أبدي بعض السياسيين تراجع العمل الحزبي بعد التعديلات الجديدة علي قانون الأحزاب وأهمها إلغاء الدعم الحكومي وعدم تأسيس أي حزب علي أساس ديني وأن يضم الحزب 5000 عضو بحيث يكون عدد الأعضاء 300 عضو من كل محافظة لضمان الجدية وأن يكون إنشاء الأحزاب بالإخطار فقط علي أن تعرض علي لجنة قضائية مختصة للنظر في الجوانب الإجرائية.
وهناك جدل كبير في أوساط الحزبيين والسياسيين بسبب هذه الشروط خاصة بعد وقف الدعم المالي فأصبح تأسيس أي حزب يتكلف ما يقرب من 750 ألف جنيه هذا غير توفير المقرات في المحافظات المختلفة وهذا شرط وصف بشديد الصعوبة لأن كثيرا من الأحزاب الشابة تحت التأسيس لن تقدر عليه, وهذا يتيح الفرصة لفصيل معين أن يتمكن من إنشاء أحزاب.
قال سيد عبدالعال الأمين العام لحزب التجمع إن الشروط التي وضعت لإنشاء أحزاب جديدة غاية في الصعوبة خاصة الشروط المالية, وذلك لأن تكلفة عمل توكيلات لمؤسسي الحزب تتراوح ما بين 50 ألف إلي 75 ألف جنيه, وهذا علي أساس أن رسم التوكيل الواحد يتراوح ما بين 10 جنيهات إلي 15 جنيها, هذا إضافة إلي ضرورة الإعلان عن إنشاء الحزب في صحيفتين رسميتين واسعتي الانتشار وهي تتراوح بين 600 ألف و700 ألف جنيه علي أساس أن الإعلان عن 5 آلاف اسم للمؤسسين سيحتاج لصفحتين تتراوح قيمتهم بين 200 إلي 400 ألف ويستلزم نشرها في صحيفتين, إضافة إلي تكلفة إنشاء مقرات في 16 محافظة علي الأقل.
أضاف عبدالعال بقوله: هذه الشروط التعجيزية تمنع أصحاب المبادرات لإنشاء الأحزاب الجديدة من إنشائها نتيجة لارتفاع تكلفتها وبالتالي لن يستطيع عليها إلا جهات محددة أو رجال الأعمال وهذا متعارض مع روح الثورة, إضافة إلي أنها لا تناسب الواقع المصري بل يجبر الراغبين في العمل السياسي علي الانضمام إلي الأحزاب القديمة, لافتا النظر إلي أنه لا يستطيع أن ينشأ حزب طبقا لهذه الشروط إلا جماعة الإخوان المسلمين.
أشار عبدالعال إلي أن تكلفة إنشاء الأحزاب الجديدة تعتبر أمرا صعبا علي الأحزاب الشابة, وأن القانون به عبارات مطاطة منها إمكانية إلغاء الحزب بعد إنشائه في حالة تسببه لأي ضرر إلي السلام الاجتماعي أو الأمن القومي.
من أجل تقوية الأحزاب
من جانبه قال أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية إن قرار إلغاء الدعم عن الأحزاب أمر جيد لأن هذا سيجعل الأحزاب أقوي بكثير من قبل لأن كثيرا من الأحزاب كانت تعتمد علي الدعم المالي الحكومي ولا تقدم شيئا للحياة الحزبية والسياسية, مشيرا إلي أن هذا قد يوقف إنشاء أحزاب شابة جديدة ولكنه سيؤدي إلي أحزاب قوية.
انتقد السادات شرط رفع عدد المؤسسين إلي 5 آلاف شخص واصفا هذا بأنه يكرس لبقاء النظام القديم علي ما هو عليه وخاصة المنتمين للحزب الوطني.
وقال عماد سيد أحمد أحد أعضاء ائتلاف شباب الثورة وأحد مؤسسي حزب العدل تحت التأسيس إن إلغاء الدعم المالي للأحزاب وشرط توثيق 5آلاف عضو يمثل عبئا ماليا كبيرا خاصة علي الشباب, كما أن القانون لم يضع ضوابط واضحة علي قيام الأحزاب الدينية, ولم يغلق الباب علي أخذ معونات دولية كمصدر للتمويل, إلا أنه رحب بأن مثل هذه الخطوات سوف تقضي علي الأحزاب الورقية التي لا يوجد لها وجود حقيقي في المجتمع.
طالب أن يضع القانون ضوابط صارمة لعدم استخدام الدعاية الدينية في الحملات الانتخابية القادمة للبرلمانية أو الرئاسية حيث لعبت هذه الدعاية دورا كبيرا في توجيه المصوتين في الاستفتاء الأخير.
خطوة حاسمة
وفي هذا الإطار قال الدكتور وحيد عبدالمجيد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن قانون الأحزاب الجديد يشكل خطوة حاسمة في تحرير عملية إنشاء الأحزاب في القيود التي كانت تحول دون تكوين الأحزاب, خاصة بعد أن أصبح القضاء مسئولا عن الحياة الحزبية.
أشار إلي أن القانون جاء متوازنا لحد كبير وإن كان البعض يري أن مواده بها قيود ثقيلة في الوقت الراهن منها اشتراط أن يحصل الحزب علي 5 آلاف عضو من عشر محافظات علي الأقل, إضافة إلي إلغاء الدعم الحكومي وارتفاع تكلفة تأسيس الحزب وتأسيس المقرات, إلا أن هذه الشروط ليست تعجيزية لأن أي حزب يتطلب تمويلا أو موارد مالية ومن يتصور ذلك فهو واهم وإلا فكيف يقوم الحزب بالاتصال بالجماهير وإقامة أنشطة أم سيصبح حزبا ورقيا أو دون فاعلية؟
رفع الدعم .. صائب
وقال الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن قرار رفع الدعم عن الأحزاب هو قرار صائب حتي تنتهي الأحزاب الورقية من الشارع, وتصبح هناك أحزاب جادة فاعلة بين المواطنين وتعمل علي تقوية الحياة السياسية لأننا في هذه المرحلة في حاجة ملحة لأحزاب تنافس في الحياة السياسية وليست أحزاب ضعيفة هشة لا يتذكر المصريون أسماءها.
تأسيس الحزب .. مكلف
وقال ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري الحر إن المصروفات الخاصة بإنشاء حزب سياسي جديد ضخمة ومكلفة ولا يستطيع عليها الكثيرين, وبالتالي أما أن يلغوا فكرتهم لإنشاء حزب أو أن يندمجوا مع أحزاب قديمة قائمة بالفعل, مشيرا إلي أن تلك التكلفة ستفتح الباب إما لسيطرة رأس المال ورجال الأعمال علي الأحزاب, خاصة في المرحلة القادمة, لافتا النظر إلي أن تكلفة إنشاء مقرات في المحافظات وإقامة أنشطة للمواطنين والعمل علي نشر أفكار الحزب وإصدار جريدة أو موقع خاص بالحزب يتطلب ملايين, وبالتالي تصبح فرص إقامة أحزاب مقصورة علي رجال الأعمال أو تيار فصيل معين.