الإنصات فن له معايير ومقومات وإمكانيات, وهو سلوك حضاري جيد لا يعرفه كثير من الناس, فالإنصات يعني الاستماع باهتمام بكل جوارحك وكل حواسك وفكرك ومشاعرك, فبعضنا يحرص علي تعلم فن الإلقاء ومهارة التحدث أمام الناس, بينما لا نجد أحدا يتعلم فن الإنصات.. قد تكون متحدثا جيدا, ولكن في نفس الوقت لاتعرف كيف تستمع للآخرين, وكيف تقرأ حركات الشفاه وتعبيرات الوجه, ولغة الجسد, والناس يحبون من يسمع لهم, ويقدر آراءهم ويشعرهم بأهميتهم, والمستمع الجيد يكسب المزيد من المعلومات, ويفهم نفسية الآخرين, ويسلم من كثير من الفلتات, وينجح في بناء الصداقات والعلاقات, وأن تصغي لمحدثك يعني أن تقدم الاهتمام والتقدير لما يطرحه من أفكار وقضايا حتي لو كان يختلف معك في الآراء, ولا تندهش حينما تري محدثك يرتاح إليك, ويهتم بما تطرحه عليه, وهذا هو السر في أن الخطباء يهتمون في توجيه نظراتهم, والكلام إلي من يصغي إليهم بشكل جيد, ويتلقي الأفكار منهم بكل اهتمام. والإنصات الجيد يجعلك تبدو في أعين الناس أكثر حكمة وذكاء, أي يطبق المثل القائل كلي آذان صاغية, وهناك بعض السلوكيات للمنصت الجيد منها: الابتسامة, والبشاشة, وهز الرأس, وإظهار التلهف, واستخدام الإشارات, والنظر إلي المتحدث مع تجنب تركيز النظر إلي عينيه, فبهذا تساعد المتحدث علي الاسترسال في الكلام وتشعره بأهميته, وبالارتياح وبأنك تريد الاستماع إليه, وتهتم بقضيته.
ومن أهم مقومات فن الإصغاء عدم مقاطعة المتحدث, ومقاومة الرغبة الفورية في التحدث, فالمقاطعة المتكررة تعطي انطباعا سيئا عنك, وتغضب الآخر وتجعله غير سعيد بالتحدث إليك, فلا تنتقد المتحدث لطريقة كلامه أو تجرحه أمام الآخرين, وكذلك ليس من اللائق أن تكرر عبارة ‘ماذا قلت؟ أو ماذا كنت تقول؟, فهذا يعني عدم التركيز معه, فاحترم مشاعر المتحدث مهم مثل الإصغاء تماما.
وإذا كنت تعتقد بأن انشغالك في تجهيز ردود علي كلام محدثك وسرحانك ولو لثوان قليلة, يمر من دون ملاحظته فاعتقادك خاطئ, لأن عينيك سرعان ما تكشف ذلك بسهولة,
ونستطيع أن نتعرف علي الأفراد الذين لا يتمتعون بإنصات جيد من خلال سلوكيات واتجاهات معينة منها التركيز علي مظهر المتحدث وملبسه, التظاهر بالإنصات , الامتعاض إذا كان يحتاج الموضوع إلي تركيز وجهد.
وأخيرا .. لابد أن تعلم أن الإنصات لمحدثك قد يكون من أجل أن تتعلم منه ولذلك أنصت لتتعلم وليس بالضرورة لتنتقده.
الإيميل: [email protected]