يقيني أن صناعة الوعي تبدأ من رب الأسرة القادر علي إدارة شخصية أولاده وتتجلي عبقريته كمدير ناجح مع بدء زرع اللبنة فيهم والعمل دائما علي تنمية روح المسئولية لديهم ومعه تنضج علاقة الود بين الطرفين لتفوز الأمم بتلك النماذج.. وهنا أتذكر حوارا نموذجا دار بين صديق كنت بزيارته وهو أب لشاب موظف بإحدي الجهات الرسمية ونجح الأول في تصحيح مفاهيم مغلوطة لدي الابن قد تجعله مديرا ناجحا ويسعد به أسرته ووطنه.. وإليكم نص الحوار:
الابن : بعد إذنك يا بابا أخدت قرار بالتخلي عن وظيفتي من أجل السفر وتكوين مستقبلي.
الأب: حصلت علي عقد؟
الابن: لا.. من خلال تأشيرة حرة.
الأب: السفر بدون عقد خطأ فادح لأنك تقع بين براثن تجار وسماسرة التأشيرات.. ثم.. وما طريقك للحصول عليها؟
الابن: دلنا عليها صبي يعمل بالمقهي الذي نجلس عليه يوميا نتسامر.
الأب: هل تعلم أن التأشيرة قد تكون مضروبة لأنك لم تستعلم عنها من خلال جهات الدولة.. واسمحلي يا ابني رغم أنك موظف بإحدي المؤسسات المنتجة, فإنك تجهل الطرق الشرعية للسفر.
الابن: مديري بالعمل السبب في التفكير بالسفر والاستغناء عن وظيفتي.. لانه بيشغلني طول الوقت وبيرفض أي أذون للخروج من العمل, وبعدين يا بابا لو سمحت هتساعدني تديني رسوم السفر ماشي.. لو رافض بلغني وأنا أتصرف.
الأب: أنت حتة مني ولو أطول أجيبلك العالم وأملكه ليك هعملها.. أنا بس من واقع خبراتي.. هقولك.. إنك لابد من اتباع تعليمات مديرك مادام بيعلمك أصول وأساسيات العمل وإتقانه, وإللي لازم تعرفه أن العمل واجب ديني ووطني, وأن المجاملة في أداء طريقة العمل جريمة في حق ربنا والوطن ومواطنيه إللي أنت واحد منهم.
يابني تذكر لو أنك لم تتعلم أي شيء عن عملك, فماذا تقدم عندما تصبح مديرا.. سنن الحياة تؤكد ذلك وأيضا خبراتك التي تتناقل إليك أوتوماتيك من خلال تأدية وظيفتك تزيدك خبرات تنفع بها أسرتك ووطنك.
أيضا عليك أن تعلم تماما أن الرضا بالدخل والانتماء لمؤسستك أساس البركة في الرزق إللي هو مش مال فقط بل يشمل كثيرا من نعم المولي كراحة البال والصحة والذرية الصالحة والزوجة الصالحة.
يابني.. لا تكن ضيق الأفق.. فإن رزقك واسع ومتعدد ولكنك لا تشعر به.. وأقولك كيف تحسبها؟.. بعدها قرر السفر من عدمه.. ما دمت استيقظت من نومك سليم معافي وذهبت لعملك علي قدميك ولم تحرم من غذاء بعينه أو شربة ماء, فاعلم أنك في نعيم, وما دامت الدولة توفر لك سبل السلامة والأمن الغذائي, فهذا ثراء فاحش.. يابني البلد دي أم الدنيا ومباركة فهي أرض الأنبياء ومهد الرسالات والحضارات والبلد التي قهرت الطغاة أيا كانت جنسيتهم.
يا ولدي.. لا تقسو علي وطن تستنشق هواءه وتعيش علي أرضه وتنعم بأمنه واستقراره فهذه هبات من الخالق منحها للمصريين وتحيا مصر دائما ولا وطن إلا هو.
الابن: والدي الحبيب.. لو كل الدنيا اتكلمت مع أولادها وفهمتها أصول العمل وقيمته.. هنكون أحسن ناس.. بابا حسبتها بسرعة.. لقتني كسبان عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا.. من خلال ما ذكرته.. كمان يا بابا علمتني حاجة أن بلدي لها حق عندي ولازم أتعب علشان تكبر ومن اليوم هتعمق في فهم أصول العمل وأمتنع عن الجلوس علي المقاهي وأثقف نفسي وأساعد في بناء الوطن من خلال نقل إيجابيات الفكر الجديد لبلادي إللي من خلالها نجحت في بناء قاعدة شبابية من صغار رجال الأعمال من خلال المشروعات سواء الصغيرة أو المتوسطة وإلي غير ذلك.
الأب: مبتسما.. عشت.. أنا اشتغلت وصرفت عليك حلال واتقيت ربنا في بلدنا واليوم بجني ثمارها فيك.
[email protected]
محمد المنايلي
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية