كما أشار المجلس لأهمية تطوير السجون وأماكن الحجز والاعتقال وتحسين الظروف المعيشية للسجناء, ويرصد علي هذا الصعيد قرار وزير الداخلية بزيادة عدد مرات الزيارة في السجون إلي مرتين شهريا, وتيسير اتصال السجناء بذويهم من خلال تعميم الهواتف العامة داخل السجون والتطوير الحاصل في بعض السجون, لكن المجلس يسجل في ذات الوقت أنه مازالت هناك سجون أخري تحتاج إلي الحد اللازم من الاهتمام, كما يعاني السجناء من ظاهرة التكدس والإغلاق الجزئي لبعض السجون والحرمان من زيارة ذويهم أو تأخير حق الزيارة.
رصد تقرير المجلس خلال عام 2007 عدم توسع الدولة في تطبيق سياسات العفو والإفراج الشرطي والخدمة العامة علي نحو ما كان مأمولا في أعقاب تعديلات قانون الإجراءات الجنائية لتخفيف شروط الحبس الاحتياطي, ولم تستجب الدولة لمطالب مراقبي حقوق الإنسان بشأن الإصلاح في وزارتي العدل والتضامن الاجتماعي, فمختلف الدور العقابية لم تنل نفس الدرجة من الاهتمام, فعلي سبيل المثال لا يحظي مجمع سجون أبوزعبل شرقي القاهرة بذات الاهتمام الذي حظي به مجمع سجون طرة جنوبي القاهرة في برامج الإصلاح والتأهيل, فيما قل الاهتمام بالسجون الفرعية بالمحافظات, وتبرز الشكوي في سجني دمنهور وطنطا العموميين اللذين شهدا تهديدات بالإضراب والتمرد بسبب سوء المعاملة وتردي الأوضاع المعيشية والافتقاد للرعاية الطبية, وسجون الوادي الجديد ووادي النطرون وبرج العرب.
كما يعد سجن الغربينيات في برج العرب بالإسكندرية من أكثر السجون التي تشهد افتقادا لقواعد الحد الأدني للمعاملة الآدمية للسجناء, وتتفشي فيه ظاهرة سوء المعاملة, وقد أودع بالسجن خلال العامين الماضيين عدد من المعتقلين والمحبوسين احتياطيا في قضايا تتعلق بتهريب السلاح إلي قطاع غزة عبر سيناء بينهم مصريون وفلسطينيون, وعدد آخر من المعتقلين من أهالي سيناء علي خلفية الاشتباه بصلتهم بوقائع التفجيرات الإرهابية التي استهدفت منشآت سياحية, وكذا الذين يشتبه في قيادتهم لعدد من الأحداث الاحتجاجية في سيناء.
لذلك يوصي المجلس بأن تمتد سلطة النيابة العامة إلي تفتيش وزيارة أماكن الاحتجاز التي خول القانون وزير الداخلية سلطة تحديدها مثل مقار مباحث أمن الدولة, ومعسكرات قوات الأمن, دوريا أو بناء علي شكوي دون حاجة لاستصدار إذن من المحامي العام.
تراجع حرية التعبير
يسيطر علي المجلس قلق شديد وتخوف أشد من أي تراجع عن حرية الصحافة خصوصا حرية الرأي والتعبير بوجه عام, وهناك بعض الشواهد تثير التساؤل من إحالة الصحفيين إلي المحاكمة, والإسراف في رفع الدعاوي القضائية عليهم, والتي بلغت 500 دعوي العام الماضي, وكذلك حجب مواقع إلكترونية, ويري المجلس أن الضيق بالمساحة التي اكتسبتها حرية الرأي والتعبير والإسراف في استخدام حق التقاضي ضد أصحاب القلم والرأي وهم يمارسون واجبهم المهني والأخلاقي في تبصير المجتمع بمواطن القصور والإهمال والفساد, وكفالة حق التقاضي لا تعني إساءة استخدامه, كما أن البصيرة الوطنية في تفهم رسالة الصحافة تأتي قبل حدة البصر السياسي في ملاحقة الصحفيين وأصحاب الرأي.
