تعتقد بعض الأسر التي لديها معاق ذهني أن زواجه هو الضمان الوحيد من المصير المجهول الذي ينتظره بعد وفاة والديه, وذلك دون النظر إلي مصير هذا الزواج, فهل يجوز زواج الأشخاص المعاقين ذهنيا, وهل يستطيعون تكوين أسرة؟ وهل توجد قيود ومحاذير لمثل هذا الزواج؟
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي د. نادية عبدالله رئيسة قسم التأهيل الأسزي بمركز سيتي للتدريب في مجال الإعاقة الذهنية, فقالت: إن أكثر المشاكل التي تثير قلق الأسر إزاء زواج أبنائهم المعاقين ذهنيا هو إمكانية أن تورث إعاقتهم للأبناء, خاصة أن نسب الإعاقات الذهنية التي تورث كبيرة في حالة زواج شخصين معاقين, حيث إنها تقل نسبيا عندما يكون أحد طرفي الزواج فقط معاقا. ولكن هذا لا يعني أن كل شخص معاق ذهنيا سيتزوج سينجب طفلا معاقا, فالأمر يتعلق بنوع الإعاقة وسببها وشدتها, وهل هي متأصلة في العائلة أم لا.. بالإضافة إلي عدة عوامل أخري, لذلك لا يمكننا التعميم في هذا الأمر فكل حالة يجب أن تدرس علي حدة.
وأضافت د. نادية: إنه في حالة الشخص المعاق ذهنيا غير القادر علي الزواج وتكوين أسرة, نجد هناك تساؤلا ملحا للآباء, ماذا بعد وفاتي؟ من سيرعي هذا الابن إن لم يتزوج؟ وفي هذا المجال إذا كان الشخص المعاق يستطيع العمل ويعمل بالفعل فهذا أمر جيد. أما إن لم يكن فهناك مراكز لرعايتهم بها إقامة كاملة لهم, فلم يعد الأمر كما كان في الماضي فإما وجود الأهل مع الشخص المعاق أو الزواج. لذلك فمن الضروري الاهتمام بأسلوب تنشئة المعاق منذ الصغر, خاصة أنه في مجتمعنا كثيرا ما نجد الشخص المعاق يعتمد كليا علي أسرته وهذا أسلوب غير جيد, لكن الأفضل أن نجعل الشخص المعاق معتمدا علي نفسه ويتحمل المسئولية ولديه خصوصية ويحترم ويقبل الآخر ومن ثم يستطيع في المستقبل تكوين أسرة.
وقالت د. سامية عزيز استشارية مركز سيتي للتدريب والإعاقة, وأستاذة صحة الطفل العقلية بمعهد دراسات الطفولة بجامعة عين شمس: إن الكشف الطبي قبل الزواج مطبق من قبل الدولة للجميع للحصول علي شهادة تثبت عدم وجود أي موانع طبية لزواجهم. وتدرس وزارة الصحة ضم ما يطلق عليه شجرة العائلة إلي قائمة الفحوصات الطبية قبل الزواج, للكشف عن الأمراض التي يحتمل أن تورث, وهذه القائمة من المقترح أن تطبق علي الأشخاص العاديين وبالتأكيد هناك ضرورة قصوي لتطبيقها علي الأشخاص المعاقين قبل الزواج.
وأكدت د. سامية قائلة: ليست كل حالات الإعاقة الذهنية بها مشاكل في الزواج, فيوجد أشخاص قادرون علي تكوين أسرة. ولدينا نماذج نجحت في تكوين أسرة مستقرة, وقادرة علي الاستقلال وتحمل المسئولية وهذا بالنسبة للإعاقات الذهنية البسيطة, وليست حالات الإعاقة الذهنية الشديدة.
وأكدت الدكتورة سامية إلي أهمية الفحص الطبي للأشخاص المعاقين ذهنيا قبل إقرار الزواج من عدمه, وأن هناك عدة مراكز تقدم مثل هذه الفحوصات المتخصصة وبأسعار غير مبالغ فيها, منها علي سبيل المثال بالقاهرة: المركز القومي للبحوث بالدقي, ووحدة الأمراض الوراثية بمستشفي كلية الطب بجامعة عين شمس.