تجتاح عالم الطاقة اليوم حركة جديدة لاستشراف مسارات التحول في الانتقال بعالم الطاقة الذي قد يقدم فرصا للأعمال تثري حياة البشر أجمعين علي ظهر الكوكب, ويمكن كل المجتمعات من الازدهار, ومن إعادة إنتاج النظم الداعمة للحياة الطبيعية علي الأرض.
ومجتمع الطاقةالعالمي مدعو الآن كي يتضافر معا في إحراز انتقالات ناجحة للطاقة قد تخصب الحياة وتثريها دون إجحاف أو تحال أو تحيز أو إلحاق الضرر بأي مصدر من مصادر الطاقة.
والتغيرات القائدة المحركة في طرق إنتاج وتجارة واستهلاك الطاقة تأتي بكثافة الآن من السكان العالميين الذين يتزايدون ترابطا, والأكثر وعيا بالبيئة, ومن الروح الجديدة للأعمال الصغيرة, والصعود الحادث للرقمنة التفكيكية.
وترتحل القوي الآن علي طول سلسلة القيمة للطاقة نحو المستهلكين المسلحين بالبيانات, بما في ذلك أولئك المشتغلون بالطاقة, والواقع أن التجددية في الانتقال الطاقي energy transition تندفع الآن علي نحو متزايد من القطاعات ذات الارتباط, وعلي الأخص قطاع النقل.
والتحدي يكمن في مناولة الرفاهية والرخاء للجميع, بتقوية الوعد البازغ للعهد الجديد بالوفرة العالمية لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة, والتكنولوجيات النظيفة.. ونحن بحاجة لأن نتخذ خطوات صلبة لحماية كوكبنا وتمكين جميع المجتمعات من الازدهار بتأمين تدفقات الطاقة المستدامة التي يعول عليها, ويمكن دفع ثمنها, لكل فرد في أي وقت, وأي مكان.
المنظورات الجديدة
علي مدي العقد الأخير ظل مجلس الطاقة العالمي يتبع بانتظام تبصرات القيادة, ومخرجات الأداء السياساتي, والتطورات الجديدة للطاقة, ولقد بزغت خلال ذلك أربعة منظورات جوهرية.
أولا: الارتحال إلي ما وراء استراتيجيات الحجم لتمكين خدمات القيمة المضافة
لقد دخل العالم عهدا جديدا يحمل وعدا بوفرة الطاقة النظيفة من امتزاج المتجددات بمسارات الكربون الصفري الخالصة, مع ذروة الطلب المتوقعة علي الوقود الهيدروكربوني, وتؤثر الرقمنة علي سلسلة القيمة للطاقة بما يمكن من مكتسبات الإمداد, وييسر الارتحال في القوي الكهربية من حائزي الموارد الرئيسيين إلي مجمعي جانب الطلب, فمستقبل طاقة أكثر ارتكازا علي المستهلك يبزغ الآن في عالم الطاقة, وعهد النمو ذي الأساس الحجمي بسبيله للانتهاء, بينما الفرص الجديدة للقيمة المضافة وخدمات الطاقة المستزادة في تصاعد مستمر.
ثانيا: القبول المتنامي للمعضلة الثلاثية المرتبطة بالطاقة
علي مدي العشرين سنة الماضية عانت أكثر من 120 دولة أحد نماذج التحسن الإجمالي في الأداء تجاه ما عرف بالمعضلة الثلاثية لأمن الطاقة, ومساواتية الطاقة, والمستدامية البيئية, وهذه التحديات السياساتية المترابطة مستمرة في الصعود ـ فالأمن المرن, والتكيف الدينامي, والمدخل الطاقي الأنفع, ونزع الكربنة الممكن أداء مقابله.. صارت جزءا من المفردات الجديدة المتداولة الآن بكثرة.
ثالثا: التفهم بأن التعجيل بالكهربة بينما يدفع نزع الكربنة دفعا حثيثا ليس كافيا بعد لتقليص زخم التغير المناخي
ليست كل احتياجات الطاقة واستخداماتها يمكن كهربتها, فالحرارة والقوي والفحم والغاز والوقود المائع والنووي ستكون مطلوبة لعقود عدة قادمة, واستراتيجيات نزع كربنة أعمق تتعاظم الحاجة إليها الآن للوصول إلي القطاعات من الاقتصاد التي يصعب كهربتها.
فليس هنالك بعد مسار مقبول للوقوف عند حدود درجتين مئويتين فقط أعلي في متوسط درجة حرارة جو الأرض بحلول عام 2050, بيد أن التخفيف من أثر التغير المناخي, وتأمين انتزاع كربنة أعمق يمكن تحمل تكلفته, ليس بعد متأخرا جدا.
رابعا: إدراك أن القيادة المتشظية تنطوي علي أكبر خطر للجميع
تتسع جيوسياسيات النفط والغاز لتشمل التكنولوجيا والبيانات, ورغم الروح الجديدة لريادة الأعمال الصغيرة في الطاقة, فخلال ثلاثة أعوام علي الأكثر سيربح وعد التقدم في مقابلة اتفاق باريس بتنافسيات جيواستراتيجية جديدة, وعائدات اقتصادية متواضعة, تحد من إجازة الاستثمار في الانتقال الطاقي energy transition, وفي غضون ذلك تبزغ زعامة جديدة وغير تقليدية في الانتقال الطاقي العالمي بتجددية مدهشة في قطاعات الاستخدام النهائي.