قبل تفشي الفيروس أشارت إحدي المؤسسات التي تتبع الأمم المتحدة إلي أن 243 مليون امرأة (15 ـ 49 عاما) حول العالم تعرضن خلال الاثني عشر شهرا الماضية لعنف جسدي أو جنسي من قبل شريك الحياة أو أحد أفراد العائلة. وبالتأكيد هذه الإحصائية أقل من الحقيقة لأن الثقافة المجتمعية في العديد من الدول ومنها الدول العربية تحول دون الإبلاغ عن العنف المنزلي أو طلب المساعدة, وتشير الإحصاءات إلي أن 40% فقط من النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري يطلبن المساعدة وأن 10% فقط من النساء التي تطلب المساعدة يتقدمن ببلاغ لدي قسم الشرطة ضد من اعتدي عليهن.
وبعد تفشي فيروس كورونا ومع تنفيذ إجراءات احترازية لمواجهة الفيروس منها التباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس والجامعات وأماكن التجمعات من نواد ومطاعم وكافتيريات ووقف الطيران والسياحة مما أدي للوجود في المنزل بشكل مستمر ومع فقدان الملايين حول العالم لوظائفهم واحتدام الأزمة الاقتصادية ازداد التوتر والقلق والخوف من المستقبل فازداد العنف الواقع علي النساء والفتيات وأصبح الإبلاغ عن العنف أو طلب المساعدة في ظل هذه الشروف أكثر صعوبة وتعقيدا.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلي أن واحدة من كل أربع دول حول العالم لا تتوفر فيها قوانين لحماية النساء من العنف الأسري وتقدر منظمة الأمم المتحدة التكلفة العالمية للعنف ضد المرأة قبل جائحة فيروس كورونا 1.5 تريليون دولار أمريكي, وتتصاعد التكلفة في ظل زيادة العنف عقب تفشي فيروس كورونا المستجد في 20 مارس 2020 صدر بيان عن المديرة التنفيذية للأمم المتحدة (فومزيل ملامبو نجوكا) أشار إلي أن من آثار العزل المنزلي لجائحة كورونا زيادة العنف الأسري والاستغلال الجنسي وأن 137 امرأة يتم قتلها يوميا علي يد أحد أفراد أسرتها التي طبقت العزل الاجتماعي هذا بجانب تزايد الإبلاغ عن وقائع عنف منزلي إلي ثلاثة أضعاف ما قبل جائحة كورونا.
وإذا انتلقنا ياسادة لبعض الأمثلة في عدد من الدول الغربية والعربية ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة والمنظمات المعاونة لها نجد أنه في الولايات المتحدة الأمريكية تقول لنا رئيسة التحالف الوطني ضد العنف المنزلي 10 ملايين شخص في الولايات المتحدة الأمريكية يتعرضون للعنف الجسدي وتتعرض امرأة من كل أربع نساء ورجل من كل سبعة رجال لعنف جسدي علي يد شريك حميم كما ترتكب في كل ساعة80 حالة اغتصاب. أما في فرنسا نجد أن 80% من النساء يتعرضن للاغتصاب ويزداد العنف الأسري في ألمانيا وبلجيكا وبقية الدول الأوروبية وإذا انتقلنا للعالم العربي ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة أن 37% من النساء تعرضن لعنف جسدي أو جنسي لمرة واحد علي الأقل في حياتهن وأن 6 من كل 10 نساء معنفات لا يخبرن أي جهة عن معاناتهن وأن العنف ضد المرأة ازداد إلي ثلاثة أضعاف بعد جائحة الكورونا ويزداد العنف في دول العراق ومصر والسعودية والسودان كما يزداد العنف ضد المرأة في أماكن الصراعات والحروب وينتشر العنف في الدول الخليجية ضد المرأة في أوساط الدائرة القريبة من الأسرة للضحية كسائق الأسرة أو الخادم أو من محيط العائلة والأقارب أو ذوي المناصب ولا يجري التبليغ عن معظمها لثقافة متخلفة ترتط بسمعة المرأة وسمعة عائلتها وعشيرتها ودائما ما يتم إلقاء اللوم علي المرأة!! وتشير الإحصاءات في مصر إلي أن 60% من الفتيات يتعرضن للتحرض بدءا من الملامسة وانتهاء بالاغتصاب. و46% من النساء يتعرضن للعنف من شريك الحياة. وبالطبع كل هذه الأرقام ازدادت بعد العزل المنزلي.
وفي الخامس من أبريل 2020 دعام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش إلي حماية النساء والفتيات من العنف الأسري وسط تقارير عن تزايد حالات العنف المنزلي والأسري خلال فترة الحجر الصحي علي خلفية تفشي وباء فيروس كورونا المستجد. وقال جوتيرش إن العنف لا يقتصر علي ساحات المعارك وأضاف بالنسبة للعديد من النساء والفتيات فإن أكثر مكان يلوح فيه خطر العنف المنزلي هو المكان الذي يفترض به أن يكون واحة الأمان لهن إنه المنزل. وأوضح الأمين العام أنه علي مدي الأسابيع الماضية مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتنامي المخاوف شهدنا طفرة مروعة في العنف المنزلي وأضاف إن منع العنف ضد المرأة وجبر الضرر الواقع لابد وأن يكون جزءا من الخطط الوطنية للتصدي للفيروس وفي ظل جائحة فيروس كورونا المستجد واستمرار العزل وساعات الحظر الطويلة يصعب الإبلاغ عن حالات العنف لذا لابد من إنشاء أنظمة وآليات طارئة في الصيدليات ومحلات البقالة (وهي الأماكن المفتوحة في ظل الحظر لتقديم خدمات العلاج والغذاء) بجانب أقسام الشرطة والمنظمات والمؤسسات العاملة في مجال حقوق المرأة ليمكن الوصول إليها أو الاتصال والتواصل معها للإبلاغ عن العنف. بجانب اهتمام السلطات المختصة بسرعة الاستجابة ومواجهة الخطر الواقع علي المرأة والعمل ضد المرأة لضمان الاستقرار الأسري والمجتمعي في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم وتمر بها الإنسانية والتي تحتاج تكاتف كل الجهود لمجابهة الفيروس القاتل ولمواجهة آثاره الاقتصادية والاجتماعية.. إن بناء وتقدم المجتمع يقوم علي جناحي المرأة والرجل.