أفراح عيد القيامة المجيدة.. لا تدانيها أفراح, لأن بهجة الحياة التي أضاءها السيد المسيح بقيامته المقدسة لا يمكن أن تخفيها أحداث ولا ضيقات.. ولا يمكن أن تطفئ أنوارها البهية ظلمات فساد العالم, لأن الوجود والعالم كله امتلأ بنور القيامة.. السماء والأرض.. شهدت هذا النور..
مبارك الله أبوربنا يسوع المسيح, الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي, بقيامة يسوع المسيح من الأموات. (1بطس1:3).
وقيامة السيد المسيح له المجد قيامة للطبيعة البشرية.. التي بالسقوط والخطية عاشت الضعف.. والهوان.. وملك بها الذل والعار.. بالقيامة تجددت الطبيعة البشرية واستمدت قوتها وغلبتها وبهاء مجدها من القائم.. الغالب.. الظافر.. رب القيامة.. فالقيامة انتصار.. وقوة للبشرية كلها.
القيامة قوة وانتصار:
القيامة قوة للأبرار والصديقين.. قوة للمؤمنين الذين آمنوا بالقيامة وامتلئوا من أنوارها في حياتهم.. فقوة القيامة ستجمع جميع الأبرار في وحدة كاملة شاملة.. تجمعهم من جميع الشعوب والأجناس والقبائل والأمم, فالكل ينعم بوبحدة القيامة بدون تمييز فتعطي للجميع لغة روحية يفهمها الجميع.. لغة الملائكة.. للتسبيح والتمجيد لأن في الدهر الآتي لا يكون حروب.. ولا انشقاقات.. ولا انقسامات.. ولا صراعات.. ولا تنافس في الأبدية.. يكون تمايز واحد في الدرجة الروحية التي سينالها كل إنسان حسب أعماله علي الأرض.
انتصر التلاميذ بعد القيامة علي ذواتهم.. لأنهم كانوا منكسرين وذابت أرواحهم من الخوف.. بعد حادث الصلب فما أن أنفجر نور القيامة وجدوا السيد المسيح ينزع من قلوبهم الخوف.. ووقف في وسطهم وقال لهم: سلام لكم! ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه, ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب (يوحنا20:19, 20).
ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب.. وسرت فيهم قوة القيامة.. وصاروا أقوياء في حمل الكرازة للعالم كله.. وأيضا أقويا أمام آلات الترهيب والتعذيب.
لأن القيامة أعطتهم النصرة علي كل حروب الشياطين.. ودفعتهم للهدف الأسمي أن يبشروا للناس بملكوت السموات فيعيشوا حياة الفضيلة.. ويعفوا عن حياة الرزيلة.
قوة القيامة أضعفت اليأس.. والإحباط.. ونشرت فيهم نشوة الرجاء.. والأمل.. لأنهم ذاقوا عزوبة القيامة ورأوا جسد القيامة النوراني الممجد فعاشوا حياة الفضيلة.. وشعروا بضعف وحقارة الموت, وكما داس السيد المسيح الموت بقيامته.. فوهب للإنسان هذه القوة أن يحيا علي الأرض في جهاد روحي لينعم بالحياة الأبدية.. فيعيش الإنسان متعلقا بالسماء وأصبحنا نحن علي الأرض نعيش وكأننا في السماء لأن بها غايتنا.. وهي هدفنا.. وبحبنا لها.. تعلقنا بحياة القداسة.. والطهارة.. والبر.. والتقوي, وفي هذه الحالة يصير الكل واحد كما في السماء كذلك علي الأرض.
القيامة قوة وانتصار:
القيامة كسرت شوكة الموت.. أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ (1كو15:55).
القيامة فجرت قوة هائلة للبشرية ينبع منها الرجاء والفرح.. وينبع منها قوة الإيمان التي يشعر بها الإنسان, فأصبح الموت لا سلطان له علي القيامة, فبالقيامة أصبح أنه لا مستحيل.. ولا يوجد شيء صعب.. نثق أن الحزن وراءه فرح.. والليل وراءه هار.. والضعف وراءه قوة.. والسقوط وراءه قيام.. لأن الصلب كان وراءه مجد القيامة.. والظلمة التي عمت العالم وراءها نور القيامة.. فالقيامة هي قمة تجسيد محبة الله للبشرية.
فانتصار القيامة أعطت للإنسان قيمة عالية علي الأرض لأننا ندرك أن القيامة هبة لحياتنا وامتداد كبير إلي غير نهاية حيث يعيش الإنسان في حياة أخري يلا تنتهي في الأبدية.. حياة الخلود.
الله القوي.. القوة المطلقة غير المتناهية الذي بقوته المقدسة قام من الموت.. هو أيضا بقوته قادر أن يعيد الأجساد مرة أخري بعد أن ماتت وتحللت.. فيعيدها في أجساد روحانية نورانية لا يدركها تعب.. ولا مرض.. ولا موت.. يحضرها للدينونة والثواب كل واحد حسب استحقاقه.. وحسب عمله إن كان خيرا وإن كان شرا.
فالقيامة أعطتنا فكرة كيف تجسدت محبة الله للبشرية.. ووهبت لنا دخول المقادس الإلهية.. وصارت لنا نعمة الخلود.. وبالقيامة ثبتت فينا الإيمان بالمجيء الثاني.. والقيام في يوم الدينونة العظيم ليعطي كل واحد حسب أمانته فيما أوكل إليه.
كما ورد في الكتاب المقدس فيما هو آتي:
هوذا يأتي مع السحاب, وستنظره كل عين, والذين طعنوه, وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم آمين (رؤيا1:7).
وكما قال: أنا هو الألف والياء, البداية والنهاية. يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي, القادر علي كل شيء (رؤيا1:8).
طوبي للذين يعملون بوصايا الله.. ونور القيامة تعمل فيهم.. وتعمل بهم.. فسيكون لهم سلطان علي شجرة الحياة.
فالقيامة انتصار.. وفرح.. وبهجة.. ونور للأبرار وأيضا خوف ورهبة للمخطئين الأشرار الذين يخافوا من قوة القيامة لأنها تفتح باب الأبدية في عقاب الله.. لأنه يقول: وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله (رؤ22:12).
المسيح قام.. بالحقيقة قام..