الحديث عن المرأة هو حديث الحياة لأن المرأة هي أصل الحياة وأم الدنيا, وبخاصة ونحن في فصل الربيع لأنها ربيع الحياة, وقد اتهمني بعض القراء الأعزاء بأنني منحاز للمرأة أدافع عنها دائما, وأقول إنني فعلا منحاز للمرأة وأقف بجانبها في قضيتها العادلة حتي تحصل علي حقها الإنساني في الحياة وحتي يعود بعض الرجال الذين يؤمنون خطأ وجهلا أنههم أفضل وأعقل وأسمي منها إلي صوابهم ويؤمنون بأنها مساوية لهم تماما في الخلقة والخلق وكل شيء فحاشا للخالق العظيم أن يخلق الرجل كاملا والمرأة ناقصة.
وعندما أدافع عن المرأة المظلومة عبر التاريخ في مراحله المختلفة في معظم دول العالم ماعدا مصر القديمة الفرعونية التي عرفت قيمة المرأة واحترمتها ومنحتها فرصة التحرر والتعليم والعمل والخروج إلي المجتمع فأنا أدافع عن المرأة السوية العاقلة التي تعرف دورها في المجتمع والحياة, مربية الأجيال من الرجال والنساء, المحافظة علي القيم الأخلاقية والدينية والعادات والتقاليد الجميلة التي تبني المواطنة الصالحة في كل إنسان.
هذه هي المرأة التي أتحدث عنها, هي أمي وأمك وأختي وزوجتي وابنتي وكذلك بالنسبة لك بالطبع, وهن يستحققن كل احترام وتقدير وحب وتضحية.
في الحلقات والمقالات السابقة تحدثنا عن المرأة وأهميتها, وقلت إنها ظلمت كثيرا, وهذا حق, من هنا يجب أن نؤمن أولا بمساواتها الكاملة للرجل, فالرجل ليس أفضل من المرأة وكذلك المرأة ليست أفضل من الرجل.
وعن أسباب النظرة الدونية للمرأة قلنا إن المرأة هي السبب الأول في عدم احترام الرجل لها, وهذا دون قصد منها بل ربما لطيبتها وحبها للرجل والحياة, فهي تربي أبناءها بنوع بالتفرقة بين الولد والبنت, فهي تهتم بالولد أكثر في أشياء كثيرة, ومنذ الحمل والجميع يتمني أن يكون المولود ولدا وليس بنتا, من الطبيعي أن هناك من يريد بنتا ولكنها نسبة ضئيلة! هذا مع أن هناك بنات أفضل من الأولاد خمسمائة في المائة, في التعليم والعمل والمسئولية, ولا يعجبني المثل الذي يكرره البعض دائما بنت بمائة رجل!.. لا يعجبني فهو يفرق بين طبيعة الاثنين وهما في الواقع متساويان فعلا لأنهما إنسان وعندما نقول إنسان فنحن نقصد الرجل والمرأة, المتساويين تماما.
من الأسباب التي يرددها الرجال خطأ أنها تدل علي أن المرأة أقل من الرجل هو خطيئة آدم وحواء وكيف شجعت حواء آدم في الجنة علي تناول ثمرة الخير والشر التي أمرهما الخالق بألا يأكلا منها! وبهذا فهي السبب في الخطيئة الأولي! وهذا الكلام مردود عليه وليس منطقيا أو عقليا, فالله قد طلب من آدم نفسه ذلك, ثم نحن نعلم أن آدم كان قد أخطأ بإرادته الكاملة, وكان يمكن له أن يرفض رأي وتشجيع حواء, وإذا قبلنا هذا الرأي فإننا بذلك نشك في شخصية آدم وهذا غير وارد.
لاشك أن الزمن الذي قضته المرأة مسجونة في البيت بين أربعة حوائط أثر في تفكيرها وذكائها وجعلها تجعل الكثير من حقائق الحياة فرأي الرجل أنها أقل منه أحيانا في الفهم والتصرف فشجعه هذا علي إهانتها والاستهانة بها بل وتجرأ وضربها وأساء لها نفسيا وجسميا وعقليا, وأخيرا نسمع كثيرا عن قتل الأزواج لزوجاتهم دون أسباب حقيقية أو دون أي أسباب! فقد ظن الرجل أنها ملك له أو خادمة, أن عقد الزواج يسمح له بذلك!! وهذا خطأ وخطية وجهل في جهل, لأن الرجل الذي يعرف الحقيقة وأن المرأة مساوية له تماما في الخلقة وفي العقل الذي يفرق بين الإنسان والحيوان, يعرف أن ليس من حق الإنسان, أي إنسان, أن يقتل آخر فالذي يأخذ الأرواح هو خالقها فقط, وأنك مخلوق مثل المرأة وأن الزواج هو رفقة العمر الجميل وهو إيجاد رفيقة لك في الحياة تساعدك وتأخذ بيدك إلي الراحة والسعادة والفرح ووسيلتك في هذا هو الحب العظيم الذي يجمع بينكما وهو الحب الذي يجمع بين كل البشر وبين الله والإنسان, فالله محبة..
يقول الدكتور عادل صادق في كتابه روعة الزواج: إن الزواج هو الحب والحب هو الزواج, وأن زوجتك جزء منك وأنت جزء منها. أسوأ كلمة يرددها أي من الزوجين هي كلمة الطلاق, وهي لا تقل بشاعة عن كلمة الموت, وعلي الرغم من أن الموت حق وأن الطلاق حلال, إلا أننا نبغض الكلمتين, والمعني واحد, الانفصال موت والموت انفصال. كلمة الطلاق تسيء لقدسية علاقة الزواج وعلاقة الحب بين الزوجين.
كان الفنان الكبير الشيخ زكريا أحمد الذي لحن أكثر من 1500 أغنية وقصيدة لأم كلثوم وغيرها زوجا سعيدا مدة أربعين سنة ولم يتزوج إلا بزوجة واحدة, وكان يتعجب من الرجال الذين يستخدمون كلمة علي الطلاق عمال علي بطال, ويقول لماذا لا نسمع أحدهم يقول: علي الزواج؟
نستكمل في المقال القادم.. إن شاء الله..