من أجل تحقيق الرؤيا التي حلمنا بها- نظير جيد وأنا- في مقهي محطة مصر, وهي أن يكون البطريرك القادم من رهبان مدارس الأحد, أقدم بعض مدرسي مدارس الأحد علي خدمة الكنيسة ككهنة ورهبان, وكان من أبرز هؤلاء: سعد عزيز الذي كان خادما بمدارس أحد الجيزة وصار اسمه القمص مكاري الصموئيلي في أبريل 1948, ويوسف إسكندر كان علي علاقة بمدارس أحد الجيزة وصار اسمه القمص متي المسكين في أغسطس 1948, ونظير جيد الذي كان خادما بمدارس أحد كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا صار اسمه القمص أنطونيوس السرياني.
وإثر نياحة البابا يوساب الثاني صدرت لائحة 1957 لانتخاب البطريرك بقرار من المجمع المقدس, وجاء البند ج من المادة رقم 8 أن يكون المرشح للكرسي البطريركي قد بلغ من العمر خمسة وأربعون سنة ميلادية وأن يكون قد أمضي في الرهبنة مدة لا تقل عن خمسة عشر عاما.
وفي سياق هذا البند لم يعد من حق الرهبان الثلاثة أن يترشحوا لذلك الكرسي لأنهم لم يستوفوا المدة القانونية المطلوبة سواء من حيث العمر, أو من حيث مدة الرهبنة, وعندئذ اندلعت المظاهرات تحت رعاية قيادات مدارس الأحد بقيادة كمال حبيب الذي كان خادما في مدارس أحد كنيسة مارمينا بشبرا والذي أصبح فيما بعد أسقف ملوي (1975-1986), وفي هذا السياق أيضا اقترحت هذه القيادات أن أكتب مذكرة وأرفعها إلي رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر برجاء تعديل المادة ج لكي يكون من المشروع ترشح الرهبان الثلاثة, وقد كان إذ التقيت خالد محيي الدين الذي كان في حينها رئيس تحرير جريدة المساء التي أنشأها عبدالناصر بعد أن عاد من منفاه بسويسرا, وكنت علي علاقة حميمة معه بحكم تعاطفي مع التيار اليساري, وافق علي عرض المذكرة علي الرئيس عبدالناصر وكان في حينها علي موعد للالتقاء به في الساعة الثانية عشر ظهرا في اليوم التالي, وكان رأي الرئيس عبدالناصر بعد أن أطلع علي المذكرة, أن مسألة تعديل اللائحة ليست من مسئوليته بل هي من مسئوليات المجمع المقدس.
وقبل انتهاء المقابلة قال عبدالناصر لخالد محيي الدين: علي فكرة يا خالد, مدارس الأحد متعصبين زي الإخوان المسلمين, وكانت هذه الفكرة قد صرح بها في عام 1955, وكان من شأن هذا التصريح أن تغيير اسم مدارس الأحد وأصبح مدارس التربية الكنسية, ومع ذلك كررها عبدالناصر في عام 1957, إلا أن الرئيس السادات أعادها إلي ما كانت عليه.
وفي هذا السياق للمرة الثالثة قابلني الوزير المختص بالشئون القبطية الدكتور كمال رمزي ستينو ودار حديثه معي حول مظاهرات مدارس الأحد التي اعتبرها بلا مبرر, بدعوي أن الراهب القمص مينا المتوحد هو المرشح لأن يكون بطريركا, والرهبان الثلاثة هو الذي وافق علي رسامتهم رهبانا برغم رفض القيادة الكنسية, وبالتالي فإنهم سيكونون بجواره لمساعدته في إدارة شئون البطريركية. وعندئذ سألته: وإذا لم ينتخب؟ وهنا أنهي الوزير الجلسة.
وفي أبريل من عام 1959 انتخب القمص مينا المتوحد للبطريركية باسم البابا كيرلس السادس, والمفارقة هنا أنه إثر انتخاب البابا كيرلس دخل في صدام مع القمص متي المسكين, وانحاز القمص مكاري السرياني إلي البابا, أما القمص أنطونيوس السرياني فقد أصبح سكرتيرا للبابا إثر انتخابه, ولكنه استبعد بعد ذلك.