صدر العدد الأول من مجلة مدارس الأحد في شهر أبريل من عام 1947 وكانت افتتاحية العدد ممهورة باسم هيئة التحرير وليس باسم رئيس التحرير. وكان المقصود بذلك أنها معبرة ليس فقط عن هوية المجلة بل أيضا معبرة عن هوية مدارس الأحد. وكان عنوانها لماذا أصدرنا هذه المجلة؟ وهذا نصها:
بيد قوية, هي يد الرب القدير, تصدر مجلة مدارس الأحد, وما قصدنا من إصدارها زيادة عدد ما يصدر من مجلات, ولكنا رغبنا في أن نبعث بعثا جديدا في المجتمع القبطي. فلقد مر أكثر من نصف قرن والجميع ينشدون الإصلاح. وما تقدموا نحوه خطوة واحدة, ذلك لأن الطرق التي سلكوها, مع رغبتهم الخالصة في الإصلاح, لم تكن هي الطريق المؤدي إليه.
ولقد عقدنا العزم, بمشيئة الرب, أن نطرق هذا الباب المغلق, باب الإصلاح, لنستقبل حياة جديدة. أجل فقد اعتزمنا أن تكون مجلة مدارس الأحد صدي لصوت الله لإصلاح الفرد والأسرة والمجتمع ليجد فيها هؤلاء جميعا غذاءهم الروحي والاجتماعي والأدبي والعلمي والصحي.
لقد رأي نفر من خريجي كليات الجامعة, هم من صميم أبناء كنيسة الله الأرثوذكسية الذين استناروا بنورها, رأوا أن هذا النور الإلهي هو الكفيل بإضاءة طريق الإصلاح, وأن السر في الفشل هو إبعاد الله, عن كل ما يعمل في سبيل الإصلاح. بيد أنه لكي ننجح ولكي يكون لكل ما نعمل فائدة, لابد أن يتدخل الله في كل شيء. بل يكون الله كل شيء. في العلم في الاجتماع في الأدب في الصحة في المدرسة في الزواج في البنين في الأسرة في المال في المعاملة في الإدارة والتشريع وفي اختيار رجال الدين ورجال الدنيا. فإن الله مصدر كل شيء وبه كل شيء فلن ينجح شيء إذا انفصل عن الله, أليس الله هو الطريق والحق والحياة؟ ألم يسلم الله ذاته للموت بالجسد لأنه أحبنا وأراد أن يهبنا الحياة ويفتدينا؟
إن الله قد أعطي الإنسان العلم ليرقي ولكن الإنسان أراد أن يفصله عن الله, فقد استخدمه للقتال في الشرور. فالجهل كل الجهل أن نفصل بين الدين والدنيا, فلا فائدة من دين يقف بعيدا عن أمور حياتنا الخاصة والعامة. أجل لابد لتقسيم أمورنا أن يتم اختيار رؤساء الكنيسة بالطرق التي رسمها الرب يسوع في كتابه المقدس, وفي كنيسته ولابد أن يعود سلطان الكنيسة علي كل عمل وعلي كل فرد. لابد أن يختار لكل عمل ولكل هيئة رجال قديسون يختارون حسب قوانين الله, وتعتبر أعمالهم جزءا من عمل الكنيسة. لابد أن تكون لنا مدارس مسيحية, تخرج مسيحيين قديسين يصلحون جنودا للرب وخداما للمجتمع الإنساني, لا مدارس هزيلة هي آلات لتخريج شبان وشابات جهلاء مساكين لا يصلحون لدنيا ولا لآخرة. أجل لابد أن تكون الكنيسة كلها وحدة لا تنفصل كما أعلن الرب يسوع المسيح أن الكنيسة جسده وأنه هو الرأس. ولابد أن يكون جميع أعضائها وهم المسيحيون مقدسين. لابد أن نكون رجالا شجعانا في مقاومة كل تيار يدفعنا بعيدا عن الله في أي أمر من أمورنا.
والرأي عندي أن هذه الافتتاحية التي حررت علي هذا النحو يمكن القول عنها إنها صدي لصوت الله وأن هذا الصوت يرن في المجتمع علي مختلف مجالاته, وأن الإنصات له يستلزم أن يكون أعضاء مدارس الأحد جنودا لله لمقاومة أي تيار علي خلاف ذلك الصوت.
والمفارقة هنا أن هذه الافتتاحية يمكن أن تكون افتتاحية لمجلة الإخوان المسلمين وإذا أضفت إلي ذلك صورة الغلاف وعليه صورة المسيح ممسكا بكرباج فإن السؤال الذي يلزم أن يثار: هل من فارق بين المدرستين؟