كمية الكباري اللي طالعة الأيام دي رهيبة. وعلى فكرة مش بس سكان مصر الجديدة اللي تعبانين وبيعانوا لكن مناطق تاني كتير وكل اللي داخل وخارج منها علشان يؤدي مصلحة لو مش من سكانها الأصليين. إنت تبقى نازل من بيتك لا بيك ولا عليك تلاقي بطن الشارع اللي إنت فيه طالعة، وفجأة وبدون إنذار تلاقي الطريق اللي انت عارفه ومتعود عليه اتقفل ومفيش قدامك حل غير إنك تتبع اليوفط علشان ربنا يقدرك وتوصل للمكان اللي انت عايز تروحه بمشيئة العلمان بكل الخفايا. وكمية النكت والإنتقادات والپوستات اللي بتشجب وتعتب غير طبيعية وشكاوي الناس اللي تضررت من اللي بيحصل في حتتها في يوم وليلة تثير شفقتك فعلاً وتلاقي نفسك متعاطف. بس متعاطف بس. مفيش في ايدك حاجة تقدر تعملها. وبصراحة اللي لافت نظري جدية واستمرارية الإنشاءات دي. كتير وأنا مزنوقة في حتة من الحتت اللي متفشفشة ومليانة شغل، الاقي نفسي باتأمل في العامل أو المهندس الريس بتاعه اللي مكملين شغل وكأنهم لا سامعين ولا شايفين أفأفة الناس ولا غيظها ولا عطلتها. وطلعت باستنتاج إن اللي مخليهم في حالة الإستمرارية دي هي إنهم دارسين خطة العمل كويس وعارفين النتيجة هتكون إيه. واللي أكد لي المعلومة دي إني أنا شخصياً جربت واحد من الكباري الجديدة اللي اتشطبت ولقيتها فعلاً سهلت وقصَّرت عليَّا المشوار. والأكتر من كده إنهم عندهم وقت محدد لإنهاء العمل. وياسلام لو عرفوا إن الريس مثلاً أو حد من المسئولين هيعدي في اليوم الفلاني؛ تلاقي الهمة تضاعفت والأوڤرتايم اشتغل والتنظيف بقى والتوضيب والأنوار والذي منه. كله كله حصل في غمضة عين.
والنهاردة وأنا باقرا كلمات في سفر إشعياء جت الصورة دي بكل تفاصيلها قدام عينايا. “صَوْتُ صَارِخٍ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ ٱلرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي ٱلْقَفْرِ سَبِيلًا لِإِلَهِنَا. كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ، وَكُلُّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَيَصِيرُ ٱلْمُعْوَجُّ مُسْتَقِيمًا، وَٱلْعَرَاقِيبُ سَهْلًا. فَيُعْلَنُ مَجْدُ ٱلرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لِأَنَّ فَمَ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ».” (إشعياء ٤٠: ٣-٥). وتخيلت نفسي في المشهد. ياترى أنا جوة الخطة زي العامل اللي عمال يشتغل ليل نهار يهِّد ويمهد ويبني ويشطب وينزل العالي ويرفع الواطي علشان يساوي؟ هل عندي احساس بضيق الوقت وقرب وصول المسئول؟ هل أنا شغالة ليل نهار وأوڤرتايم ولا عاملة زي العامل الغير مسئول اللي مش فارق معاه حاجة وانتهز فرصة غياب ريسه حبتين فكوَّع تحت الكوبري وراح في تعسيلة؟ هل أنا مُدركة قيمة الشغل اللي باشتغله وشايفة على ال plan اللي عملها المصمم المنظر بعد اتمام الشغل شكله إيه وقد إيه يستاهل تعبي؟ ياترى هاحط وشي في الأرض لما يوصل الريس، اللي أنا واثقة ومتأكدة إنه جاي جاي، لإني أهملت دوري؟ ولا وشي هينور وأنا منضفة الدنيا ومعلقة الكهارب وأنا مستنياه بكل حتة في كياني ووجداني؟
“عَلَى جَبَلٍ عَالٍ ٱصْعَدِي، يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ. ٱرْفَعِي صَوْتَكِ بِقُوَّةٍ، يَا مُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. ٱرْفَعِي لَا تَخَافِي. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هُوَذَا إِلَهُكِ. هُوَذَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ.” (إشعياء ٤٠: ٩-١٠).