مكافحة الإرهاب
من ناحية أخري مازال المجلس القومي يطالب بألا يكون قانون مكافحة الإرهاب ذريعة لتكريس الوضع الحالي تحت مسمي قانوني جديد, وبقدر ما سوف يتضمن من نصوص التجريم والعقاب بهدف صيانة أمن المجتمع واستقراره فإنه ينبغي ألا يمثل إهدارا لحقوق وحريات المواطنين أو الانتقاص منها, ولهذا فإن المجلس ينتظر أن يتضمن مشروع القانون ما يكفل طمأنة الرأي العام والمثقفين وأصحاب الرأي إلي أنه لن يكون وسيلة للتضييق عليهم أو مصادرة حقوقهم, لاسيما علي صعيد ما يثار حول التوسع في تجريم أفعال التحريض علي الإرهاب والأعمال التحضيرية التي يخشي أن تمثل تفتيشا في النوايا والضمائر قبل ملاحقة الأفعال, وبعد اجتماعات المجلس مع الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون النيابية تم التأكيد علي عرض مشروع القانون فور الانتهاء منه علي منظمات المجتمع المدني والرأي العام.
المحاكم العسكرية
رصد المجلس خلال العام الماضي إحالة بعض المتهمين المدنيين إلي المحاكم العسكرية في مخالفة لما ينص عليه الدستور المصري والمواثيق الدولية ذات الصلة في حق المتهم في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي, وعلي الرغم عما يمثله التعديل التشريعي الذي أتاح الطعن في الأحكام الصادرة عن محاكم عسكرية من تطور إيجابي, إلا أن واقع إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري مازال يعتبر محلا للانتقاد داخليا وخارجيا, بوصفه مخالفة للمبادئ الدستورية وأحكام المواثيق الدولية التي صادقت عليها مصر, وارتضتها لتكون بذلك ذات قوة ملزمة بموجب حكم المادة 151 من الدستور.
المعالجة الأمنية في سيناء
قال المجلس إن استمرار اعتقال أعداد ليست بقليلة من المواطنين أيا كان انتماؤهم الفكري أو السياسي أو العقائدي, وهو أمر يزيد من حالة الاحتقان في المجتمع, طالما كانوا لا يخالفون القوانين والنظام العام, ولاسيما أن نسبة كبيرة من هؤلاء ينتهي الأمر إلي إطلاق سراحهم, الأمر الذي يعني تهافت الاتهامات الموجهة إليهم, وأن هذه الاعتقالات تطول بعض شباب طلاب الجامعات أحيانا, كما أن المعالجة لبعض المخاطر والمخاوف في سيناء لم تخل من تجاوزات وتعميم في استخدام رد فعل عنيف لا يتناسب مع موجباته, ومازال المجلس يؤكد أن المعالجة الأمنية وحدها لن تحقق أهدافها المرجوة في سيناء, ما لم تقترن بخطط تنموية ومبادرات علي الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تواجه جذور المشاكل وتزيل مسببات التوتر وتلبي مطالب أهل سيناء لاسيما في مسائل المياه, ملكية الأرض, العمل والسكن وغيرها من الخدمات الأساسية.
