إن النجاح فى الحياة لا يعتمد على حسن النية و مجرد الأمنيات و التطلعات ، فكلها صفات طيبة و لكن أين النتائج؟ أين الثمار فى حياتنا؟ “لماذا إذ انتظرت أن يصنع عنبا صنع عنبا رديئا ؟ ” (اش٤:٥ ) و أول ما نتساءل عنه ما هى تلك الثمرات التى يجب ان تثمر بها حياتنا؟ التى يجب ان نجرى لاقتنائها؟
ألعلها ما جنيناه من ثمار الأرض فى المخازن ؟ هوذا الغنى الغبى حقق اعظم منها و لكنه فى لحظة خسرها جميعا “تطلب نفسك منك فهذه التى اعددتها لمن تكون” (لو٢٠:١٢ ) .
ألعلها عدد الأولاد الذين انجبناهم انظروا فكم من اباء اثمروا اولادا و ليتهم ما اثمروا ، فقد كان لعالى الكاهن ابنان كاهنان و لكنهما وبالا على كل الشعب و خزيا لأبيهما ، احتقروا مقدسات الرب و تسببوا فى ضياع تابوت العهد.
هل الثمرات المقصودة هى العلم المجرد من الاستنارة ؟ اسمعوا القديس بولس يجيب “بل اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء” (١كو٢٧:١ ) .
و كثير من الثمار تبدو امام عيوننا براقة يسعى الإنسان إليها فيجد نفسه فى آخر المطاف صفر اليدين. قيل ان العالم السويدى نوبل سعى بكل طاقاته ليصل الىاكتشاف المتفجرات و شعر بسعادة بالغة بهذا الإنجاز و بينما هو فى سعادته بهذا الاكتشاف مات أخوه و جاء النعى فى الجريدة خطأ بإسمه هو الفريد نوبل ، و لم يصحح نوبل الخطأ بل وجدها فرصة ليرى ماذا سيكتب عنه العالم بعد موته و كانت المفاجأة المؤلمة له أن جاءت أغلب عناوين الصحف “مات مخترع الدمار” من هنا تغير مجرى حياته و قرر أن يوجه طاقاته العلمية للبنيان و قرر كذلك منح جائزة نوبل لكل من يقدم عملا مفيدا للإنسانية.
و الحق أن كل واحدة من هذه الأمور السابقة إن كانت الأولاد أو العلم أو المال يمكن ان تكون بركة للإنسان و من حوله ، فقد كان ابراهيم أبو الأباء غنيا جدا. و لم تكن هناك من انجبت من هو أعظم من يوحنا المعمدان ف”ثمرة البطن عطية منه” (مز٣:١٢٨ ) . و كان دانيال بعلمه رئيسا على جميع حكماء بابل . و هذه الثمرات و غيرها يمكن ان تكون مباركة إن كانت بحسب القصد و المشيئة الإلهية ، بمعنى أنه بينما كان عالى الكاهن متراخيا مع أولاده الذين عاشوا فى القباحة داخل الهيكل كانت حنة و القانة قد نذرا طفلهما للرب قبل ان يولد و غنى عن الكلام الفرق بين الثمرتين.
اذن لعلنا من هذا ادركنا أن الثمر الحقيقى هو أن توجه كل الطاقات و الامكانيات و المقاصد لا لأشياء زائلة فى الحياة و لكن لأشياء تبقى و تدوم “اخترتكم و اقمتكم لتذهبوا و تأتوا بثمر و يدوم ثمركم” ( يو١٦:١٥). اذن فكل سعى فى الحياة أسأل عن ثماره هل فيها صفة الدوام للأبد أم هى كزنابق الحقل التى توجد اليوم و تطرح غدا فى التنور إن الثمر الحقيقى سيكون مثل اللآلئ التى ترصع اكاليلالمجاهدين المنتصرين فى السماء. من المؤكد أن توبة اغسطينوس ستتلألأ فى اكليل مونيكا أمه ، و تترصع اكاليل المتألمين بثمرات الشكر. ستلمع اكاليل الخدامالأمناء بثمرات النفوس المختطفة من النار كما قال القديس بولس لأهل فيلبى “يا اكليلى” (فى١:٤ ) . سيتلألأ اكليل صموئيل النبى و القاضى بثمرة العدل و النزاهة فى قضائه.
هذا النوع الجيد من الثمر لابد ان يكون شبعان من دسم الكرمة و عصارتها و كلما كان الغصن الذى يحملها اكثر ثباتا فى الكرمة كلما كانت ثماره اكثر نضوجا و حلاوة، هكذا قال الرب “كما أن الغصن لا يقدر أن يأت بثمر من ذاته إن لم يثبت فى الكرمة كذلك انتم أيضا إن لم تثبتوا فىّ. أنا الكرمة و أنتم الأغصان الذى يثبت فى و أنا فيه هذا يأتى بثمر كثير” ( يو٤:١٥).