** وطني: قدمنا الأسبوع الماضي الحلقة الأولي من الطريق إلي شرم الشيخ.. تحدي المفاوضات العسرة.. واليوم تقدم الحلقة الثانية حيث يواصل الكاتب استعراض شرائح مجموعات الدول المتقدمة والنامية التي عليها أن تواجه هذا التحدي.
6- المجموعة الأفريقية للمفاوضين: (African Group of Negotiators)
وتشمل هذه المجموعة عدد 54 دولة أفريقية, وهي تركز -مثل كل مجموعات الدول النامية- علي التحديات التي تواجهها في التكيف للآثار السلبية لتغير المناخ, وتسعي لإعطاء أهمية متساوية لقضايا التكيف ومسائل الفقد والتدمير- كما لقضايا التخفيف بالضبط- في كل العملية التفاوضية, وتنادي بمخصصات مالية لدعم جهودها في نقل التكنولوجيا, وبناء القدرات, والتكيف, والتعويض عن الفقد والتدمير.
7- مجموعة الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي: (Group of Argentina, Brazil& Uruguay) وهي تؤلف بين ثلاث دول ذات إنتاج زراعي مهم, ولهذه الدول يتعين إدراك الدور المهم للزراعة في التخفيف والتكيف, فحيث تقود الأنشطة الزراعية إلي ابتعاثات غازات دفيئة معينة (كالميثان وأكاسيد النيتروز) إلي جانب ثاني أكسيد الكربون, تؤدي هذه الدول دورا نشطا في التفاوض بشأن احتمالات الدفيئة العالمية لمختلف غازات الاحتباس الحراري.
8- التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا: (Bolivarian Alliance for the Peoples of Our America)
وهذا التحالف هو عبارة عن تجمع لعشر دول من أمريكا اللاتينية والكاريبي ذات الحكومات الاشتراكية/ الديمقراطية, وقد لعب هذا التحالف دورا رئيسيا في دعم هموم واهتمامات الشعوب الأصلية indigenous peoples في تفاوضات المناخ.
ولقد اقترح هذا التحالف إدخال مفاهيم العدالة المناخية في اتفاق باريس, ويدعم المقاربات غير الأسواقية للتعاون بين الأطراف.
9- الدول النامية ذات التوجه المتشابه: (Like-Minded Developing Countries)
وتشمل هذه المجموعة عدد 24 دولة نامية هي: الجزائر, وبنجلاديش, وبوليفيا, والصين, والإكوادور, ومصر, والسلفادور, والهند, وإندونيسيا, وإيران, والعراق, والأردن, والكويت, وماليزيا, ومالي, ونيكاراجوا, وباكستان, والعربية السعودية, وسيريلانكا, والسودان, وسوريا, وفنزويلا, وفيتنام.
وهذه المجموعة غالبا ما تتمسك بمبدأ المسئوليات المشتركة ولكن متباينة Common but Differentiated Responsibilities وتجعل منه الواجهة وحجر الأساس في كل مواقفها التفاوضية, وهي تدعو إلي الإجراءات الطموح والدعم من قبل الدول المتقدمة, وتركز علي المسئولية التاريخية لتلصق كل الجهود المطلوبة لمكافحة تغير المناخ بالدول المتقدمة وحدها دون غيرها.
10- المجموعة العربية: (Arab Group)
وتشمل هذه المجموعة عدد 22 دولة من الجزيرة العربية وشمال أفريقيا, ولأجل وجود دول بترولية ضمن هذه المجموعة فإنها تعطي اهتماما خاصا للتأثيرات السلبية لإجراءات التخفيف (كالارتحال النهائي عن الوقود الأحفوري) علي اقتصاداتها الوطنية, ولذلك فإن عنوان تأثيرات تنفيذ إجراءات الاستجابة هو بند تقليدي علي أجندة التغيرات المناخية, تصر هذه الدول علي أن يتصدرها, ولذا تتشبث المجموعة العربية والدول النفطية الأخري بفرض تحديات تنويع اقتصاداتها في الاستجابة لإجراءات التخفيف علي كل التفاوضات, والعربية السعودية هي دولة التصويت الأبدي باسم المجموعة.
