تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية, في هذه الليلة المقدسة, بعيد ميلاد السيد المسيح له المجد.
لذلك أتقدم لكم بالتهاني القلبية, بمناسبة هذا العيد المبارك, طالبا لكم من الرب في هذه المناسبة السعيد, ولوطننا العزيز مصر, وللعالم أجمع كل بركة وسلام وخير وتقدم.
أما عن رسالة هذا العيد, فهي تحدثنا عن أن:
المسيح جاء, لتصحيح المفاهيم الخاطئة.
وقت أن جاء المسيح إلي العالم في الجسد, وجده في حالة روحية يرثي لها, سواء كان علي مستوي اليهود أو الأمم, لذلك قام بنفسه ومازال يقوم بتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة, وكلف رسله وخلفاءهم, والمؤمنين باسمه, للقيام بأدوار للعمل علي تصحيح المفاهيم الخاطئة.
بدأ المسيح له المجد بتصحيح المفاهيم التي كانت من حوله, وذلك من خلال صفاته الإلهية غير المحدودة, وهي مثال محبته ورحمته وتسامحه, التي بلا حدود ولجميع الناس, وكذلك طول أناته وستره وغفرانه للكل, وأيضا بأعماله الصالحة وقدوته التي لا مثيل لها بين الناس. ومع ذلك بالإضافة إلي تعاليمه الصالحة السمائية, التي قبلها الناس وآمنوا بها وبه, ولقبوه بسببها, بلقب: المعلم الصالح (مت 19:16), (لو 18: 18) بالإضافة إلي معجزاته أو عجائبه الكثيرة, التي عملها مع كثيرين, من أصحاب العاهات التي لا يمكن علاجها, والمرضي, والذين عليهم أرواح نجسة, وإقامة الموتي…….. إلخ.
وكل هذه الآيات وأمثالها, التي فعلها المسيح مع الناس, كانت جميعها أهدافها الرحمة والشفقة, والعلاج لراحة جميع المتعبين, حسب وعده الصادق: تعالوا إلي يا جميع المتعبين, والثقيلي الأحمال, وأنا أريحكم (مت 11: 28).
وذلك قدم نفسه لنا مثالا حيا, لكي نتعلم منه: ونتبع خطواته (1 بط2: 21).
اهتم بخدمة التعليم, اهتماما كبيرا, فمن هنا علم المسيح بالقدوة والعمل الصالح, وعلم بالكلمة, وأيضا بالنبؤات والرموز, وعلم بالأمثلة, بالحوار مع تلاميذه ومع الناس والهدف من كل هذه الأساليب والطرق, هو تصحيح المفاهيم التي كانت لدي الناس, وذلك قبلوا الإيمان به, والحياة الروحية معه, لخلاص أنفسهم, والميراث الصالح معه في ملكوت السموات, حسب وعده الإلهي: تعالوا إلي يا مباركي أبي, رثوا الملكوت, المعد لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).
وبناء عليه كان دائما يحث الناس علي الاستماع للتعاليم الصحيحة, وقبولها والعمل بها, والحفاظ عليها, كما أوصي رسله بذلك: علموهم أن يحفظوا, جميع ما أوصيتكم به (مت 28: 20).
وقال: تحرزوا… من تعاليم الفريسيين والصدوقيين (مت 16: 6 ـ7).
لأن التعليم يبدأ بفكرة, ويتحول إلي حياة, فإن كانت الفكرة صحيحة, يتحول التعليم إلي حياة روحية صحيحة بين الله والإنسان وعلمنا أن نفرق بين التقليد الخاطيء والتقليد الصحيح.
أ ـ التقليد الخاطئ, هو الذي رفضه السيد المسيح, لأنه من وضع البشر, وكذلك رفضه الآباء الرسل, وكذلك رفضته كنيستنا, لأن له أضراره.
