عودنا منتدي حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية منذ نشأته علي تناول القضايا التي تهم الوطن وأبناءه (العيش المشترك, والتنمية المستدامة, والتعليم, وتجديد الخطاب الديني, ومواجهة الإرهاب) وغيرها من القضايا التي يتناولها لفيف من المثقفين, والمفكرين, ومراكزالأبحاث, ومنظمات المجتمع المدني التوعوية والتنموية, للوصول إلي تقارب وجهات النظر ووضع حلول تساهم في استقرار المجتمع ونهضة بلدنا مصر.
ولقد نظم منتدي الحوار في شهري فبراير ومايو عام 2016 لقاء هاما تحت عنوان نحو بناء الأطر المؤسسية للتعايش تناول العرف والقانون وتحديات التعايش, والذي أكد فيه الحوار علي أن مفهوم التعايش المشترك ليس واحدا لدي الجميع مثله مثل العديد من المفاهيم, فهو مرهون بجانب دون الآخر كالقوة أو المصالح أو الثقافة والتربية الاجتماعية, تقرأه كل جماعة من زاوية معينة ومنظور خاص بها.
وفي أوائل شهر ديسمبر 2020 كان اللقاء الفكري لمنتدي حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية تحت عنوان آليات مواجهة خطاب الكراهية وسط الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا من التباعد وارتداء الكمامات والتطهير وذلك بحضور مجموعة من الكتاب والمثقفين والأكاديميين والصحفيين والإعلاميين والقادة الدينيين ونواب ونائبات مجلس النواب الحالي والمجلس القادم في أوائل عام 2021 وممثلي منظمات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات أهلية, ودار الحوار والنقاش مع السادة المتحدثين الرئيسيين الدكتور جمال شيحة عضو مجلس النواب والدكتور عمر الورداني أمين لجنة الفتوي بدار الإفتاء المصرية والقس رفعت فتحي, وأدارت اللقاء باقتدار النائبة نشوي الديب.
وبدأ اللقاء بكلمة الدكتور القس أندريه ذكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية أكد فيها علي أنه في ظل الأحداث الحالية في العديد من بلدان العالم وتنامي خطابات الكراهية تظل الحاجة ملحة للبحث عن آليات جديدة لمواجهة هذا الفكر وبث خطاب التسامح وتعزيز الحوار واحترام الآخر ودعم الجهود في مجالات السلام والتعايش وأكد الدكتور أندريه في حديثه علي أن الحرية ليست انفلاتا ولابد أن تراعي مقدسات الآخرين ولا تضر بالآخر وأضاف مصر تتمتع منذ قديم الزمن بأنها دولة بها التعددية والتسامح والتعايش معا وقبول الآخر.
وأكد الدكتور جمال شيحة علي أن خطاب الكراهية يبدأ مع الاستبداد الذي يعتبر التربة الخصبة لنمو خطاب الكراهية وعدم قبول الآخر وأضاف إن الاستبداد والرأي الواحد وانعدام التعددية تربة خصبة ينبت بها العنف.
وأكد الدكتور عمر الورداني في كلمته علي أن هناك العديد من التحديات التي تواجه العيش المشترك منها الفردانية والأنانية, والمزاجية, والتشكك الذي يؤدي إلي فقدان الثقة المبتادل, والمظلومية, والإحباط, والعشوائية, وكل ذلك يمثل معاول هدم للمجتمع ويؤدي للتفكك الأسري والمجتمعي.
وتعرض القس رفعت فتحي في كلمته إلي تعريف خطاب الكراهية بأنه خطاب تجاه شخص أو جنس أو دولة علي أساس خلاف الدين أو العرق, وأضاف الشعور بالكراهية يتولد مع الوقت نتيجة لعوامل كثيرة وينشر بذور التعصب ويؤدي للعنف ويدمر ويضعف المجتمعات.
وأحب أن أشير إلي أنه في السنوات الأخيرة يزداد خطاب الكراهية بأشكاله المختلفة من تنمر ضد الآخر, ومن العنصرية التي تزداد في العديد من الدرل ضد الأعراق المختلفة وضد المهجرين, ومن تمييز وعنف ضد المرأة.
وفي السنوات الأخيرة يزداد في بلدنا خطاب الكراهية وعدم قبول الآخر مع انتشار أفكار التطرف والتشدد الديني والأفكار الظلامية علي حساب ثقافة التنوير ومنظومة القيم الوسطية المعتدلة وقيم التسامح والتعاون والعيش المشترك لذا هناك ضرورة لإعادة هذه المنظومة مع تنشئة الأطفال في الأسرة ورياض الأطفال وجميع مراحل التعليم. هذا بالإضافة لحل الأحزاب الدينية وفقا للمادة (74) من الدستور المصري والتي تحظر قيام أحزاب علي أساس ديني أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو علي أساس طائفي أو جغرافي.
وأجمع الحضور من خلال تعليقاتهم ونقاشاتهم علي:
نبذ خطاب الكراهية, وبناء الشخصية الوطنية, والاهتمام بديموقراطية التعليم وتربية الأطفال علي حب الحياة والكرامة والرحمة والخير والجمال والتسامح والأمل.
تنقية المناهج الدراسية من أي ما يدعو للتمييز.
إنتاج برمة ثقافية للأطفال تنشر قيم التسامح.
اشتراك كافة مؤسسات الدولة في نشر قيم المحبة والتعاون والتسامح.
سرعة إنشاء مفوضية عدم التمييز وفقا للمادة (53) من الدستور المصري مع إصدار تشريعات وقوانين تجرم التمييز.
تطبيق القانون وتنفيذه لإحقاق منظومة العدالة التي تساهم في استقرار المجتمع.
وإنني أؤكد في نهاية مقالي علي أن غياب منظومة العدالة الاجتماعية وزيادة الفجوة الطبقية اقتصاديا واجتماعيا مع اتساع دائرة الفقر وتآكل الطبقة الوسطي يساهم في تنامي خطاب الكراهية وزيادة العنف المجتمعي. كما أؤكد علي أن تعدد النظم التعليمية الحالية دون وضع الدولة استراتيجية وطنية للتعليم تعتمد علي الانتماء وإعمال العقول, وتنمية المهارات, وصقل المعرفة العلمية, والتدريب والتأهيل المهني لسوق العمل يؤدي إلي جزر متعددة ومنعزلة بعضها عن بعض مما يساهم في تنامي خطاب الكراهية والعنف وعدم استقرار المجتمع.
إن بناء دولة المساواة والعدل والقانون والعدالة الاجتماعية يحمي الأمم من الانهيار ويعمل علي نهضتها وتقدمها واستقرارها.
إن التعدد والتنوع سمة البشرية والحياة وعلينا أن نعرف أن زهرة واحدة لا تصنع بستانا, وأن شجرة واحدة لا تصنع غابة, وأن يدا واحدة لا تصفق بل ولا تبني مجتمعا يتعايش فيه الجميع في أمن وأمان وسلام ومحبة وتعاون.
دكتورة كريمة الحفناوي