الالتزامات الدولية والعصيان المدني
أشار المجلس إلي أن مسار حقوق الإنسان عام 2007 بوجه عام اتسم بحالة من المد والجذر, فمن ناحية وضعت الحكومة علي عاتقها أكثر من 30 التزاما أمام المجتمع الدولي لتعزيز احترام الحقوق الأساسية والحريات العامة في معرض تعزيز ترشيحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, لكن من ناحية أخري لم تنعكس هذه الالتزامات علي أرض الواقع, لا علي مستوي التشريعات ولا الممارسات, وظلت أولوية تعزيز الاستقرار والأمن تعلو علي ما عداها بتأثيرات ذلك علي مساحة العمل بهذه الالتزامات وعلي إيقاعها في مجال الحقوق المدنية والسياسية, كما تغلبت معايير النمو الاقتصادي علي قيم التنمية في السياسات الاقتصادية, فحجبت شعور المواطنين بما تحقق من نمو ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي, وأطلقت موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات السلمية من إضرابات واعتصامات, قد يحسب للدولة تجاوبها مع بعض مطالبها, لكنها تظل حالة كاشفة عن حجم معاناة المواطنين في إشباع حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.
أوضح المجلس في تقريره أن الحكومة المصرية خاضت جدلا متكررا خلال عام 2007 حول سجلها الخاص بحقوق الإنسان علي المستوي الدولي عقب صدور تقارير وبيانات دولية, حكومية وبرلمانية وغير حكومية, تنتقد بعض الوقائع أو السياسات التي انتهجتها الحكومة, ورغم أن بعض هذه التقارير اتسم بطابع التسييس وازدواجية المعايير في بعض ما أورد من تقييمات, إلا أن الحاجة تظل ماسة لمناقشة موضوع الانتقادات, وتفنيد الوقائع المدعاة, فلا يكفي إطلاق الأحكام العامة واتهام الأطراف الدولية بالتدخل في الشئون الداخلية للدولة, إذ يظل جوهر منظومة حقوق الإنسان الدولية التي أسهمت مصر في تأسيسها والانخراط فيها يدمج حقوق الإنسان في الشأن العام كما هو في الشأن الداخلي.
أعاد المجلس نشر ما تضمنته مذكرة مصر لعضوية المجلس الدولي لحقوق الإنسان من تعهدات دولية وإقليمية والتي تضمنت 16 التزاما, وكذلك 15 التزاما علي المستوي المحلي منها صون حرية الصحافة, مواصلة الالتزام بتعزيز المجلس القومي لحقوق الإنسان والرد علي تقاريره والنظر في توصياته وملاحظاته بغية تنفيذها, مواصلة تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا من خلال برامج التمييز الإيجابي, الالتزام برفع حالة الطوارئ الراهنة بمجرد الانتهاء من وضع التشريعات الجديدة لمكافحة الإرهاب واعتمادها والتي تهدف إلي تحقيق توازن دقيق بين حماية أمن المجتمع واحترام حقوق الإنسان, وغيرها من الالتزامات.
تابع التقرير السنوي
شكاوي المسيحيين والمسلمين
كشف التقرير السنوي الرابع للمجلس القومي لحقوق الإنسان عن وجود 35شكوي مقدمة من بعض المواطنين المسيحيين بتغيب بناتهم أو آخواتهم,وأرجعوا ذلك إلي أن وراء أسباب تغيب بناتهم هو قيام بعض المواطنين المسلمين بإجبارهن علي تغيير ديانتهن,وقامت وزارة الداخلية بموافاة مكتب الشكاوي بالمجلس بنحو23 ردا علي المخاطبات الموجهة لها بشأن اختفاء بعض المواطنين في ظروف عامضة,وأفادت وزارة الداخلية في15 ردا منها باستمرار عمليات البحث عن المختفين بمعرفة الجهات المختصة بالوزارة,خاصة بعد استبعاد شبهة غيابهم جنائيا,وعدم إتهام ذويهم لأية جهة أو أفراد بالتسبب في ذلك الغياب!
أهابت الوزارة في ردودها-كما ورد بالتقرير -بأهالي الأشخاص المختفين بالتوجه لإدارة البحث الجنائي بمديريات الأمن التابعين لها للتقدم بما لديهم من معلومات تفيد في كشف ظروف وملابسات اختفاء المواطنين محل الشكاوي.
