كتب الأستاذ أنطون سيدهم علي صفحات جريدةوطنيسنة1995, مقالا بعنوانقانون الإسكان متناولا مثله مثل الكثيرين قضية قانون الإيجارات القديم التي تؤرق تفكيرهم وضمائرهم منذ ما يزيد علي ستين عاما.
الكل يتحدث عن هذه القضية وتبقي كما هي دون أية مؤشرات علي وجود بوادر تغيير إيجابي, ويقول النائب إلهامي عجيبة عضو مجلس النوابإن أكثر من 50% من المستأجرين لديهم أملاكا وعقارات وشقق تمليك, ويتركون الشقق التي يستأجرونها مغلقة خالية… صدق هذا النائب لأن الشقة السكنية التي تم إيجارها في ستينيات القرن الماضي مازال إيجارها ثابتا حتي وقتنا الحاضر.
ومع أن الحكومة سبق وأن تقدمت للبرلمان بمشروعات تعديلات علي قانون الإيجارات القديمة إلا أن البرلمان رفض إجازتها بداعي أن تعديلات الإيجارات ستحدث خللا في المجتمع وتتسبب في إثارة المواطنين.
الجدير بالذكر أنه في سنة 1986 تم تحريك إيجارات الوحدات غير السكنية مثل المكاتب والشركات مع ترك إيجارات الوحدات السكنية كما هي, وفي عام1996 تم فك أسر جميع العقود المحررة بعد هذا التاريخ, يصبح العقد شريعة المتعاقدين ولكن بقي الخلل في استمرار تجميد العقود المحررة قبل هذا التاريخ وظل مالك تلك العقارات هو الضحية, فلا القانون القديم أنصفه ولا القانون الجديد أعاد له اعتباره, ويبقي السؤال: متي يتم فك أسر العقارات القديمة سواء بالنسبة للوحدات السكنية فيها أو بالنسبة للوحدات غير السكنية؟ فالواقع التشريعي الحالي يمثل ازدواجية غير عادلة بين ما قبل عام 1986 وما بعده, وأيضا ما قبل 1996 وما بعده.
وأذكر أنني في عام 2015 قمت بعمل تحقيق صحفي عن هذه القضية ووقتها تحدثت مع أصحاب العقارات في القاهرة في ضواحي مصر الجديدة وشبرا ووسط البلد, ورغم اختلاف المناطق الجغرافية كانت المشكلة واحدة وهي تدني قيمة الإيجار بحيث يقتصر تماما عن الوفاء باحتياجاتهم المعيشية ناهيك عن تمويل أعباء الصيانة والتجديدات اللازمة لعقاراتهم.
وبالإضافة إلي هذه المعاناة التي اقتربت من المذلة كان علي أولئك الملاك تجرع مرارة دوام عقود الإيجار إلي الأبد وعدم قدرتهم علي إخلاء أيا من شقق عماراتهم لتزويج بناتهم أو أبنائهم فيها.
وحسنا أن وضع القانون مؤخرا حدا لهذا الغبن بأن وضع حدا أقصي لتوريث عقد الإيجار إلي أبناء المستأجر الأصلي دون أحفاده, لعل الحقيقة الصادمة التي تجلت أمام كل من هللوا لتجميد الإيجارات منذ ستين عاما, أنهم لم يدركوا مضبة العبث بقانونالعرض والطلب الذي يحكم مقدرات السوق فكانت النتيجة تحول السوق من الإيجار إليالتمليك وانفلتت الأرقام خارج كل حدود للسيطرة وأصبحت المفارقة المضحكة المبكية أن من يتمتع بإيجار سكني لايتجاوز بضعة جنيهات لايجد شقة لابنه أو ابنته يقل إيجارها عن بضعة آلاف من الجنيهات حتي بات الواقع المأزوم يمثل ازدواجا تشريعيا يتطلب العلاج لتصحيح السوق بأمل أن يعود المصريين ليروا لافتةشقة للإيجار علي مباني أقيمت حديثا.
[email protected]