لم تخل كلمة من كلمات السادة الرؤساء والقيادات المشاركة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة وذلك بمشاركة 9 دول علي رأسهم مصر من الإشارة والتحذير من الإرهاب والمحاولات الرامية حاليا إلي زرع كيانات إرهابية في المنطقة العربية والإقليمية مثلما حدث في أفغانستان والتي انسحب منها الجيش الأمريكي فجأة تاركا حركة طالبان الإرهابية تتولي إدارة البلاد هناك بالرغم من أن وجود الجيش الأمريكي هناك كان للقضاء علي تلك الحركة باعتبارها حركة إرهابية وبعد مضي عشرين عاما هناك تركها تعيث في الأرض فسادا دون النظر إلي أي اعتبارات إنسانية أو سياسية أو أمنية حيث تغلبت المصالح السياسية الطارئة والضيقة علي المبادئ المعتبرة دوليا في مجال مكافحة الإرهاب وصيانة الحريات وحقوق الإنسان.. وهو الأمر الذي من المتوقع أن تكون له تداعيات أمنية تنعكس علي الدول المحيطة بأفغانستان بل أننا نتوقع أن تتحول تلك الدولة إلي أيقونة للإرهابيين المستندين إلي دعاوي دينية مضللة وبؤرة لإعدادهم وتوزيعهم علي المناطق الساخنة في المنطقة العربية والعالم ولعل التفجير الذي وقع في مطار كابول نهاية الأسبوع الماضي مؤشر إلي ذلك.. كما أن بعض العمليات الإرهابية التي وقعت في بعض مناطق الشرق الأوسط تشير إلي أن هناك تنظيمات إرهابية كانت كامنة لحين وجود المناخ الملائم لعودتها علي ساحة الإرهاب ومن أبرزها تنظيم داعش الذي لم يعد له ملاذ آمن في ليبيا وسوريا والعراق والذي سوف يسعي بكل ما لديه من إمكانيات أن تكون أفغانستان مأوي ومنطلقا له لبث الرعب والإرهاب في الدول التي تريدها تلك الأجهزة الاستخباراتية وأيضا بعض الدول التي تتخذ من تلك التنظيمات ذراعا طويلا لها لفرض سيطرتها علي مقدرات دول أخري أو توجيه سياسة تلك الدول إلي ما ترغب إليه هذه الأجهزة والدول التي تديرها وتدعمها.
من ناحية أخري فإن أفغانستان تحت حكم طالبان سوف تتحول إلي ساحة جديدة لتصفية الحسابات بين الدول الكبري والإقليمية خاصة روسيا والصين وأمريكا وباكستان ثم إيران التي كان لها دور سلبي في أفغانستان.. إضافة إلي الدور الذي تحاول تركيا القيام به استغلالا للموقف وإظهار تعاطف الدولة التركية السنية مع حركة طالبان في مواجهة إيران وأيضا في محاولة للحصول علي أكبر قدر من المكاسب اللوجيستية والاقتصادية والتجارية ودراسة إمكانية نقل عناصر تنظيم داعش الذين أصبحوا يمثلون عبئا كبيرا علي تركيا.. ومن هنا فإن كل الدول التي أشرنا إليها وغيرها سوف تسعي لتوظيف ورقة طالبان في إطار صراع المصالح والنفوذ فيما بينها في منطقة الشرق الأقصي.
من ناحية أخري فإننا نترقب قيام القوات الأمريكية بانسحابها من الأراضي العراقية في أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.. وهنا نتساءل هل سوف يترتب علي ذلك تلك الفوضي والتوتر مثل الذي حدث في أفغانستان خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن هناك خلايا نائمة من عناصر داعش الإرهابية مازالت موجودة في بعض المحافظات العراقية وأيضا السورية؟.. ناهيك عن ذلك الدور الذي أشرنا إليه والذي تلعبه تركيا في الوقت الحالي لكي تجد لنفسها مكانا آمنا وسط تلك المتغيرات السياسية والأمنية.
من المؤكد هنا أن نشير إلي أن ما يحدث علي الساحة الأفغانية ليس بعيدا عن أنظار واهتمام القيادة السياسية المصرية التي ولا شك تقوم حاليا برصد تلك التحولات الخطيرة والتي من المؤكد أنه سوف يكون لها آثار سلبية وتداعيات أمنية مرتقبة قد تمثل انتعاشة وقبلة حياة لتلك التنظيمات الإرهابية لاستعادة نشاطها مرة أخري بعدما نجحت العديد من الدول وعلي رأسها الدولة المصرية في تقويض نشاطها والقضاء علي أغلب عناصرها وهو ما يستلزم تضافر كل الجهود والتعاون الأمني بين الدول العربية المختلفة لمواجهة أي تداعيات أمنية خلال تلك الفترة الرمادية التي تشهدها منطقة شرق آسيا وتحديدا أفغانستان وباكستان والمناطق المحيطة بهما.
وتحيا مصر…