في الثامن من مارس 1908 خرجت 1500 سيدة من عاملات مصانع النسيج في تظاهرة كبيرة في شوارع نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية حاملين الخبز والورود يطالبن بتحسين ظروف العمل. وألا يزيد يوم العمل عن 8 ساعات, وتحسين الأجور, قوبلت التظاهرة بالعنف من قبل الشرطة وسقطت المئات من النساء بين قتلي وجرحي, وبدأ عدد من الدول بعد ذلك تطالب بجعل هذا اليوم يوما عالميا للمرأة, من أجل التذكير بمطالب وحقوق المرأة.
وفي عام 1975 اعترفت الأمم المتحدة بالاحتفال يوم 8 مارس من كل عام بالمرأة بهدف تذكير العالم بمطالب المرأة وحقوقها, وتأثير المرأة ودورها القوي في المجتمعات واختارت الأمم المتحدة شعارا لهذا العام 2022 هو لنكسر التحيز بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين, لأن المرأة تعاني من عدم المساواة المبنية علي النوع الاجتماعي.
وفي كلمته هذا العام أكد الأمين العام أنطونيو جوتيريش علي مساهمات النساء الكبيرة في إنهاء جائحة كورونا, كما أشار إلي أن المرأة تعاني مزيدا من الفقر, وتزايد العنف, وتقوم بالعمل غير المدفوع الأجر في العالم في أعمال المنزل ورعاية الزوج والأطفال.
كل التحية للمرأة في كل أنحاء العالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس, وكل التحية للمرأة العربية في مسيرة كفاحها من أجل كرامة المرأة ومن أجل المساواة بين الجنسين وكل التحية لنساء وفتيات مصر في يوم المرأة المصرية 16 مارس, وكل التحية للأمهات في عيد الأم ونخص أمهات الشهداء والأسري في فلسطين العربية.
كل التحية للقاضيات المصريات اللاتي تم تعيينهن في مجلس الدولة في الخامس من مارس 2022 حيث بدأت 98 قاضية بالجلوس علي منصة القضاء, وتحضير القضايا واستكمال المستندات اللازمة للفصل فيها, وتهيئتها للمرافعة, لأول مرة وتحضر القاضيات ضمن تشكيل المحكمة كمفوض دولة علي مستوي الجمهورية.
خاضت المرأة في العالم وفي مصر مسيرة نضال طويلة رافعة شعار الحقوق لا تمنح ولكن تنتزع وقدمت التضحيات من أجل الوصول لعالم تسوده المواطنة والمساواة وعدم التمييز القائم علي النوع, ومن أجل حق الترشح والانتخاب وحق التعليم والعمل الآمن, والأجر العادل, ومن أجل المساواة بين الرجل والمرأة, مدنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا, ومن أجل حقها في التعيين في كل مواقع صنع القرار.
وفي مصر كللت مسيرة المرأة بنجاح كبير جاء في تضمين الدستور المصري لعام 2014 في مقدمته نكتب دستورا يحقق المساواة بيننا في الحقوق والواجبات دون أي تمييز, نكتب دستورا يفتح أمامنا طريق المستقبل ويتسق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركنا في صياغته ووافقنا عليه.
كما تضمن الدستور في المادة (4) السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها, وهو مصدر السلطات, ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين والمادة (9) تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين دون تمييز, وإذا انتقلنا للمادة (11) نجد أنها تنص علي تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وتكفل الدولة حق المرأة في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات القضائية دون تمييز, وأيضا نص المادة (53) التي تلزم الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لعدم التمييز, وتنص علي تجريم كل أنواعه.
لقد بدأت مسيرة نضال المرأة المصرية مع شرارة ثورة 1919 حيث خرجت أول مسيرة نسائية من 300 امرأة بقيادة هدي شعراوي وزميلاتها نبوية موسي وسيزا نبراوي من الرائدات المدافعات عن الاستقلال والدستور, وسقط في ثورة 1919 سبع شهيدات برصاص عساكر الإنجليز (حميدة خليل, ويمني صبيح, وسعيدة حسن, وحميدة سليمان, وفهيمة رياض, وشفيقة العشماوي, وعائشة عمر), واستمرت المرأة في المطالبة بحقوقها في المساواة مع الرجال في فرص العمل والأجر المتساوي عن العمل المتساوي والحق في التعليم والترشيح والانتخاب واستمرت المسيرة من أجل عالم خال من العنف, عالم يسوده السلام والمواطنة, خال من هيمنة وسيطرة القطب الواحد للاستحواذ علي ثروات الشعوب, مما يتسبب في إفقارها وهرب مواطنيها للبحث عن فرصة عمل ودخل يكفي احتياجاتهم الضرورية مما يعرضهم للموت عبر الهجرة غير الشرعية, عالم خال من الصراعات والحروب التي تتسبب في معاناة اللاجئين والنازحين من الأطفال والنساء.
إننا في شهر أعياد المرأة نطالب بـ:
تصديق الحكومة المصرية علي الاتفاقية رقم (189) الصادرة منظمة العمل الدولية بشأن حماية العاملات في المنازل, والتصديق علي الاتفاقية 190 الصادرة من منظمة العمل الدولية بتاريخ 10 يونية 2019 للقضاء علي العنف في عالم العمل, وللحد من مختلف أشكال العنف بالاعتراف بحق كل شخص في عالم عمل خال من العنف والتحرش, واعتبار هذه الظاهرة يمكن أن تشكل انتهاكا وإساءة لحقوق الإنسان.
تمثيل النساء بنسبة 50% في كل المجالس النيابية المنتخبة والوزارات ومجالس الإدارة بالشركات والهيئات والنقابات.
مناقشة وإقرار قانون العمل الموحد مع مراعاة خصوصية المرأة وأعبائها للتوفيق بين عملها وإنجاب وتربية الأبناء.
إنشاء مفوضية عدم التمييز وسن عقوبات رادعة لجريمة التمييز وفقا للمادة (53) من الدستور, توفير فرص عمل للمرأة وخاصة بعد ازدياد البطالة في جائحة الكورونا إلي ثلاثة أضعاف البطالة في صفوف الرجل حيث إن ثلث الأسر المصرية تعولها امرأة.
ونطالب بأوسع مناقشة لقانون عادل للأسرة المصرية (الأحوال الشخصية) يأتي ملبيا لحقوق ومطالب الأسرة المصرية ويتوافق مع الحقوق المكفولة للمرأة في دستور 2014 ويعمل علي حماية وتماسك الأسر ويتضمن مبادئ أساسية منها إقرار الشخصية القانونية والأهلية الكاملة للمرأة بما يفيد ولاية النساء علي أنفسهن وأطفالهن, وتوثيق الطلاق أمام القاضي وترجيح مصلحة الطفل الذي هو الحاضر والمستقبل, هذا بجانب أن يكون تعدد الزوجات بقرار من القاضي بحضور الزوجة الأولي. ونطالب بقانون عادل للأسرة المصرية يتماشي مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي طرأت علي مجتمعنا عبر عشرات السنين, قانون عادل يحقق الأمن والأمان والاستقرار للأم والأب والطفل فنضمن بذلك استقرار ونهضة وتقدم بلادنا.. كل التحية لمسيرة كفاح المرأة المصرية من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية ومن أجل عالم أكثر أمنا وأمانا.
كل التحية لمسيرة كفاح النساء في كل أنحاء العالم من أجل عالم خال من العنف, ومن أجل عالم تسوده المواطنة والمساواة وعدم التمييز, ومن أجل توفير فرص عمل للقضاء علي الفقر والبطالة, عالم يسوده السلام والاستقرار.