أما الشكاوي المقدمة من بعض المواطنين المسيحيين بإختفاء بناتهم أو أخواتهم علي يد مواطنين مسلمين لإجبارهن علي تغيير ديانتهن,أفادت ثلاث مذكرات مرفقة بردود من وزارة الداخلية أن السيدات محل الشكوي قد قمن بتغيير ديانتهن بمحض إرادتهن وبعد زواجهن بمواطنين مسلمين وإنجابهن لأطفال, وأن أماكن إقامتهن معروفة لأسر الشاكين.
بينما راجعت وزارة الداخلية الأزهر الشريف حول تقدم بعض المذكورات في الشكاوي بتغيير ديانتهن من المسيحية للإسلام رغم معاناتهن من حالة فصام ذهني, ولم يستدل علي قيام المذكورات بإشهار إسلامهن,وقامت وزارة الداخلية بإتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد مكان تواجد المواطنات المذكورات والوقوف علي أسباب الشكاوي.
كما رصد تقرير المجلس أيضا شكاوي مقدمة من بعض الأسر المسلمة بإدعاء اختفاء زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم علي يد رجال ونساء مسيحيي الديانة لإجبارهن علي تغيير ديانتهم من الإسلام للمسيحية,وأفاد أحد الردود من وزارة الداخلية بأنه لم يستدل علي صحة الإدعاءات المشار إليها في الشكاوي,وأن بعض الشاكين معروف عنهم سوء السلوك والسمعة,وسبق اتهامهم والحكم عليهم في عدة قضايا سرقة وبلطجة وخيانة أمانة,بينما تبين من الرد الثاني قيام المواطنة محل الشكوي بالهروب مع أحد المواطنين المسيحيين واعتناقهم المسيحية,وقامت بعد زواجها من المسيحي بتغيير اسمها واستخراج بطاقة رقم قومي مزورة من سجل مدني الدقي,مما استدعي عرضها علي نيابة أمن الدولة العليا لاشتراكها مع آخرين في تزوير بطاقة الرقم القومي!
كما أكدت وزارة الداخلية علي أنه لم يستدل علي صحة الإدعاءات المتصلة بتعرض المواطنات المذكورات للتعذيب وإساءة المعاملة داخل أقسام الشرطة,وأفاد رد آخر من وزارة الداخلية بعدم اعتدادها بالشكوي المقدمة من أحد الأفراد بإدعاء تعرضه وأخرين للخطف علي يد مجهولين نظرا لأن مقدم الشكوي تبين من التحري عنه أنه من العناصر المهتزة نفسيا التي لا يعتد بما يصدر عنها.
سوء إدارة الأزمات
الملاحظ في هذا التقرير إنه خصص جزء خاص حمل عنوانالشكاوي والردود الخاصة بحالات التغيب,وأشار فيه إلي شكاوي المواطنين المسيحيين لتغيب بناتهم للتحول للإسلام,ونفس الأمر شكاوي المواطنين المسلمين لتغيب بناتهم للتحول للمسيحية,في حين إنه وضع مثل هذه الشكاوي في التقرير السابق في الجزء الخاص بعمل لجنة المواطنة,حيث سبق أن رصد المجلس 33شكوي من المسيحيين لاختفاء بناتهم,بينما لم يرصد أي شكوي من المسلمين لإختفاء بناتهم.
سبق وأن رصد المجلس في تقريره السابق شكاوي بانتهاك حرية العقيدة ووضعها في الجزء الخاص بعمل لجنة المواطنة,بينما في تقرير هذا العام وضعها في الجزء الخاص بالشكاوي التي وردت للمجلس تحت عنوانالشكاوي والردود الخاصة بإدعاء انتهاك حرية العقيدة.
