أشرت الأسبوع الماضي إلي أن الرئيس مرسي يكرر خطيئة سلفه الرئيس مبارك حين يتباطأ في الاستجابة لنداءات الشارع حتي أنه كلما قدم اقتراحا لحل الأزمة المحتدمة كان متأخرا وقابله ارتفاع سقف المطالب..
أشرت الأسبوع الماضي إلي أن الرئيس مرسي يكرر خطيئة سلفه الرئيس مبارك حين يتباطأ في الاستجابة لنداءات الشارع حتي أنه كلما قدم اقتراحا لحل الأزمة المحتدمة كان متأخرا وقابله ارتفاع سقف المطالب….الأسبوع الماضي شهد اجتماع بعض الشخصيات الوطنية تلبية لدعوة الرئيس وخرج الاجتماع ببيان يحاول أن يعكس مرونة سياسية بتقديم حلول وسط بشأن الإعلان الدستوري الذي فجر الأزمة التي عصفت بالبلاد وأيضا بشأن المطالب المناهضة للدستور بينما تشبث الإعلان بالالتزام بالاستفتاء في موعده-أمس السبت-علاوة علي الإصرار علي تحصين قرارات رئيس الجمهورية من الطعن عليها قضائيا.
من يتجاهلون حالة الشارع التي تجاوزت مرحلة الثورة إلي التمرد والهياج والعصيان المدني يتصورون أن ذلك الإعلان يقدم حلولا وسطا ويتقدم خطوة للأمام نحو علاج الأزمة خاصة وأنهم يرددون أن الرئيس من الصعب أن يبتلع جميع قراراته ويلغيها حفظا لماء وجهه,لكن علي الجانب الآخر من يعيشون حالة الشارع أو من كانوا ومايزالون في الشارع منذ الأربعاء الأسودأربعاء الاتحادية وتداعياته يعرفون تمام المعرفة كم الغضب والغليان والمرارة المستعرين في الصدور من رئيس الجمهورية وحزبه وجماعته وأنصاره وأجهزته الأمنية, حتي أنهم دخلوا في حالة من الثورة لم تعد تري مخرجا للأزمة سوي المطالبة بالخلاص منهم.
الحكايات التي يتبادلها الكافة حول سيناريوهات الأربعاء الأسود لايمكن أن يتصورها عاقل…جحافل الإرهاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تنقض علي الجموع المعتصمة أمام قصر الاتحادية وتهاجمها بمنتهي الوحشية والبربرية غير عابئة بكونهم معتصمين سلميين…تباغتهم كالصاعقة وتنقض عليهم بالضرب والتكسير والقتل وهي تكبرالله أكبر وتنشر كل صور الترويع وإطلاق الاتهامات ولا يسلم من بطشها أحد….حكايات من عايشوا هذا الرعب يندي لها الجبين لأنها تعيدنا إلي عصور الظلام وعصور فتوحات البربر,حكايات مطاردة الشباب والفتيات للتنكيل بهم وتعذيبهم ثم سؤالهم عن ديانتهم وعند اكتشاف أن أيا منهم مسيحي يتم الانتقام منه أو منها وسط سيل من السباب والإهانة والوعيد….لم يكن الضحايا الأقباط وحدهم في ذلك المصير البائس بل أنقض المجرمون أيضا علي الشباب المسلم وعلي كل من تبينوا أنه صحفي أو إعلامي يقوم بواجبه في تغطية الأحداث أو من تبينوا أنه ينتمي إلي تيارات سياسية مدافعة عن الدولة المدنية ومناهضة لجماعة الإخوان.
جاءت التصريحات الصادرة عن المراقبين لتلك الأحداث البشعة تتحدث عن خمسة قتلي ونحو سبعمائة مصاب هم حصيلة موقعة الهجمة البربرية التي شنتها جماعة الإخوان المسلمين علي متظاهري ومعتصمي قصر الاتحادية….لكن الأبشع من هذه الأرقام هي التفاصيل التي يسردها شهود الهجمة والذين وصفوها بأنها لا يمكن أن تكون مجرد معركة بين فريقين متصارعين من شعب واحد,وهي حتي لا ترقي لأن تكون معركة بين فريقين متعاديين من شعبين مختلفين,إنها تتردي إلي مستويات منحطة من انعدام الضمير الإنساني وانفلات الشهوة الشيطانية للترويع والتخريب والقتل باسم الدين وباسم الدفاع عن الشرعية وباسم الحفاظ علي النظام.
بقي أن نقول إن كل ذلك الشر استشري وانفلت في ظل حصانة ضد تدخل الأمن لحماية الضحايا أو لإيقاف الاعتداءات….الأمن الذي طالما تشدق بأنه لن يتدخل في المظاهرات السلمية لكنه لن يسمح بالخروج علي النظام أو اللجوء إلي العنف وقف يتفرج علي المشهد الكارثي وكأنه لاحول له ولا قوة….المهم ألا يتعرض قصر الاتحادية لأي سوء أما التصفيات الجسدية الجارية علي مرأي وسمع من الجميع بما فيهم إعلام مصر والعالم فلا بأس بها.
أبعد كل ماحدث في ذلك اليوم الحالك السواد والذي غابت عنه كل القيم الإنسانية علاوة علي كل مقومات الدولة يمكن أن يجلس ممثلو الشعب-ممثلو أولئك الضحايا-إلي مائدة حوار يوصف بأنه حوار وطني للخروج من الأزمة؟!!!…
أي مائدة حوار تلك التي تنصب قبل القبض علي المجرمين وتقديمهم للعدالة؟!!!…أي مائدة حوار قبل إعمال قوة القانون وترسيخ سلطة الدولة في القصاص للمجتمع ولضحايا الأربعاء الأسود من الإرهابيين والجلادين؟
إن قمة المأساة في الأربعاء الأسود أن القتلة أطلقوا علي أنفسهم حماة النظام بينما أطلقوا علي الضحاياالفلول…والحقيقة البشعة الصادمة أن من يسمعحكايات الفلول عن ذلك اليوم الكئيب سوف يستعصي عليه سماع أي شئ عنالحوار الوطني أو احتواء الأزمة.