ب ـ أما عن التقليد الصحيح والمفيد, الذي هو تسليم رسولي, لم يرفضه السيد المسيح, ولم يرفضه الآباء الرسل, وكذلك لم ترفضه كنيستنا, لأن له أهميته ولا غني عنه, ومعمول به فيها, ولذا تسمي كنيستنا, بأنها كنيسة تقليدية, لأنه تؤمن بالتقليد الصحيح وتعيشه, وتعلم به.
ولا يفوتنا أن نشير أن الله وهبنا الحرية كبشر, هبة مجانية, فهذه عطية إلهية, أصبحنا بها كالملائكة في هذه العطية. إلا أن المفاهيم الخاطئة عن الحرية, واستخدامها الخاطئ لدي البعض, هو الخطأ.
مثال لذلك الخطية والتوبة: فمن خلال الفهم الخاطئ للحرية, يتعدي الإنسان علي وصايا الله, ويسقط في الخطية, ويصير عبدا لها, كما قال الرب: كل من يعمل الخطية, هو عبد للخطية (يو 8: 34).
كذلك إن تاب الإنسان, ورجع لله, وأقر بخطاياه, يتحرر منها, ويصير ابنا لله, بدلا من الخطية: إن حرركم الابن, فبالحقيقة تكونون أحرارا (يو 8: 36).
مثال آخر للمفهوم الخاطئ للحرية, وهو زواج المثليين.
بلا شك معروف للجميع أن الزواج بين البشر, منذ بدء الخليقة, هو بين ذكر وأنثي (مت 19: 4), (تك 1: 27 ـ 28), (تك 5: 2).
إلا أن من أسباب المفاهيم الخاطئة للحرية, انحرف البعض من البشر, وتزوجوا ذكورا بذكور, وإناثا بإناث, كما هو مذكور في رسالة القديس بولس الرسول, إلي أهل رومية (رو 1: 26 ـ 27) وذلك بالرغم من وجود تشريع إلهي, يمنع هذا الزواج الخاطئ, في عدة مواضع من الكتاب: (لا 18: 22), (1 كو 6: 9 – 10), (1تي 1: 9 ـ 10).
والذي تترتب عليه أضرار كثيرة وفي مقدمتها إيقاف الزواج الشرعي بين البشر, والانحراف السلوكي بينهم, مع إندثار النسل البشري من وجه الأرض, وكل هذا يتعارض مع وصايا الله وأهدافها السامية الخاصة بالزواج الشرعي.
ومن الممكن, أن هذا الزواج الخاطئ قد يعالج بالتوبة, وبالزواج الشرعي بين ذكور وإناث, وكذلك بالعلاج الطبي, وبوجود تشريع قانوني, يجرم هذا الزواج الخاطئ, ويعاقب كل رجل دين يتمم هذا الزواج, مع تشديد العقوبة, علي من دخلوا في هذا الزواج الخاطئ.
زواج المثليين
وعلمنا أن الدين ليس علما إنما هو تغيير حياة الناس إلي الأفضل, وليس مجرد معلومات يعرفها الناس, كأية معرفة أخري, لذلك قال المسيح للناس, عن الكتبة والفريسيين: حسب أعمالهم لا تعملوا, لأنهم يقولون ولا يفعلون (مت 23: 3).
وهناك البعض يعتبر معرفة الله, هي مجرد معلومات, وليس لها أعمال صالحة لذلك هذا الوضع, هو وضع خاطئ, كما ذكر الكتاب عن هؤلاء: يعترفون أنهم يعرفون الله, ولكنهم بالأعمال ينكرونه (تي 1: 16).
ومع ذلك يتخيل البعض من الناس, أن التدين, هو مجرد ملابس أو زي ديني, أو صورة خارجية (2 تي 3: 5), أو منصب أو وظيفة, دون حياة قوية مع الله.
لدرجة أن هناك بعض الأشخاص, قد يهتم بحفظ وصية العشور, علي حساب وصايا الحق والرحمة والإيمان, فهذا الوضع خاطئ, ورفضه السيد المسيح قائلا لأتباعه: ينبغي أن تعملوا هذه, ولا تتركوا تلك (مت 23 ـ 23).
