[email protected]
لدينا في النظام الاقتصادي المصري مشكلة كبيرة جدا, تتلخص في أن الأجور متدنية جدا!! وفي حوار مع أحد أصدقائي الاقتصاديين المقيمين في لندن, كان الهم العام هو محور حديثنا وكان بالطبع الاقتصاد والحالة المعيشية للمواطن المصري هو عنوان لمناقشتنا..
ولعل ما جاء في حديثنا وهو طويل وأحاول تلخيصه في عدة نقاط:
* 99% من دخل الإنسان في مصر ينفق في الغذاء والتعليم والسكن وربما ما يتبقي للصحة أو الملابس (مرة في العام أن وجدت!!).
* 55% من دخل الإنسان في أوروبا ينفق في مثل هذه البنود, والباقي للترفيه أو للرحلات الأسبوعية أو السنوية.
وبالتالي فحينما تتغير أسعار الغذاء والأدوية فإن أكثر الشعوب تأثرا وبسرعة شديدة هم المصريون!!
حيث لا يمتلك الإنسان المصري وقفا أو ادخارا أو نسبة من مرتبه تسمح له بتكييف وضعه, حسب ما تم من تعديلات علي الأسعار في احتياجاته اليومية, بعكس زميله الأوروبي, الذي يستطيع أن يعوض الارتفاع في سعر حاجته من الغذاء بديلا عن الذهاب إلي مسرح أو حضور حفلة موسيقية أو الاستغناء عن رحلة في نهاية الأسبوع.. وهكذا.
ولعل من الجشع السائد في الدول المماثلة لمصر, أن رأس المال رغم الارتفاع الذي كان قد حدث في نسب النمو, والذي هو حقيقي غير مشكوك فيه بالمرة.. إلا أن العائد من الاستثمار والأرباح تقبع في محفظة حملة الأسهم, حيث بتحليل بعض الميزانيات السنوية لأكبر شركات الاستثمار في مصر دون ذكر أسماء- وجدنا أن 19% من العائد لهذه الشركة تعود للعمال والأجور والمرتبات والمكافآت لمجلس الإدارة والمستشارين أما الـ81% فهي من نصيب الملاك, وحملة الأسهم!!
وهكذا بعكس ما هو متبع في كل الشركات العالمية, حيث أحد أكبر الشركات الاستثمارية في العالم وبتحليل الميزانية العامة السنوية لها, نجد أن الأجور والعمال والمرتبات تعدت الـ60%, وحملة الأسهم 40%!!
وهنا يقوي دور المستهلك ويندفع للإنفاق, مما يجعل السوق في حركة دائمة دون إحساس قوي أو سريع بمعدلات ارتفاع أسعار أي مواد يستخدمونها, كما أن العائد المقدر بنسبة 81% لحملة الأسهم والملاك, يدفعون عنها 20% حسب القانون السائد للضرائب, وهذا أيضا تصرف غير عادل للموازنة العامة للدولة!! وأعتقد أيضا أن التعديلات الأخيرة (غير عادلة!).
حيث إن المستهلك حينما ينفق سوف تتعدد أوجه الإنفاق, مما يزيد من عملية تدوير رؤوس الأموال السائلة في السوق, بعكس الأموال المكدسة لدي حملة الأسهم والملاك!! علي حساب أجور ومرتبات متدنية لدي الأغلبية وهم المستهلكون, والذين في احتياج لزيادة الدخول, ولعل تحصيل الدولة للضريبة الواجبة هي أوقع وأسهل حينما تحصل عليها من الموظف أو العامل حيث من المنبع يمكن خصمها, أما المالك وحملة الأسهم, فهي حسب تقديراتهم لما يجب أن يدفعوه حسب القواعد والقانون الحالي لتقديرهم, وتقدير شياطينهم من المحاسبين والمراجعين, ولنا في هذا حديث آخر!!