في لقاء منتدي حوار الثقافات الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية تحت عنوان المجتمع المدني وبناء الوعي ـ تحديات اللحظة الراهنة أيام 15 و16 و17 يونية 2021 وذلك بحضور العديد من الكتاب والمفكرين والإعلاميين وممثلي مجلس النواب ومجلس الشيوخ وممثلين عن الأحزاب وجمعيات أهلية ومنظمات حقوقية, ووسط الإجراءات الاحترازية من تباعد اجتماعي وارتداء الكمامات واستخدام المطهرات تعالت حرارة الحوارات والنقاشات مع حرارة الجو العام عبر 4 جلسات رئيسية حول المجتمع المدني وبناء الوعي, والمواطنة ووحدة المجتمع قضية سد النهضة نموذجا, والفن ودوره في بناء الوعي, والإعلام وبناء الوعي.
وفي كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدي أكد القس أندريه ذكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية علي العلاقة الوثيقة بين الدولة القوية والمجتمع المدني القوي وقال المجتمع المدني قادر علي التغيير والتطوير والمشاركة في صناعة القرار وإننا بحاجة إلي مجتمع مدني يؤمن بالعمل الجماعي ويؤمن بفكرة الوسطية والاعتدال.
وتناول المتحدثون في الجلسة الأولي (دكتور عبدالمنعم سعيد ودكتور أسامة العبد ودكتور مسعد رضوان) الحديث عن التعريفات الخاصة بالعوي ومنها أن الوعي هو قدرة الإنسان المتميزة علي شعوره بذاته وتميز ذاته عن الآخرين, وفي قول آخر الوعي هو قدرة الإنسان علي تفاعل المعرفة المكتسبة فرديا واجتماعيا, وأن الوعي قضية مهمة لتفادي الوقوع في الأخطاء ولمعالجة قضايا المجتمع, والوعي هو وضع منظومة قيمية في العقل الجمعي للمجتمع.
وأكد الحاضرون والحاضرات علي أهمية الوعي المجتمعي, وأهمية توافر مناخ الحريات والشفافية, وحق وإتاحة تداول المعلومات.
وبالنسبة للجلستين المخصصتين للفن ودوره في بناء الوعي, والإعلام وصناعة الوعي سأحاول أن ألخص لكم السادة القراء والسيدات القارئات أهم ماجاء بهما من حوار ونقاش وتوصيات.
تحدث الدكتور حلمي النمنم الكاتب ووزير الثقافة السابق عن نشأة وارتباط الفن بالمعابد منذ قديم الأزمان, وعن أن الفن بطبيعته ديموقراطي ويجعل الإنسان قادرا علي اكتشاف التباينات بين البشر, وأضاف أن الفن المصري لعب دورا هاما في تجديد الحياة وفي بناء الوعي. وأكد النمنم علي الاهتمام بالفنون عبر مراحل التعليم المختلفة مع اكتشاف المواهب والعمل علي صقلها وتنميتها, وفي نهاية كملته أكد علي الاهتمام بكل الأشكال الفنية سمعية ومرئية, وأن المشكلة الحقيقية تقع في عدم القضايا الاجتماعية والتاريخية وتناول رموز لها تاريخ.
وركز الدكتور رامي جلال عامر الكاتب الصحفي وعضو مجلس الشيوخ علي أن الفن والمجتمع كل منهما يؤثر في الآخر, وأن الفن كي يقوم بدوره في بناء الوعي لابد من أن تتوافر له مساحة كبيرة من الحرية, وأضاف أنه انتشر في السنوات الأخيرة نموذج البطل البلطجي وانتشرت النماذج التي تنتهج العنف مما أثر علي السلوكيات المجتمعية وبالذات بين الشباب, كما انتشر من خلال الكثير من المسلسلات والأفلام والأغاني والفن الهابط والأفكار الهدامة, كما أكد علي أنه في الوقت الذي لا يمكن رجوع الرقابة أو منع العرض لأي سبب في عصر المعلومات, لابد أن تنتج الدولة مثلما كانت من قبل لترسيخ القيم والثقافة والهوية.
وأكدت الأستاذة خيرية البشلاوي الناقدة الفنية والكاتبة الصحفية علي دور الفن في بناء الوعي وإعمال العقل وأن الوعي أنواع منها الوعي الاجتماعي, والوعي الأخلاقي والوعي بالتاريخ وقدسية الوطن, والوعي بأهمية العلم, والوعي السياسي كما أشارت إلي أن الفنان الواعي قادر علي الإبداع.
وفي الجلسة الخاصة بالإعلام وصناعة الوعي أكد الأستاذ محمود مسلم عضو مجلس الشيوخ ورئيس شبكة دي إم سي علي أن الإعلام ناقل للأخبار, وهو جزء من عملية بناء الوعي وأن الجزء الأكبر يقع علي المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والشبابية.
بينما تناول في كلمته دكتور محمد سعيد محفوظ (مستشار رئيس تحرير الأهرام ورئيس مؤسسة ميدياتوبيا) الحديث عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي علي المواطنين وعلي بناء رأي عام في العديد من القضايا التي تشغل المجتمع, كما أشار إلي أنه تكونت ما يسمي بنخبة السوشيال ميديا ومن الممكن أن يكون تأثيرها سلبيا أو إيجابيا وفقا لكفاءتها وقدرتها علي تشكيل المواقف, وقدرتها علي تغيير اتجاهات الجمهور, وأنه لابد من التزام الدقة في المعلومة والتزام المنطق في الحجة, وأن تكون مصالح الجمهور لها الأولوية.
وأشارت دكتورة حنان يوسف عميد كلية الإعلام بالأكاديمية البحرية في كلمتها إلي تراجع الميديا التقليدية أمام السوشيال ميديا وأن الوعي النقدي المستنير هو المكمل للرأي العام الجمعي, وإننا في حاجة إلي وضع خطة استراتيجية ورؤية مستقبلية للرسالة الإعلامية, وأيضا في حاجة إلي تغيير صورة الإعلامي بحيث يكون له مصداقية وتأثير علي الجمهور.
وانتهت الجلستان بعدد من التوصيات منها أهمية توفير مناخ من الحريات للإبداع مع توافر المعلومات وإتاحتها وحرية تداولها, وإنشاء قناة إخبارية مصرية قادرة علي المنافسة والتأثير محليا وإقليميا, وعالميا, والبعد عن تلقين الجمهور لرأي واحد وصوت واحد حيث يتناقض هذا مع عصر ثورة المعلومات.
إنني أؤكد في نهاية مقالي علي أن للمجتمع المدني دورا هاما في بناء الوعي المجتمعي وأنه لعب دورا هاما في العديد من القضايا منها قضية المرأة وحقوقها في المساواة وأيضا قضية مواجهة الإرهاب وفي مواجهة تفشي فيروس كوفيد-19 وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية, وأنه لابد من التشارك بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني في صنع القرارات ومواجهة الأزمات وفي بناء ونهضة بلدنا.