بالإضافة إلي ذلك هناك أمثلة كثيرة, للتدين الخاطئ مثل الاهتمام بخارج الإنسان, دون الاهتمام بداخله, وهذا الوضع الخاطئ, رفضه المسيح قائلا: نق أولا داخل الكأس والصحفة, لكي يكون خارجها أيضا نقيا (مت 23 ـ 26).
وأصعب جوانب التدين الخاطئ, هو أن أصحابه يتصفون بالتشدد والتعصب والكراهية, لكل من يختلف معهم في الفكر والرأي, كم بالأولي مع من لم يؤمنوا بإيمانهم وعقيدتهم.
وقد يصل التخيل بهم, إلي أنهم ينصبون أنفسهم قضاة علي الناس بدلا من الله, فيقدمون رأيا يجيز معاقبة الناس, بجلدهم وطردهم, بل وأيضا قتلهم, وذلك للتضييق علي حرياتهم التي وهبها لهم الله, وتكفلها المواثيق الدولية وحقوق الإنسان, ودساتير الدول وقوانينها.
فواضح من كل هذه الأمثلة وغيرها, رفض السيد المسيح ورسله, التدين الخاطئ, مقدمين أنفسهم أمثلة قدوة للتدين الصحيح, بالإضافة إلي تعاليمهم الصالحة, التي علمتنا التدين الصحيح البناء, الذي يمجد الله, ويشهد لصحة إيمان الإنسان, وعلاقته بالله.
لا ننسي أن نشير إلي تعامل الله مع الخطية والخطاة
بلا شك هناك سوء فهم, لدي البعض من الناس, حول مسئولية الخطية والخطاة أمام الله, فيتخيل هذا البعض, أنه بقدر ما يبغض الله الخطية, يبغض أيضا الخطاة.
لذلك لا مجال لوجود أمل عند هؤلاء, لكل مشاكل الخطاة, وذلك لغفران خطاياهم, والتخلص منها.
إننا لا ننكر أن الله القدوس والمعصوم من الخطية, أنه يبغض الخطية جدا, من جهة أنواعها, وأسبابها, وما يترتب عليها من نتائج.
إلا أنه يجب الخطاة كبشر, وجاء رافضا لقسوة التعامل معهم قائلا: لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي (مت 9: 12).
فمن قوله في هذه الآية, قدم المسيح نفسه طبيبا روحيا, قادرا علي تشخيص الأمراض الروحية وعلاجها, كما أنه اعتبر الخطاة مرضي بأمراض روحية كثيرة.
وقدم العلاج الروحي لهم لا برفضهم, بل بدعوتهم للإيمان به والتوبة, قائلا للكتبة: إني أريد رحمة لا ذبيحة, لأني لم آت لأدعو أبرارا, بل خطاة إلي التوبة (مت 9: 13).
من خلال التوبة, التي قدمها المسيح للبشر, الخطاة والأشرار, فتح بابا لغفران خطاياهم, والصلح مع الله, مع ضمان خلاص أنفسهم, وميراثهم الأبدي في ملكوت السموات.
ورفض أسلوب نبذهم وعدم التعامل معهم, بل فضل التعامل معهم مباشرة, لتغيير حياتهم, فمن هنا نجده تعامل مع المرأة السامرية الخاطئة, وقادها إلي الإيمان به, والتوبة, والكرازة باسمه للآخرين (يو 4: 1 ـ 42).
كما إنه تعامل مع زكا العشار, وزاره في بيته, وقاده هو وأهل بيته, إلي الإيمان به والتوبة والخلاص, ولما اعترض الجميع علي زيارة المسيح لبيت زكا, لكونه إنسانا خاطئا, صحح لهم هذا المفهوم الخاطيء قائلا: ابن الإنسان قد جاء, لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 10).
