بنهاية الامتحانات تبدأ فترة الإجازة التي تستمر لنحو ثلاثة أشهر, وهي فترة طويلة نسبيا, إذ تمثل ربع العام تقريبا, ما يتطلب استثمار تلك الفترة والاستفادة منها, حتي لا تذهب أيام الإجازة هباء, أو قد تذهب ـ بتعبير آخر ـ بخارا في الهواء, دون تحقيق استفادة حقيقية, فلا تكون الإجازة إلا وقتا ضائعا, ولعلنا نلاحظ أنه كثيرا ما يشكو البعض من حالة الملل والزهق, وربما الشعور بالاكتئاب والإحباط, وقد يشكو بعض الأسر من اعتياد الشباب علي السهر, وبالتالي عدم انتظام اليوم, في ظل المغالاة في استخدام الهاتف المحمول وشبكات التواصل الاجتماعي, وأشهرها موقع فيسوك ويوتيوب وواتس آب وغيرها, في محاولة لتضييع الوقت, هنا يأتي السؤال الذي يراود الكثير من الشباب ماذا أفعل في الصيف؟.
وبالطبع يمكن استثمار فترة الإجازة عبر عدة ممارسات تعكس استثمار الوقت والاستفادة منه, في مقدمة تلك الممارسات تأتي القراءة باعتبارها مفتاح المعرفة وواحدة من متطلبات الشخص الناجح الذي يبحث عن النجاح والتميز والتواجد بقوة في سوق العمل, الذي يتسم بالمنافسة الشديدة, ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة في الأندية ومراكز الشباب والأكاديميات الرياضية, الالتحاق بالدورات التدريبية التي تقدمها مراكز التدريب وترتبط بسوق العمل من أجل إعداد عملي جيد, حضور الندوات والمؤتمرات وورش العمل والفعاليات المختلفة التي تنظمها قصور الثقافة ومراكز الشباب والهيئة المصرية العامة للكتاب والمجلس الأعلي للثقافة, وغيرها من الهيئات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالثقافة والفن, ارتياد دور السينما والمسرح لمشاهدة الأعمال الفنية الهادفة, والذهاب لقاعات الفنون التشكيلية, والتجول في المناطق الأثرية والمواقع الثقافية مثل المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف المصري والمتحف الإسلامي والمتحف القبطي ومجمع الأديان وشارع المعز والقلعة, وغيرها, حتي تكتشف بلدك وتتعرف عن قرب علي تاريخها وآثارها ومراكزها الثقافية والحضارية, التي تشكل قوة مصر الناعمة, السفر والتعرف علي المحافظات المصرية وزيارة المواقع الأثرية والثقافية, القيام برحلات ترفيهية هنا أو هناك من أجل تجديد النشاط, مع تنظيم بعض الزيارات العائلية, وهي مسألة مهمة تعكس اهتمامك بأسرتك وعائلتك قد لا تتوفر لك خلال فترة الدراسة, البحث عن فرصة عمل مناسبة خلال فترة الصيف, سواء في محافظتك أو في محافظة أخري, ومن ذلك مثلا المحافظات الساحلية حيث تكثر السياحة الشاطئية, ما يزيد من الخبرات العملية والمهارات الحياتية اللازمة سوق العمل.
وقد يشمل برنامج الصيف التطوع في واحدة من منظمات المجتمع المدني, من الجمعيات والمؤسسات الأهلية, التي تنتشر بطول البلاد وعرضها, وتقدم خدمات اجتماعية واقتصادية وصحية وثقافية متنوعة, ما يعطي للشباب خبرات حياتية كثيرة, ذلك أن التطوع يجعلنا ندرك الكثير من احتياجات المواطنين, فضلا عن قضايا المجتمع, ومشكلاته وهمومه, كما أن التطوع في عمل خيري, سواء بالوقت والجهد أو بالمال, يجدد إنسانيتنا ويجعلنا نعيش المعني الحقيقي للإنسانية الراقية, وينمي لدينا مجموعة من المبادئ النبيلة والقيم السامية في مقدمتها قيمة المسئولية الاجتماعية, من حيث واجب الفرد نحو الجماعة والمجتمع, فالفرد عضو في مجموعة, يعمل من أجلها مثلما تعمل من أجله, كما أن الحياة ليست كلها أخذا وليست كلها عطاء, بل هي عملية مشاركة وتفاعل, تقوم علي التعاون والتعاضد والعطاء ومساعدة الآخرين وممارسة أعمال البر والإحسان.
ومن المعروف أن هناك جهات كثيرة ترحب بتطوع الشباب وتدريبهم علي العمل العام والخدمة الاجتماعية منها المستشفيات التي تقدم خدماتها الطبية مجانا, والدور الخاصة بالمسنين وكبار السن, وملاجئ الأطفال, والمبادرات المعنية بأطفال الشوارع والمشردين والذين هم بلا مأوي, والجمعيات الخاصة بالتنمية المحلية التي تتواجد في بعض القري وبعض المدن أيضا, بالإضافة إلي ترحيب الكنائس والجوامع بمشاركة الشباب بالتطوع في واحدة أو أكثر من الأعمال الخدمية التي تقدمها للجمهور.
أعزائي الشباب.. لا تدعوا إجازة الصيف تمر دون فائدة حقيقية, استثمروا تلك الفترة واستفيدوا منها, ما يساعدكم عقب التخرج علي مواجهة سوق العمل وتلبية متطلباته, خاصة وأن فترة الدراسة الجامعية -بشكل عام- هي فترة تأسيس وبناء وتكوين, سوف تنعكس ـ دون شك ـ علي الفترة التالية من حياتكم, لتكن فترة تقترن دائما بالرغبة الدائمة في مزيد من التعلم والبحث عن المعرفة من أجل واقع أفضل نعيشه ومستقبل أكثر جودة وإشراقا لنا ولغيرنا.