حيث ورد لمكتب الشكاوي بالمجلس29شكوي,منها شكوي مقدمة من مواطن مقيم بقرية أولاد محمد بمركز الغنايم محافظة أسيوط لانتهاك حريته والمئات من معتنقي الديانة المسيحية بقريته في ممارسة الشعائر الدينية مع جماعة أو علي الملأ أو في مكان العمل,وتعسف موظفي الإدارة في استخدام السلطات الممنوحة لهم للتضييق عليهم في إعلان عقائدهم وممارسة الشعائر الدينية,إما بشكل مباشر من خلال منعهم من أداء شعائر العبادة,أو بشكل غير مباشر من خلال تعطيل استكمال عمليات الإحلال والتجديد بدور العبادة,علي الرغم من حصوله علي قرار من محافظ أسيوط بالإحلال والتجديد علي نفس الموقع والمساحة والارتفاع,وصدور قرار في مجلس مدينة الغنايم بالهرم.
كما قدمت 5 شكاوي تتعلق بأحداث الفتنة الطائفية في قرية بمها بالعياط,والتي بدأ بشائعة لا أساس لها من الصحة حول قيام مسيحيي القرية بتحويل أحد المنازل إلي كنيسة دون الحصول علي الإجراءات اللازمة,ودعم من نشر هذه الشائعة قيام أقباط القرية بالبدء في أعمال الهدم بالمنزل واستغلال بعض المحرضين صلاة الجمعة لحشد المصلين من المسلمين للقيام بأعمال حرق بعض منازل الأقباط ونهب المحال التجارية الخاصة بهم.
هذا الأمر دفع بعض المسيحيين لاستخدام الشوم والحجارة والأسلحة البيضاء والنارية والإستعانة بمسيحيي القري المجاورة لمواجهة أهالي القرية من المسلمين,مما نجم عنه إصابات العشرات من الطرفين وأمرت نيابة العياط بضبط وإحضار 60متهما للتحقيق معهم في هذه الأحداث.
أشار التقرير إلي أن هذه الأحداث كشفت عن سوء إدارة مثل هذه الأحداث في بدايتها,وعدم الاستفادة من نتائج أحداث مماثلة سابقة,وغياب الثقة والشك المتبادل في النوايا,وتشويه صورة الطرف الآخر,وغياب ثقافة التسامح مما يستدعي وضع تصور متكامل للتعامل مع هذه القضية التي باتت تهددالأمن القوميلمصر محليا ودوليا وفقا لما جاء في الشكاوي الواردة لمكتب الشكاوي في هذا الشأن.
شكاوي البهائيين
كما رصد تقرير المجلس 21شكوي يطالب أصحابها باستخراج بطاقات رقم قومي لهم مثبت فيها ديانتهم البهائية,وأشار أصحاب هذه الشكاوي إلي رفض جهات العمل وإدارات التجنيد بوزارة الدفاع قبول أوراقهم سواء للعمل أو التجنيد,إلا بعد استخراجهم لبطاقات الرقم القومي,ونظرا لرفض مكاتب السجل المدني تدوين الديانة البهائية في خانة الديانة,فقد طالب هؤلاء الأفراد بتمكينهم في حقهم في حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية من خلال استخراج هذه البطاقات لهم مدونا بها الديانة البهائية.
تلقي المجلس 17ردا من وزارات الداخلية,الصحة والسكان,التربية والتعليم,التعليم العالي,والدفاع بشأن الشكاوي التي قدمها بعض المواطنين بشأن امتناع بعض الجهات في هذه الوزارات عن إثبات الديانة البهائية في الأوراق والمستندات الرسمية لأصحاب الشكاوي,مما حال دون تسلم بعضهم لعمله,وعدم قيد آخرين بالجامعة,وعدم استكمال الملف التجنيدي لآخرين,وعدم استخراج بطاقة الرقم القومي الخاصة بهم وأشارت الردود إلي إجماع الفتاوي الصادرة عن قسمي الفتوي والتشريع بمجلس الدولة علي وجوب إثبات الديانات السماوية الثلاث المعترف بها في البلاد فقط,وحظر إثبات ما يخالف ذلك بخانة الديانة أو ترك خانة الديانة خالية,ونوهت الردود إلي إصدار المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 2006/12/16 بتأكيد صحة مسلك جهة الإدارة في رفض إثبات البهائية كديانة بالمحررات الرسمية,وأكدت الوزارات السابقة جميعها التزامها بتنفيذ الأحكام القضائية في هذا الشأن.