صحح مفهوما آخر في تساوي الرجل مع المرأة في مسئولية الخطية, إذا ارتكبا خطأ وأحد معا, أو خطئا كلاهما نفس الخطأ.
مثال لذلك المرأة التي سقطت في الخطية الزنا, مع رجل لذلك مع المفاهيم الخاطئة, لدي الكتبة والفريسيين, في تجريم خطية الزنا علي المرأة دون الرجل, وبناء عليه قدموا هذه المرأة للمسيح, وطلبوا منه أن يوافق علي رجمها, كما أمرت الشريعة.
إلا أنه رفض هذا المفهوم الخاطيء, في المطالبة بإدانة المرأة, دون الرجل لا لأنه رفض تطبيق الشريعة التي تأمر بذلك, بل لأنهم أرادوا أن يرجموها, دون محاسبة الرجل, الذي ارتكب نفس الخطأ معها, لذلك قال لهم: من منكم بلا خطية, فليرمها أولا بحجر (يو 8: 7).
ثم التفت إلي المرأة وقال لها: أما دانك أحد, فقالت لا أحد يا سيد, فقال لها… ولا أنا أدينك, أذهبي ولا تخطيء أيضا (يو8: 10 ـ 11).
ومع ذلك لا ننسي شاول الطرسوسي, الذي كان يضطهد الكنيسة بعنف وتطرف, قاصدا تعطيل رسالتها الكرازية, وعدم قبول أعضاء جدد للإيمان المسيحي, للانضمام إليها, وكل هذا كان يعلمه الآباء الرسل, وجماعة المؤمنين, إلا أن الرب المحب للخطاة, الداعي الكنيسة قائلا له: شاول شاول لماذا تضطهدني, صعب عليك أن ترفس مناخس (أع 9: 5 ـ 6).
وبهذا دخل شاول في حوار مع المسيح, قائلا له: ماذا تريد يارب, أن أفعل (أع 9:6).
فأجابه الرب, داعيه للإيمان المسيحي: قم ادخل إلي المدينة, فيقال لك, ماذا ينبغي أن تفعل (أع 9: 6).
ثم أمر الرب بعد ذلك حنانيا الرسول, بتبشيره بالإيمان المسيحي وتعميده, وقد حدث هذا بالفعل (أع 9: 10 ـ 18).
وأعطاه الآباء الرسل سر الكهنوت, وذلك بوضع أيديهم عليه (أع 13: 2 ـ 3).
وأصبح رسولا عظيما, يضطهد من أجل الكنيسة, بعد أن كان يضطهدها, وقدم الكرازة بالإيمان المسيحي للأمم, وقبلت كرازته, وكتب أربع عشرة رسالة في العهد الجديد, ووصل إلي قامة روحية كبيرة مع المسيح, وأخيرا انتهت حياته بالاستشهاد, مع القديس بطرس الرسول, وأصبح يوم استشهادهما عيدا في الكنيسة كلها, يسمي بعيد الآباء الرسل.
ومن الجوانب التي كانت في غاية الأهمية, ولها أدوار كبيرة, علي التفرقة في التعامل بين الناس, هو تبعية الناس لإيمان أو دين معين, أم لا!! وكان يترتب علي هذا عوامل أخري تؤدي إلي تفرقة أكثر, في التعامل بين الناس.
بالإضافة إلي ذلك, لا ننسي وجود فوارق في التعامل بين الناس, وذلك بسبب وجود البعض من الناس يطلق عليهم لقب أسياد, والبعض الآخر يطلق عليهم لقب عبيد, وبناء علي هذه الألقاب يطلق علي الأسياد أحرارا وعلي العبيد أسري ومقيدي الحرية.
ومع كل هذه الأسباب, التي تبني عليها الفروق الخاطئة في التعامل بين الناس, وجود النظرة المختلفة في التعامل بين الناس, بناء علي وجود منصب أو وظيفة للإنسان, أم لا يوجد!!.
