اعتبر مثقفون وأساتذة جامعيون حماية المراكز البحثية العربية أول السبل لتأكيد الهوية العربية في ظل العولمة وسيطرة القطب الأوحد علي العالم محذرين من انطواء الشخصية العربية علي ذاتها أو تهميشها أو ذوبانها في الآخر المفتقد للاستقرار الاجتماعي رغم تفوقه العلمي.
وقال المتحدثون في مؤتمرالنهضة العربية في العصر الحديث من فلسفة النظرية إلي تفعيل الواقع الذي عقد مؤخرا بآداب عين شمس إن الحالة العربية الراهنة يخشي معها تغييب حقيقة أن تاريخ الأمم لايكتمل وأن الحضارة العربية قابلة للتمدد والعطاء. وأكد المفكر الكبير السيد يس أن هزيمة يونية 1967 مثلت نهاية المشروع القومي العربي ليعقبها محاولات النقد الذاتي لفكر النهضة العربية وكشف أنظمته المفتقدة للتفكير العلمي والديموقراطية معا وصولا إلي تشخيص أزمة التطور العربي عقب نصر أكتوبر محاولة لإحياء فكر النهضة التي تصارع معها تيار الهوية الإسلامية مع تيار الهوية العربية ويغيب معهما التفكير في صياغة استراتيجية للمستقبل العربي وتفتقر التجربة المصرية بمرور الوقت لتفعيل دور مثقفيها في صياغة منظومة معرفية عربية لإنتاج المعرفة والديموقراطية والشفافية وتداول المعلومات وهو ما عجزت الحكوماتالذكية والغبيةعلي السواء عن تحقيقه.
المفكر والكاتب لويس جريس فاجأ الحضور بربط مايدور بالعالم العربي حاليا بخطط غربية يتجاوز عمرها 200 عام,فقال إن مجيء حملة بونابرت إلي مصر عام 1798 لم يكن مصادفة بدليل اصطحابه 30 عالما لتدوين كل معلومة عن ربوع مصر وهو ما ترفضه حكومة نظيفحاليا لفهم حقيقة وضع الشعب. وأضاف أن مخطط نابليون استمر بهجوم الإنجليز ضد الجامعة لمصرية وتشجيع الحاكم البريطاني كوتشينرالتعليم الديني والكتاتيب ثم المحاولات المعاصرة للسطو علي الجامعة الأزهرية خاصة بعد أحداث سبتمبر 2001 لتذويب ثقافة العالم العربي وهويته في الآخر الغربي. ولفت جريس إلي إدراك محمد علي حقيقة المخططات الغربية التي غابت عن المنطقة العربية 35 عاما صارت مصر خلالها ثالث أكبر قوة عسكرية في العالم قبل انهيار أسطولها وفرض شروط معاهدة لندن عام 1840 عليها وهي ذات الشروط التي استنسخها الغرب في معاهدة كامب ديفيد بعد نحو 140 عاما واستكمل لويس رافضا نظرية المؤامرة أن مايجري الآن بمصر ضمن مخطط أكبر مع اعتيادها استقبال انقلابات كل عقدين فحالة الجدل الإعلامي والسياسي ولغط الفضائيات والصحف الخاصة وتراجع دور الأحزاب وتصدر الإخوان الصراع مع الحكومة يشير إلي أمور لايمكن التنبؤ بها لغياب رؤية مستقبلية لذاتنا مقابل فهم غربي أعمق لنا.
وأيد الدكتور عفت الشرقاوي أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية الدعوة لحماية المراكز البحثية العربية حفاظا علي الهوية مطالبا بتدريس كتابالفكر اليوتوبي في عصر النهضة العربية الصادر عن مركز زايد للتنسيق والمتابعة التابع للجامعة العربية في أقسام اللغات بجامعة عين شمس انتصارا للمركز المتوقف نشاطه بعد حملة غربية قيدت صدور دراساته الداعمة للقضايا العربية والحوار مع الآخر من منطلق الندية, وحذر الشرقاوي من تمركز الحضارة العربية حول نفسها والاكتفاء بتأمل الآخر أو تجاهلها له.
وفيما دافع الدكتور جمال المرزوقي أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف عن مبدأ تدخل الدين في شئون الدنيا مدافعا عن شخصية المسلم التي لاتعرف الاستكانة أو الانكسار أمام الآخر لما تحويه من إيمان بقيمة العمل وقدرتها علي تجاوز فساد الأنظمة وتنشئتها اعتبر الدكتور عصام عبد الله إسكندر أستاذ الفلسفة وقوف العرب داخل أو خارج نظام العولمة أحد خيارين لما له من شروط وآليات لايملك أحد الهجوم عليها منبها للارتباط العضوي بين الفكر اليوتوبي والنهضة وغياب الاهتمام العربي المعاصر بالحقل المعرفي وغرابة الفكر الأوربي علي المجتمعات العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر لتقف شعوب المنطقة في حيرة من أمر العولمة خاصة بعد أحداث سبتمبر 2001 والتي مثلت منحني في علاقتها مع الغرب.