تصنيف الشكاوي
أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان عن تلقيه 6677 شكوي خلال الفترة من يناير وحتي نهاية ديسمبر 2007,ووصل عدد الشكاوي التي وصلت بالبريد 2942 شكوي بنسبة 44.1% بينما تلقي 1716 شكوي عبر الفاكس بنسبة25.7%,بينما بلغت عدد الشكاوي التي وصلت للمجلس عن طريق الحضور لمقر المجلس 1317 شكوي بنسبة19.7 %,في حين جاء الإبلاغ من خلال وحدة الإعلام بالمجلس التي تقوم برصد التجاوزات والانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان التي تنشرها الصحف المصرية في المرتبة الرابعة. إذ بلغ عددها 271 شكوي بنسبة 4.1%,بينما جاءت للمجلس201 شكوي من المجالس النوعية الآخري مثل المجلس القومي للمرأة,ثم 190 شكوي عبر التلغراف,و40شكوي عبر البريد الإلكتروني.
جاءت محافظة القاهرة في صدارة المحافظات التي وردت منها شكاوي,حيث بلغت الشكاوي الواردة منها1099 شكوي,ثم الجيزة469شكوي,ثم الإسكندرية453,بينما جاءت محافظة جنوب سيناء في المركز الأخير بعد أن بلغت الشكاوي الواردة منها 400شكوي.
وصلت عدد الشكاوي المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية2825 شكوي بينما جاءت الشكاوي المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية 2156شكوي,في حين بلغت عدد الشكاوي التي لا تقع في اختصاص عمل المجلس1482شكوي,ثم 165 شكوي تتعلق بحقوق المصريين في الخارج,وأخيرا 49 شكوي تتعلق بقضايا عامة في مصر.
ضعف تجاوب الجهات الحكومية
من ناحية أخري رصد المجلس في تقريره انخفاضا في تجاوب بعض الوزارت والمؤسسات وكافة الجهات المعنية في الرد علي الشكاوي الموجهة من مكتب الشكاوي بالمجلس مقارنة بالأعوام الماضية,حيث وصلت نسبة التجاوب خلال عام2004 إلي22%,وعام 2005 إلي48.7 %,وعام 2006 وصلت إلي63.1%,بينما تراجعت في عام2007 إلي53.8%.
احتلت صدارة الجهات التي تجاوبت مع شكاوي المجلس النائب العام,حيث أرسل المجلس 230شكوي وتلقي من النائب العام229 ردا,ثم وزارة العدل التي أرسل لها المجلس92 شكوي وتلقي91 ردا,ثم وزارة الدفاع التي أرسل لها المجلس 74شكوي وتلقي70 ردا,ثم وزارة الكهرباء أرسل لها المجلس59 شكوي وتلقي 55ردا,أما وزارة البترول فأرسل لها المجلس 25شكوي ولم يتلقي ردا إلا علي شكوتين فقط.
أرسل كذلك المجلس133 شكوي لمحافظة القاهرة وتلقي 112ردا,وأرسل إلي محافظة البحيرة 45شكوي وتلقي 25ردا,بينما أرسل المجلس إلي محافظة الجيزة35 شكوي ولم يتم الرد إلا علي شكوتين فقط.
إصلاح المنظومة التشريعية
أشار المجلس إلي أن الحكومة لم تحقق استجابة ملموسة لتوصياته في تطوير التشريعات والإجراءات التي اقترحها من أجل اجتثاث ظاهرة التعذيب,وإفلات مرتكبيه من العقوبة رغم ما تسببه هذه الظاهرة من معاناة للمواطنين,والأضرار بسمعة البلاد,ولا بتلك التوصيات التي تتعلق بكفالة تطبيق معايير الحد الأدني لمعاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين,والتي تكشف الشكاوي الواردة للمجلس وتحقيقاته عن مدي إلحاحها.