وحتي الوضع الاجتماعي الخاص بالناس, إن كانوا أغنياء أم فقراء, كان هذا الوضع, له أهمية علي التفرقة في التعامل بين الناس.
فالمسيح لم يقبل كل هذه الأوضاع الخاطئة, التي تقوم علي أسس أو أسباب خاطئة, بل علم وصحح كل هذه المفاهيم الخاطئة, وتعامل معها علي وضع أو أساس إنساني, وبهذا الوضع الإنساني الذي قدمه المسيح, في التعامل مع كل هذه المفاهيم الخاطئة وغيرها أصبح هذا الوضع الإنساني بمثابة وصايا إلهية, ومبادئ روحية, يرجع إليها الناس لعلاج مشاكلهم.
كما صحح المفاهيم الخاصة بالزواج. من المعروف عن الله, أنه منذ بدء الخليقة, وضع شريعة الزواج بين الذكور والإناث من البشر, ولأهداف روحية مهمة, منها وجود النسل البشري علي الأرض, ولحفظ الإنسان نفسه من دنس الخطية… إلخ.
إلا أنه نظرا لأسباب أو لأخري, تحدث مشاكل بين الطرفين, تهدد باستمرارية الزواج, والكيان الأسري القائم.
وبالرغم من وجود مشاكل أسرية ولها أسباب مختلفة, إلا أنها من الممكن أن تكون قابلة للحل بأساليب وطرق روحية, بعيدا عن الطلاق أو البطلان لأن المسيح رفض أن يكون الطلاق لأجل كل سبب بل شرع بأن يكون الطلاق لأجل علة الزنا, أو تغيير الديانة, لذلك إذا وجدت مشاكل أسرية, فلتدرس أسباب حدوثها, لمعرفة أنواعها, وكيفية علاجها؟!
فهل هذه المشاكل تعالج بالأساليب والطرق الروحية, أن تعالج بالطلاق أم البطلان؟!
فالمسيح له المجد في علاج المشاكل الأسرية, يريد دراسة هذه المشاكل وكيفية علاجها, وتعالج طبقا لوصايا الإنجيل وقوانين الكنيسة لا بالطلاق أو بالبطلان فقط.
كما يتضح لنا من قول إنسان للمسيح, بأن: يقول لأخيه, بأن يقاسمه الميراث (لو 13: 12).
فقدم له العلاج, وذلك بالتخلص, من خطية الطمع, بواسطة التوبة والقناعة, ناصحا إياه: بالتحفظ مع الطمع (لو 12: 15) لأن الإنسان وقت أن يولد من بطن أمه, يولد عاريا ولم يأت معه بشيء, ووقت أن يخرج من العالم, يخرج ولا يأخذ منه شيئا, سوي أعماله (1 تي 6: 7).
كما أنه من خلال محبة القريب كالنفس, تحل مشكلة الميراث.
وكذلك من خلال مساواة الرجل بالمرأة, والابن بالبنت في الميراث, تحل هذه المشكلة كما علمنا الرسول بولس في هذا الصدد: ليس ذكر وأنثي, لأنكم جميعا واحد, في المسيح يسوع (غل 3: 28).
إنما العقبة تكمن في أن هناك قوانين وعادات وتقاليد خاطئة, تفرق في الميراث بين المرأة والرجل, والأنثي والذكر, فالمسيح لم يقبل هذه التفرقة في الميراث بين المرأة والرجل, الأثني والذكر, لأن هذا ظلم وتمييز بين الأبناء, لذلك المسيح ساوي بينهما في كل شيء إذا لماذا نفرق في الميراث بين المرأة والرجل, الأنثي والذكر, ونعطي المرأة أو الأبنة أقل من الرجل أو الابن, أو نحركها من الميراث كلية؟!.
وهل المرأة أو الأنثي, هي التي خلقت نفسها أنثي, أم الله الذي خلقها هكذا؟! وهل الرجل, هو الذي خلق نفسه ذكرا, أم الله الذي خلقه هكذا؟!
