حرصت خلال عيد القيامة علي الاتصال بأصدقائي الأقباط وهم كثر والحمد لله لأقدم لهم التهنئة في عيدهم, وتفرغت لهذا العمل, واعتبرته واجبا جميلا ولذيذا.
وسألت نفسي عن عدد المسلمين الذين قاموا بما قمت به وكم من الإخوان المسلمين الذين أنتمي إليهم فعلوا ما فعلته! وتمنيت من قلبي أن يكونوا أكثرية أو علي الأقل ظاهرة لا تخطئها عين فذلك هو المطلوب أولا وثانيا وثالثا للقضاء علي التوتر القائم بين الجانبين بالمودة الحقيقية والتعامل الحلو بين المسلم والقبطي في الحياة اليومية, ثم تأتي بعد ذلك أي حلول أخري مقترحة لعلاج الفتنة الطائفية.
وهناك أسباب عدة دفعتني للقيام بهذا الواجب في تهنئة أصدقائي من المسيحيين.. أولا أنني أحبهم في الله! أحب كل واحد منهم كإنسان مصري بغض النظر عن ديانته, ولذلك أنتهز أي فرصة لأعبر لهم عن بعض حبي! ومنهم الشيوخ والشباب وأفتخر بصداقتي لإنسان عجوز لكنه ملئ بروح الشباب يحب المرح ويكره النكد اسمه أمين فخري عبدالنور وهو من مواليد سنة 1913 في ذات السنة التي ولد فيها أديب نوبل نجيب محفوظ, يعني عمره الآن 97 سنة وامسك الخشب مليون مرة.
ومن الذين أعتز بصداقتهم جدا أسرة المرحوم أنطون سيدهم مؤسس جريدة وطني, ويا سلام علي زوجته السيدة سميرة رأيتها دوما إنسانة عظيمة بحق وفيها مواصفات المصري الجميل, أما ابنه يوسف رئيس التحرير الحالي فينطبق عليه المثل القائل ابن الوز عوام رغم أنه في الأصل باش مهندس.
ولا أريد الاستطراد في ذكر أصدقائي الأقباط, فالكلام عنهم وخصائص كل واحد منهم يستغرق صفحات وصفحات, وحرصي علي تهنئتهم يرجع بالدرجة الأولي إلي حبي لهم.
وأخيرا فإنني أحب بلادي, والعلاقات بين المسلمين والأقباط لا تعجبني أبدا, وأراها قد وصلت إلي درجة خطيرة من التوتر حتي بين الطبقات الشعبية وتراجع التسامح في مواجهة التعصب من الجانبين! والحل لا يكمن في استدعاء الشرطة وتدخل المسئولين بل أن يقوم كل إنسان بدوره ويكفيه شرفا أن يكون قطرة في بحر التغيير والتصدي للفتنة والتعصب وأسألك: ماذا فعلت حضرتك من أجل ذلك؟ هل حاولت أن تكون خطوة من رحلة الألف ميل من أجل مصر التسامح والمواطنة الحقيقية؟ أم حضرتك ولا مؤاخذة متعصب, ومنحاز لطرف ضد الآخر, ومع ذلك لا تمل من الحديث عن الوحدة الوطنية! ويصبح أمرك غريبا في هذه الحالة يا صديقي! وقد يرد البعض قائلا: شوف نفسك أولا يا عمنا فأنت من الإخوان المسلمين ورمز من رموزهم ومنحاز لهم.. وأرد قائلا: هذا صحيح تماما, وياريت الإخوان يبقوا زيي! ويحرصوا علي مودة الأقباط وحبهم.. ففي هذه الحالة ستجد مصر كلها قد تغيرت إلي الأفضل والأجمل تماما مثل واحد قبطي متدين ومخلص جدا للكنيسة, وفي ذات الوقت بحب المسلمين, إنه يستحق تعظيم سلام وألف تحية له ولصديقه الإخواني الذي لا يعرف التعصب.