أسقف الإسكندرية علي الأرمن الكاثوليك
في الإنجيل وقائع متعددة تشير إلي الصوم بالتلازم مع الصلاة ففي إنجيل القديس متي نري كيف عجز التلاميذ عن شفاء صبي مصاب بالصرع ولما تقدم والده من يسوع يشكو التلاميذ لعدم استطاعتهم شفاء ابنه أمر يسوع بأن يأتوا بالصبي إليه انتهره يسوع فخرج منه الشيطان,فشفي الطفل في تلك الساعةمتي17:14-21ولما استفهم التلاميذ من يسوع عن سبب عجزهم هذا,أجابهم:هذا الجنس من الشيطان لايخرج إلا بالصلاة والصوم متي17:21.وفي أعمال الرسل نجد مشاهد متعددة يقترن فيها الصوم بالصلاة ففي لقاء تم في الكنيسة التي في أنطاكية بين بعض الأنبياء والمعلمين ومنهم برنابا وشاول أي بولسأقاموا الصلاة وهم صياما سعيا لاستلهام الروح القدسفبينما هم يقضون فريضة العبادة للرب ويصومون,قال لهم:الروح القدس:أفردوا برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه.فصاموا وصلوا ثم وضعوا عليهما أيديهم وصرفوهماأعمال الرسل13:1-3وهكذا نلاحظ أن الصوم والصلاة متلازمان:فالصوم لامعني له دون مرافقة الصلاة له.في الصوم يسمو الإنسان عن جسده وعن رغباته وفي الصلاة يسمو الإنسان بروحه ليتحد مع ربه وكأن الصوم والصلاة معا يحققان وحدة الإنسان في سموه وتعاليه عن العالم ليتحد مع ربه ,ويجد عنده مصدر تجدده في روحه وجسده.
الصوم مسيرة فرح وقيامة:
ربطت الكنيسة زمن الصوم بالقيامة المجيدة فالآلام الخلاصية هي العبور إلي تجلي القيامة فأصبح الصوم فترة عبور إلي القيامة مع المسيح القائم من القبر لأنه مع صليب المسيح تبدل معني الألم والصوم فأصبح الصليب جسر عبور وفصح خلاص:صليبك يكون جسرا لهم ومعموديتك سترا لهم.جسدك ودمك يبلغهم طريقا للسماء يرشدهمتلك هيسيمفونية عن خلاصناعلي حسب تعبير القديس إيريناوس.
يشبه آباء الكنيسة هذا العبور وهذا الصوم برحلة بحرية تقوم بها الكنيسة التي نرمز إليها بـالكنيسةلتصل في نهاية رحلتها إلي ميناء الأمان علي هدي منارة الصليب علي حد قول السيد المسيح: تعالوا إلي جميعا أيها المتعبون المثقلون وأنا أريحكم (متي11:28).
الفرح محور إيماننا:
الفرح في المسيح هو محور إيماننا ,وصومنا وعملنا في هذا يقول القديس بولس:نحن نعلم الإنسان لايبرر بالعمل بأحكام الشريعة ,بل بالإيمان بيسوع المسيح…لأني بالشريعة مت عن الشريعة لأحيا لله.وقد صلبت مع المسيح فما أنا أحيا بعد ذلك,بل المسيح يحيا فيغلاطية2:16-20
خاتمة:
أحبائي :لم نفهم معني الصوم إلا بدخولنا في سر المسيح المتألم والمنتصر علي الموت,فيصبح عندئذ صومنا مسيرة توبة ,مسيرة فرح ورجاء,مسيرة لقاء بالرب يسوع,فنتحول من عالم الموت والقهر إلي ينبوع نعم غزيرة تفيض صلاة ومحبة وحياة مع المسيح الذي هدم في جسده الحاجز الذي يفصل بين الإنسان وذاته وبين الإنسان وأخيه الإنسان, وبين الإنسان وربه.
إن صومنا هو فعل تواضع ومحبة تقشف وحرمان. إنه ليتورجية توبة وتجدد وفرح وعطاء. إنه حياة تجعلنا أبناء الصليب والقيامة معا.
فهنيئا لكل صائم يعيش صومه بكل أبعاده وغاياته.