يندرج الأمر كذلك فيما يخص توصيات المجلس بشأن تطوير التشريعات المنظمة لتأسيس وعمل مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها القانون رقم 84 بشأن الجمعيات الأهلية,والقانون رقم100بشأن النقابات المهنية,ولائحة الأنشطة الطلابية الصادرة عام1979,وجميعها تمثل مرتكزات أساسية لتطوير المجتمع المدني وتعزيز الحريات العامة.
القانون الموحد لدور العبادة
من ناحية أخري كان المجلس قد عول علي سرعة تحرك الحكومة لدراسة وتقييم مشروع القانون الذي اقترحه المجلس بشأن قانون البناء الموحد لدور العبادة وتوصياته للقضاء علي بعض مظاهر التمييز والعمل علي تقديمه خلال الدورة البرلمانية الحالية,لأهميته في تعزيز حقوق المواطنة وعدم التمييز,وتحجيم ظاهرة الاحتقان الطائفي,التي تتاصعد تجلياتها علي نحو مثير للقلق,حيث يرصد المجلس أنه وحتي لحظة مثول هذا التقرير للطبع التردد الواضح وغير المبرر من اتخاذ هذه الخطوة!
وختم المجلس تقريره بتقديم عدة توصيات تمثلت في:
*مواجهة كافة مظاهر إساءة معاملة المواطنين وانتهاك كرامتهم الآدمية في أماكن الاحتجاز والحبس,وضرورة إشراك كافة المؤسسات المعنية في الدولة في وضع استراتيجية متعددة المحاور تشريعية,وإدارية,وتثقيفية بهدف كفالة احترام الكرامة الإنسانية للمتهمين والمعتقلين والمحتجزين وسائر المواطنين حال تواجدهم في أقسام الشرطة وأماكن الحبس والاحتجاز.
*يكرر المجلس مطالبه السابقة بضرورة تعديل النصوص القانونية وتوسيع نطاق التجريم ليشمل تعذيب المتهمين والمحتجزين بصفة عامة أيا كان مكان احتجازهم,وأن يعاقب علي التعذيب بجناية ولو لم يكن ذلك بقصد حمل المتهم علي الاعتراف,وأن يتاح للمجني عليه الإدعاء المدني المباشر أمام القضاء عن جرائم التعذيب.
*رفع القيود علي النشاط الحزبي والنقابي والأهلي,وإصدار قانون جديد لتنظيم الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية علي أساس نظام القائمة النسبية,وتنظيم ممارسة المصريين في الخارج لحق الانتخاب والنص علي التمييز الإيجابي الذي يضمن حدا أدني لتمثيل المرأة في المجالس النيابية.
*أهمية تبني ما خلص إليه مؤتمر حقوق المواطنة وما نتج عنه منإعلان حقوق المواطنة الذي يتضمن مطالب في غاية الأهمية,منها ضرورة إجراء مراجعة تشريعية شاملة لتعديل أي قوانين تتضمن شبهة التمييز بين المواطنين علي أساس الجنس,أو العرق,أو الدين,وضرورة إصدار قانون لتكافؤ الفرص وحظر التمييز,وكذلك أهمية حذف خانة الديانة من الأوراق الرسمية,أو عدم الاقتصار علي الديانات السماوية الثلاث,وضرورة سرعة إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة.
ذكر التقرير أن المجلس القومي لا يغيب عنه طبيعة دوره الاستشاري وأن قراراته غير ملزمة,إلا أن هناك قناعة لدي المجلس تري أن تعزيز الحقوق الأساسية والحريات العامة أقدر علي صون الأمن,وأن تسريع وتيرة الإصلاح السياسي وليس إبطاءها يؤدي للاستقرار.