يستمر صمت وتواطؤ معظم دول العالم التي تتشدق بالحريات وحقوق الإنسان رافعة لا أري لا أسمع لا أتكلم, بل وتشارك كل من أمريكا وبريطانيا بالسلاح والجنود في العدوان وقتل النساء والأطفال, بجانب الكيان الصهيوني العنصري المحتل, وتدعمه بقوة فرنسا وألمانيا, فلقد مات الضمير الإنساني أمام سعار الدول الاستعمارية الكبري وتوحشها من أجل استمرار استنزافها لثرواتنا, وثروات الدول النامية, ومن أجل مزيد من إفقار الشعوب, وإغراق حكوماتها بالديون لتشديد خنقها حتي تستسلم وتتبع السياسات النيو ليبرالية الجديدة وتحقق مصلحة الدول الكبري علي حساب مصالح الشعوب.
في الوقت الذي احتفل فيه العالم بالذكري الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر 1984, يستمر العدوان الصهيوني علي الشعب الفلسطيني وسط المشاهد الدامية وسقوط ما يقرب من 80 ألف فلسطيني وفلسطينية ما بين شهيد وجريح وفقيد تحت أنقاض المنازل والمستشفيات والجوامع والكنائس والمدارس التي دمرتها آلة الحرب الجهنمية الصهيونية, وأسقطت عليها أطنانا من المتفجرات توازي ثلاث قنابل نووية. فلقد وصل عدد الشهداء إلي 20 ألفا معظمهم من النساء والأطفال, و50 ألفا من المصابين والجرحي, والباقي في عداد المفقودين.
ويجدر الإشارة إلي أن العالم احتفل أيضا في الخامس والعشرين من نوفمبر ولمدة 16 يوما (25 نوفمبر إلي 10 ديسمبر) باليوم العالمي لـمناهضة العنف ضد المرأة, وسط معاناة النساء في كل البلدان من التمييز وعدم المساواة, والتعرض للعنف الأسري والمجتمعي, والعنف في أماكن العمل, ووسط معاناة النساء اللاجئات والنازحات وأسرهن وأطفالهن في أماكن الصراعات والحروب من القتل والمعيشة اللا آدمية ووسط نقص في الغذاء والدواء.
وتتعرض النساء في فلسطين مع كل الشعب الفلسطيني إلي الإبادة الجماعية نتيجة للعدوان الوحشي الصهيوني وإصرار الكيان الصهيوني علي تهجير الفلسطينيين إلي سيناء والأردن وتوطينهم في هذه البلدان, من أجل إقامة الدولة اليهودية. كما يتعرض الشعب الفلسطيني إلي الحصار المفروض من العدو الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية بعد هدم البنية التحتية لقطاع غزة ومنع وصول المياه والغذاء والدواء والوقود, والسماح أحيانا بوصول أقل القليل نتيجة لضغط الشعوب في كل أنحاء العالم التي خرجت بالملايين ضد العدوان وضد التهجير وطالبت بوقف العدوان فورا ومحاكمة قادة الكيان الاستيطاني المحتل أمام المحكمة الجنائية الدولية علي ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في عدوانهم المستمر علي قطاع غزة والضفة الغربية.
ولا ننسي العنف الواقع علي نساء السودان نتيجة للصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وارتكاب جرائم قتل واغتصاب ونزوح الملايين من أماكن القتال ولجوء عدد كبير إلي البلدان المجاورة.
بالإضافة لكل ما سبق أود ونحن نتحدث عن حقوق الإنسان أن أتطرق إلي ما يدور في الفترة الأخيرة من انتهاكات لحقوق البشر, ففي يوم العاشر من ديسمبر عام 1948, صدرت وثيقة تاريخية مهمة واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس, وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم, وهو يحدد حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا, ودعت الأمم المتحدة إلي توطيد احترام هذ الحقوق والحريات, عن طريق التعليم والتربية, واتخاذ إجراءات مطردة قومية وعالمية لضمان الاعتراف بها.
وتنص المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان, دون تمييز من أي نوع, ولا سيما التمييز بسبب العنصر, أو اللون, أو الجنس, أو اللغة, أو الدين, أو الرأي سياسيا وغير سياسي, أو الأصل الوطني أو الاجتماعي, أو الثروة, أو المولد, أو أي وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص, سواء كان مستقلا, أو موضوعا تحت الوصاية, أو غير متمتع بالحكم الذاتي, أو خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته.
كما تنص المادة الرابعة منه علي لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان علي شخصه.
وبعد النكبة الفلسطينية الأولي عام 1948, عقب إعلان قيام دولة إسرائيل يتعرض الفلسطينيون الآن لنكبة ثانية. ولنرجع معا إلي الأول من فبراير 2022, وهو اليوم الذي أصدرت فيه منظمة العفو الدولية أمنيستي المعنية بحقوق الإنسان, تقريرا حول واقع الفلسطينيين متهما الكيان الصهيوني بممارسة نظام فصل عنصري (أبار تهايد) تجاههم, واعتمد التقرير علي سياسات الاحتلال وممارساته القائمة علي التمييز ضد الفلسطينيين.
ومن أشكال هذه الممارسات مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية علي نطاق واسع, إضافة إلي القيود الصارمة علي الحركة والتنقل, وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة, وانتهي التقرير إلي أن هذه الممارسات انتهاكات مكونات نظام عنصري تمييزي يرقي إلي جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.