نعم هو الله, هو الذي خلق المرأة امرأة وأنثي, وخلق الرجل رجلا ذكرا.
إذا من الخطأ أن نفرق بينهما في الميراث, بسبب نوع الجنس, أنثي أو ذكر.
كما أن مشاكل الميراث, تحل بما ورد في سفر الأعمال, وذلك من خلال الأخوة الجسدية بصفة خاصة, كذلك تحل عن طريق حياة الشركة بين الأخوة الروحية, بصفة عامة.
لذلك يقول الكتاب: وكان عندهم كل شيء مشتركا, والأملاك والمقتنيات, كانوا يبيعونها, ويقسمونها بين الجميع, كما يكون لكل واحد احتياج (أع 2: 44 ـ 45).
فالتمييز في الميراث خطأ, ولم يقبله المسيح, بل حذر منه, ومن خلال بقية تعاليمه, وتعاليم الآباء الرسل, مع تعاليم الأنبياء.
وعن الموت أنواعه, الروحي والأدبي, والجسدي, والأبدي, دخل إلي العالم بسبب تعدي والدينا آدم وحواء, بالأكل من الشجرة, المنهي بعدم الأكل منها.
فمن هنا جاء المسيح في الجسد, ومات نيابة عنا علي الصليب, لكي يحيينا من الموت بكل أنواعه.
لذلك لم يصبح للموت سلطان علينا, بعد موت المسيح نيابة عنا, فهو رفع عنا الموت الروحي والموت الأدبي, والموت الأبدي أي الهلاك الأبدي, إنما أبقي لنا الموت الجسدي, كوسيلة تذكار وصيته وعقوبته لنا بالموت, لذلك أصبح الموت الجسدي هو مجرد طريق أو جسر, من خلاله ننتقل للعالم الآخر, وتنحل الرابطة التي بين أجسادنا وأرواحنا: فيرجع التراب إلي الأرض كما كان, وترجع أرواحنا إلي الله الذي أعطاها (جا 12: 7).
كانت الأرواح التي تنتقل من عالمنا الفاني, إلي العالم الآخر, قبل مجيء المسيح في الجسد, وصلبه وموته, ونزل إلي الجحيم, فكانت جميعها تنزل إلي الجحيم, إلي أقسام الأرض السفلية, بعد موتها مباشرة.
وهذا واضح من قصة لعازر والغني, فلما مات لعازر حملته الملائكة, ونزل إلي الجحيم, في الجانب الذي فيه الأبرار, وأبونا إبراهيم, ولما مات الغني, نزل إلي الجانب الذي فيه الشياطين والأشرار (لو 16: 19 ـ 31).
أما بعد مجيء المسيح في الجسد, وصلبه وموته, ونزوله الحجيم, خلص آدم وكل الأبرار من قبضة الشيطان والجحيم, وأصعدهم إلي فردوس النعيم (أف 4: 8 ـ 10).
ومنذ تلك اللحظة, جعل فردوس النعيم أي السماء الثالثة, كموضع انتظار للأرواح الشريرة, مع الشيطان وملائكته, إلي يوم القيامة العامة. (أ ف 4: 9).
فالنعيم الذي في فردوس النعيم للأبرار, هو نعيم مع العشرة الإلهية وعشرة القديسين, وعربون علي خلاص أصحاب الأنفس البارة, والميراث الصالح الذي ينتظرهم في ملكوت السموات, بعد القيامة العامة والدينونة.
أما عن العذاب الذي في الجحيم للأشرار, هو عذاب الحرمان من العشرة الإلهية, وعشرة القديسين, وضياع الفرص للاستعداد الروحي, وليس عذابا ماديا, كما أنه يعد عربونا علي هلاك أصحاب الأنفس الشريرة, والميراث الصعب الذي ينتظرهم في النار الأبدية, بعد القيامة العامة والدينونة.