11- مجموعة الـ77 والصين: (G-77 and China)
إلي جانب كونها عضوا في واحد أو أكثر من المجموعات أعلاه, فإن معظم الدول النامية أعضاء بـمجموعة الـ77 آند تشاينا. ولقد تأسست هذه المجموعة داخل الأمم المتحدة من 77 دولة نامية في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التجارة والتنمية عام 1967, ومنذ ذلك الحين راحت المجموعة تنمو أكثر وأكثر حتي بلغ عدد أعضائها 134 دولة, وفي تفاوضات التغير المناخي ألحقت الصين نفسها بالمجموعة, ولذلك فمجموعة الـ77 آند تشاينا هي أكبر مجموعة من الأطراف في تفاوضات التغيرات المناخية.
ومثل كل مجموعات الدول النامية تركز مجموعة الـ77 آند تشاينا علي مبدأ المسئوليات المشتركة ولكن متباينة, والقدرات المعتبرة المرتبطة في الاتفاقية. ويتشدد أعضاء المجموعة في الاتهام بمسئولية الدول المتقدمة عن النصيب الأكبر من الابتعاثات التاريخية, التي يتعين عليها بالضرورة أن تأخذ بزمام القيادة في التخفيف من تغير المناخ.
ويتمحور التركيز الآخر للمجموعة حول النداء المتواصل لتقديم الدعم المطلوب من الدول المتقدمة, ولكن باختلافات واسعة في وجهات النظر بين الدول الأعضاء بالمجموعة.
12- الاتحاد الأوربي: (European Union)
وبين جميع المجموعات التفاوضية ينفرد الاتحاد الأوربي بوضع خاص, فالاتحاد الأوربي (كاتحاد إقليمي له صفته المستقلة) هو طرف في اتفاقية المناخ وفي اتفاق باريس, وكذلك كل دولة من الدول المنخرطة في عضويته, والوفود من الاتحاد الأوربي (ككل), وكل دولة من دولة علي حدة, ينسقون مواقفهم علي مدار العام لإعداد مواقف مشتركة قبل كل دورة تفاوضية, ولكل بند من بنود الأجندة التفاوضية في مؤتمر التغير المناخي يتم اختيار ممثل (من إحدي الدول الأعضاء أو من المفوضية الأوربية) ليضطلع بالتفاوض نيابة عن الاتحاد الأوروبي ودولة الأعضاء, والدول الأعضاء لا تتحدث عن نفسها في التفاوضات.
ويركز الاتحاد الأوربي في التفاوضات كلها علي نقطة محورية هي زيادة إجراءات التخفيف, وتقليص ابتعاثات غازات الدفيئة, كما يقدم تزكية خاصة لأهمية مساندة الدول النامية, ويؤكد الجهود المرتبطة من قبل الاتحاد الأوروبي ودولة الأعضاء, وينادي بالإقرارات الشفافة فيما يتعلق بالإجراءات والدعم.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي لا يشارك في التعاون الطوعي تحت اتفاقية المناخ, فهو يقدم الاقتراحات دائما بالقواعد الحاكمة والشفافة لمثل هذا التعاون.
علي أنه بقدر ما يتم اعتبار تأثير المواقف المتباينة لكل المجموعات علي التفاوض, فإن القرارات كلها تتخذ دائما باجماع كل الأطراف, ولذلك فإن كل مجموعة مفردة تستطيع وحدها التأثير علي مخرجات التفاوض.
ورغم ذلك فإن المجموعات ذات العدد الأكبر من الدول الأطراف تنفرد بميزة احتياز عدد كبير من الخبراء المتاحين ضمن وفودها لتغطية كل الموضوعات بالعمق المطلوب, وتقديم خلاصات أبحاثهم لخدمة وفودهم في الوصول إلي أعضاء الوفود الأخري للمناقشة, والانتهاء إلي إجماع توفيقي مهم.
هذه البانوراما المرعبة من أطراف التفاوض, والمجموعات التفاوضية, جعلت الوصول للاجماع علي أي قرار أمرا أشبه بالمعجزة, يحتاج إلي صولات وجولات وتوافقات وتربيطات وتنازلات مؤلمة, حتي لقد صارت العملية التفاوضية أشبه بحرب فكرية ومنطقية وعلمية وقانونية حقيقية شديدة الأوار!!
وتلك هي أكبر التحديات التي تواجه التفاوضات في القمة العالمية للمناخ القادمة بشرم الشيخ.