كتبت في هذا المكان عبر الأشهر الماضية سلسلة مقالات تحت عنوان الصعود إلي الهاوية استعرضت فيها ملامح الاحتياج اللاأخلاقي في دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتبعية مجموعة دول أوروبية نحو هدم واحدة من أقدم وأرسخ وأهم أواصر المجتمعات الإنسانية, وهي الأسرة التي تقوم علي علاقة رجل وامرأة وتنجب ذرية… هذا الهدم الذي روج وشرع لعلاقات المثليين معتبرا إياها شكلا من أشكال حق تقرير المصير والحرية والمساواة بين الجنسين.. ضاربا عرض الحائط بكل القيم الإنسانية والاجتماعية التي أسست الأسرة كنواة لأي مجتمع إنساني.. أسرة تتكون من ذكر وأنثي وأبناء وبنات.
ووصل الأمر من شدة الترويج للمثلية والتباهي بها كعلامة علي التمدين أن أصبح لها العلم الملون الخاص بها الذي يتم فرضه علي سائر المناسبات والملتقيات, حتي إن تقريرا إخباريا صدر مؤخرا يصرخ ويحذر قائلا: يبدو أننا نقترب من النهاية لكل القيم النبيلة التي تقوم عليها الإنسانية لتحل محلها قيم شيطانية تعصف بالبشرية وتدفع نحو سقوط أخلاقي لا سابق له في التاريخ الإنساني.
إزاء كل هذا أصبحت متلهفا علي رصد أي صوت معارض لذلك التيار الشرير للمثلية, فلا يمكن أن أصدق أن العالم الغربي برمته قد تخلي عن إرثه الإيماني والأخلاقي ولم يعد في مقدوره أن يقف معترضا علي إعصار المثلية… وفي هذا الصدد رصدت كثيرا من الدعاوي المنتمية إلي كيانات مسيحية ومجتمعية تعبر عن رفضها المثلية وتذود عن الثوابت الأخلاقية التي طالما شكلت دعائم المجتمع… ولكني تساءلت: هل تستطيع تلك الدعاوي أن تكبح جماح الانفلات الأخلاقي الغربي؟.. أما من سبيل لوأده وتحويل مساره نحو الإصلاح والاعتدال؟… جاءتني الإجابة في فحوي خطاب انتخابي من دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق الذي يجاهد هذه الأيام للإفلات من دينونة القضاء الأمريكي إزاء العديد من الاتهامات الموجهة له والتي قد تفضي إلي حرمانه من إعادة الترشح لخوض سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة… وأصارحكم القول إن ما خلفه دونالد ترامب من إرث سلبي عبر رئاسته السابقة للولايات المتحدة الأمريكية وتحرشه بسائر دول العالم سواء الصديقة أو غير الحليفة تحت شعار أمريكا أولا ترك رغبة عارمة لدي معظم شعوب العالم تتمني الخلاص منه وتناصر منافسه جو بايدن للوصول إلي السلطة… لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتثبت الأيام بما لا يدع مجالا للشك صحة مقولة ما أسوأ من ستي إلا سيدي!!.. وهكذا سقطت إدارة بايدن في أبشع مما كان يتصوره عقل بشري في تعاملها مع القضايا العالمية والأمريكية سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا وثقافيا وأخلاقيا… ولا أجد تفسيرا منطقيا لذلك السقوط أفضل من ارتماء تلك الإدارة في أحضان وسيطرة مجلس لوردات الحرب الأمريكي الذي بات مسيطرا علي صناعة القرار لخدمة تأجيج الصراعات والحروب عبر دول العالم لتحقيق تنشيط تجارة الأسلحة.
الآن دعوني أنقل ما قاله دونالد ترامب إزاء استفحال عالم المثلية في مجتمعه الأمريكي.. وإن كان ذلك في مجال تقديم نفسه كمرشح للرئاسة الأمريكية المقبلة, فإني أرجو أن يكون موقفا أخلاقيا وليس مجرد منحي للاعتراض والاختلاف عن السائد من سياسات.
** دونالد ترامب في منتصف يوليو الماضي: إليكم خطتي لإنهاء التشويه الكيميائي والجسدي لشبابنا.. في أول أيامي الرئاسية سألغي سياسيات بايدن الوحشية التي تسمي الرعاية الصحية للمتحولين جنسيا, وهذه سخافة لأنها عملية تشمل إعطاء الأطفال الصغار مثبطات البلوغ وتشويه أجسامهم وإجراء جراحات علي القاصرين… سأصدر مرسوما جديدا لوقف كل برامج الوكالات الحكومية التي تروج لمفهوم التحول الجنسي لكل الأعمار, ثم سأطلب من الكونجرس وقف استخدام أموال دافعي الضرائب للترويج لدفع تكاليف هذه العمليات الجراحية, وسأصدر قانونا يمنع تشويه الأطفال جنسيا في كل الولايات الأمريكية الخمسين وسيتم إنفاذه سريعا.. وأي مستشفي أو عيادة تشارك في تشويه القاصرين سيتم حرمانها وإقصاؤها من برامج التأمين الصحي فورا, كما سأدعم إنشاء صندوق لضحايا عمليات التحول الجنسي لرفع دعاوي قضائية ضد الأطباء الذين ارتكبوا هذه الأفعال التي لا تغتفر بحق الأطفال الصغار.
إضافة إلي ذلك ستقوم وزارة العدل الأمريكية بالتحقيق في تورط شركات الأدوية والمستشفيات الكبري في التستر عمدا علي الأضرار طويلة المدي للتحول الجنسي بهدف تحقيق الثراء علي حساب المرضي الضعفاء للغاية… كما سنجري تحقيقا بشأن قيام كبري شركات الأدوية بالترويج غير القانوني للهرمونات ومثبطات البلوغ غير المرخصة أو غير المخصصة لهذه الاستخدامات… كما ستقوم وزارة التعليم بإبلاغ المدارس أنه في حال قيام أي مدرس أو مسئول مدرسي بالإيحاء لأي طفل بأنه محاصر في الجسم الخاطئ سيواجه عواقب وخيمة تشمل اتهامه بانتهاك الحقوق المدنية الخاصة بالتمييز علي أساس الجنس.
وفيما يخص نظامنا التعليمي سوف نطلق المناهج الإيجابية التي من شأنها إعلاء دور الأسرة والآباء والأمهات وترسيخ المعايير التي تحفظ تفرد الطبيعة الخاصة لكل من الرجل والمرأة, كما سأطلب من الكونجرس إصدار قانون يلزم الحكومة الأمريكية بالاعتراف بالذكر والأنثي تبعا للنوع المثبت عند الميلاد… وسوف نحمي حق الوالدين في الاعتراض علي رغبة أولادهم القصر في تغيير الجنس الذي ولدوا عليه ولن نستمر في إطلاق سلطة الدولة في إتاحة السماح بحرية تحول القصر إلي الجنس الآخر رغما عن اعتراض الوالدين… تحت قيادتي سيتم وضع حد لهذا الجنون.
*** إزاء كل ذلك… وإزاء ماضي ترامب السياسي غير المنزه عن الشطط.. أقول أفلح إن صدق!!