ولا يوجد مكان آخر ثالث, يدعي المطهر, كموضع انتظار الأرواح بعد الموت, وحتي يوم القيامة العامة, سوي فردوس النعيم السماء الثالثة, كموضع انتظار للأرواح البارة, كذلك الجحيم أو الهاوية, كموضع لانتظار للأرواح الشريرة.
ونحن نؤمن بالقيامة العامة, لجميع البشر, في أواخر الأيام, ونعلن هذا يوميا في كل صلواتنا الخاصة, والعامة الكنسية, قائلين في قانون الإيمان المسيحي: وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.
فهذه القيامة, تسمي بالقيامة العامة, لأن فيها يقوم جميع البشر من الأموات, ولذا تسمي بالقيامة العامة, كما أنها تسمي بقيامة الأجساد, لأن الأجساد هي التي ماتت, فهي التي تقوم وترجع تتحد بها الأرواح, التي كانت متحدة بها قبل الموت, وتعطيها الحياة, وذلك بسرعة فائقة, ودقة متناهية, كما أشارحزقيال النبي في نبؤته (حز 37: 1 ـ 14).
لكن من المعروف في القيامة العامة, أن الله يعطي لأجسادنا سمات روحانية جديدة, لم تكن فيها من قبل, فتسمي بأجساد سماوية, لأنها عطية من السماء (1 كو 15: 40), وأجساد روحانية, لأنها لا تأكل ولا تشرب ولا تتزوج, وبالتالي لا تتناسل (1 كو 15: 44).
وهكذا يطلق عليها, بأنها أجساد غير قابلة للفساد, لأن كل ما يتسبب لها من الفساد, أنتهي وقته وزمانه (1 كو 15: 42).
ومع ذلك تتسم بسمة أخري مهمة, وهي سمة الأجساد المجددة القوية ( 1 كو 15: 43), بالإضافة إلي كل هذه السمات, تضاف لها سمة, أنها خالدة إلي أبد الآبدين, مثل ملائكة الله في السماء (مت 22: 30), (مر 12: 25), (لو 20: 35 ـ 36).
وكل هذه السمات, التي تتصف بها أجسادنا, في يوم القيامة العامة, تجعل أجسادنا, علي صورة جسد المسيح في قيامته من بين الأموات, كما ذكر الرسول بولس: الذي سيغير شكل جسد تواضعنا, ليكون علي صورة جسد مجده (في 3: 27).
ومع كل هذا, لله أهداف مهمة, من قيامتنا في اليوم الأخير, وهي منحنا الحياة من بين الأموات, والدينونة العامة (يو 5: 28 ـ 29), الميراث الأبدي في ملكوت السموات, أو النار الأبدية (مت 25: 34, 41, 46).
أخيرا من بين أهداف مجيء المسيح, في الجسد:
الميراث الأبدي
بلا شك الميراث الأبدي, في ملكوت السموات أو النار الأبدية (مت 25: 31 ـ 32 ـ 34, 41, 46) مرتبط ارتباطا وثيقا بالمجيء الثاني للمسيح, والدينونة العامة للملائكة والبشر (مت 25: , (2 كو 5: 10).
فإذا المجيء الثاني للمسيح, هو هدفه الدينونة العامة للملائكة والبشر, والميراث الأبدي في ملكوت السموات, والنار الأبدية.
وكون البعض من الناس, يعلمون تعليما خاطئا, يتعلق بعدم وجود نار أبدية وعذاب أبدي, كعقوبة للملائكة والبشر الساقطين, فهذا تعليم غير صحيح, لأن الكتاب المقدس أقر بهذا, في مواضع عديدة منها (2 بط 2:4), (يه 6), (ذا 12: 2 ـ 3), (مت 25: 41, 46), (يو5: 28 ـ 29), (رؤ 21: 1 ـ 8).
لإلهنا المجد الدائم..
وكل عام وأنتم جميعا بخير