والجمعيات التعاونية لذا فالشكوي تأتي من التوزيع المحلي.
وحول السؤال إنها مشكلة موسمية قال إن هذا يرجع إلي الفرق في الإنتاج والاحتياج الفعلي فالإنتاج يكون حوالي 7.5 ملايين طن في حين الاحتياجات السنوية للفلاحين حوالي 9 ملايين طن لذا تلجأ الوزارة إلي الشراء من الشركات الخاصة بأسعار السوق وتقدمه للمزارعين مدعم وتتحمل فرق السعر, وهذا ما تم منذ سنتين عندما قامت الدولة باستيراد 2 طن أسمدة لسد الفجوة, أما هذا العام فوجدت عدة مشاكل بعد الثورة من إضراب السائقين وعدم وجود السولار والانفلات الأمني.
أما عن حل هذه المشكلة الموسمية التي تضر بالفلاح والزراعة بشكل عام قال موسي: علينا توحيد جهات التوزيع فمسألة التوزيع معقدة للغاية, ودور الإدارة هو التأكيد علي وصول الأسمدة لأماكن الوصول عن طريق اللجان والتي توزع طبقا لقواعد التوزيع للفلاح وطبقا للقواعد التي تطبقها المحافظة والمحليات والجمعيات التعاونية, موضحا أنه جار حاليا تطوير وتغيير بعض قوانين التعاونيات لدعم الفلاح.
تفعيل دور الجمعيات التعاونية
أوضح الدكتور فوزي الشاذلي مستشار قطاع الخدمات بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بقوله: المشكلة ترجع إلي عدة أسباب هي إن حجم الإنتاج بالنسبة للمصانع الحكومية لا يفي بالكميات المطلوبة لذا العلاج يتطلب نظام متكامل لتوفير الاحتياجات من الأسمدة وفي مواعيدها بداية من وضع سياسة للتركيب المحصولي مناسبة مع الظروف المصرية مع تحقيق مصلحة الدولة والمزارع ويفي بالاحتياجات التصديرية, والتركيب المحصولي يضعه مراكز البحوث والمعاهد البحثية المتخصصة لتحدد المقررات السمادية بالنسبة لكل محصول حيث نجد إننا نوزع حصص الأسمدة دون معرفة هل تحتاج لهذا المحصول في هذا الموسم أم لا لكن التوزيع يتم بناء علي الوفرة, فكل محصول له كمية ونوع محددة من السماد إذا لم يحققها لن يعطي الإنتاج الكافي, ثم تقوم الجمعيات التعاونية بعمل حصر الاحتياجات الفعلية وحصر الكميات المتاحة فعليا وتعرف العجز في الكمية والنوع فيوجد بعض أنواع الأسمدة لا تنتج محليا بالتالي الحل يكون أما عن طريق إنشاء مصانع جديدة تابعة للدولة أو التعاونيات وفي حالة عدم الاكتفاء من الإنتاج المحلي يمكن وضع نظام تنفذه الجمعيات التعاونية وهو نظام الشراء الجماعي ويعني أن التعاونيات تقوم بالتعرف علي الاحتياجات الفعلية وتتعاقد علي شرائها من الخارج علي مستوي الجمهورية ولأنها ستكون كميات كبيرة تكون بسعر أقل وتوزعه بسعر مناسب بالإضافة إلي التعرف علي الاحتياجات من كميات الأسمدة وأنواعها عند الشراء بالتالي لن أعطي المزارع من السماد المتوفر والذي لا يحتاجه.
نوه إلي أن لكل محافظة تزرع زراعات مختلفة عن الأخري بالتالي يتم التوزيع طبقا للاحتياجات المطلوبة وأوفر للمحصول الكمية الفعلية مما يعطي إنتاجا أكثر ويمكن أيضا أن يكون نظام المحاسبة بالأجل أي يحاسب المزارع بعد حصاد المحصول لذا من الضروري أن يكون للتعاونيات دور فاعل خاصة أنها منظمات لا تهدف إلي الربح ولابد من حل جذري من نظام متكامل فدور الوزارة الحالي هو توزيع المتوفر من السماد علي المناطق مما يجعل بعض المزارعين يبيعوا جزءا من حصصهم من السماد أو تخزينه لأن هذا النوع لا يحتاجه في هذا الموسم لذا إذا نفذ هل الحل ستحل هذه المشكلة ويكون السماد موجودا طوال العام.
الفلاحون قادمون
توقع الكاتب الصحفي سليمان شفيق أن تنتقل الثورة إلي الفلاحين المصريين والذين يبلغ عددهم 25 مليون فلاح موضحا بقوله: تعودنا علي إضراب العمال واعتصامات الموظفين ولكننا لم نعرف بعد, ماذا يحدث إذا أضرب الفلاح وتوقفت الأرض عن النماء ولا نجد ما نأكله, فطوال شهر يوليو الماضي من بدايته وحتي يوم 25 منه شهدت مصر 22 وقفة احتجاجية فلاحية بمعدل وقفة يوميا تقريبا ومن أمثلة هذه الوقفات التي قام بها فلاحو قري 25, 26, 27, 29 التابعة لزمام شهاب الدين بمحافظة الدقهلية أمام ديوان عام المحافظة احتجاجا علي عدم وصول مياه الري إلي أراضيهم المزروعة بالقطن والأرز منذ أكثر من شهر.
وفي محافظة بني سويف وبسبب انقطاع مياه الري عن قري شنرا ودلهانس والجمهور وبني راكان هدد المزارعون في وقفتهم الاحتجاجية أمام مصلحة الري بمقاضاة وزير الري.
ثم جاءت تصريحات وزير الري الجديد التي أكد فيها أن أول اهتماماته في المرحلة المقبلة هي تحقيق العدالة في توزيع مياه الري بين المزارعين عن أي مرحلة مقبلة وموسم الري الصيفي ينتهي في الأسبوع الأول من أغسطس أي أن 50% من الأراضي الزراعية مهددة بالعطش والجفاف.
أضاف شفيق بقوله مشكلة الفلاحين لا تكمن فقط في مياه الري أو الأسمدة بل هناك مطالب أخري يطرحها اتحاد الفلاحين تحت التأسيس مثل حقهم في تشكيل منظمات ديموقراطية مستقلة أسوة بالمنظمات العمالية وتطهير التعاونيات من الفساد وإعادة النظر في التركيب المحصولي بما يرفع المعاناة عن الفلاحين ويحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وينوي اتحاد الفلاحين تحت التأسيس أن يعقد جمعيته العمومية الرابعة في عيد الفلاح الموافق 9 سبتمبر في ميدان التحرير.
أكد سليمان شفيق أنه منذ ثورة الفلاحين المصريين منذ ثورة 1919, ولا حياة لمن تنادي فالصحف والمطبوعات والبرامج التليفزيونية والإذاعية لا ينال الفلاحون مساحة من اهتمامهم حتي ولو 1% وهكذا فالفلاحون قادمون.