نستخدم كلمة “هشاشة” Fragility لوصف حالة الضعف الي يكون عليها الأفراد أو الأشياء وحتى المؤسسات، فنصف الأشياء بالهشاشة كهشاشة العظام مثل، وهو الوصف الذي نشخص به أوضاع فئات معينة تعاني من الضعف، وفي السياسة تكون الدولة هشة عندما تعجز عن الوفاء بالتزاماته وتفقد شرعيتها، وقد تنتقل عدوى الهشاشة للمجتمع فيفقد توازنه وتماسكه. وعموما فإن الهشاشة هي حالة يعرفها قاموس أكسفورد بأنها “سهولة الكسر أو التلف” أو “الحساسية والضعف”. وتتخذ وضعية الهشاشة أشكالا عدة مادية وجسدية ونفسية ومؤسساتية. ولكن للكلمة معان أخرى غير متداولة كثيرا مثل الرقة والبشاشة، حيث تبدو أحيانا الأشياء الهشة جميلة ورقيقة. وواقعيا فإن الهشاشة، إن لم تكن حالة مرضية، فإنها نتيجة لوضعية معينة هى التي تؤدي إلىالهشاشة فتجعل الأشياء قابلة للكسر وذلك عندما تكون الضغوط أكبر من القدرة على التحمل.
وبشكل عام، فإننا نصبح في وضعية هشة عندما لا نمتلك القوة على مواجهة الظروف المحيطة بما تحمله من ضغوطات وإكراهات. وللأسف فمع تزايد ضغوط الحياة فإننا كثيرا ما نشعر بالهشاشةونخشى الانكسار، وقد نلوم أنفسنا ونتصور أننا كذلك بحكم التكوين والطبيعة، ولا نفكر كثيرا فى حقيقة أننا فى وضعية هشة، فالأشخاص الأكثر عرضة للعنف، هم أو هن فى وضعية هشة، ليس بسبب طبيعتهم الهشة، ولكن بسبب أن السياق يجعلهم أكثر عرضة للعنف والانكسار. ويمكن أن نقيس على ذلك حالات عديدة مثل الأشخاص ذوى الإعاقة، فهم فى حالة هشة فى المجتمعات التى لا تحترم حقوقهم، ولكنهم ليسو كذلك فى مجتمعات أخرى تحترم هذه الحقوق. ومن هذا المنطلق فإن قياس الهشاشة يتطلب تحليل السياق وليس التركيز على الأفراد أو الأشياء.
ويأخذنا هذا إلى تعريف الضغوط التي تنتج الهشاشة أو تزيد من حدتها، فالضغوط تعبر عن علاقة بين فعل ورد فعل، فالضغط هو محصلة معادلة طرفاها درجة القوة المؤثرة ومستوى الاستجابة لها، ووفق أحد الدراسات المنشورة بمجلة علم النفس (الدكتور صلاح الدين أبو ناهية) فإن تعريف الضغوط يرتبط بطريقة الاستجابة لها، فقد تكون الضغوط موجودة ولكنها بلا تأثيرات سلبية نظرا لأن طريقة الاستجابة لها تخفف من حدتها أو تجعلها منعدمة. ولذلك فإن الضغوط هي عملية تفاعلية بين التأثير والاستجابة أو الفعل ورد الفعل. ومن تعريفات الضغوط كذلك أنها “إستجابة للظروف والمواقف والأحداث والقوى الخارجية التى تحدث أو تواجه الفرد فى حياته اليومية. وأن هذه الاستجابة (سواء كانت فى اتجاه التوافق أو عدم التوافق) تعتمد على التقييم المعرفي للفرد لهذا الموقف أو الحدث في ضوء قدرات الفرد وإمكاناته وتفسيره للموقف ومعرفة متطلباته. وبالتالي توقع ما سيحدث في حالة المواجهة”.
وإذا صح وصف وضعية الهشاشة في حد ذاتها بأنها حالة ضعف Weakness، فإن السياق الذي الذى ينتج هذه الحالة يمكن وصفه بأنه مولد للضعف أو الاستضعاف Vulnerability، أي عدم القدرة على مقومات مؤثرات سلبية جسديا أو نفسيا. فالفقراء أكثر استضعافا من الأغنياء، والنساء في أغلب الأحيان مستعضفات ليس لضعف كامن فيهن ولكن لأن الشروط الاجتماعية والثقافية والقانونية تجعلهن كذلك، وهكذا. وقد يكون وصف الاستضعاف أكثر دقة من وصف الهشاشة، لأنه قد يزيل الالتباس الناجم عن اعتبار الضعف والقابلية للانكسار حالة ذاتية، ولكن نتيجة عوامل ومؤثرات تفضى إلى هذه الحالة. إن حل المشكلة لن يكون بلوم “الضعفاء” أو نُصحهم، ولكن بالتمكين ومقاومة الضغوط، والحل الأمثل هو تغيير الشروط التي تنتج القابلية للانكسار، وبدون تغييرها ستظل الهشاشة مرضا يصيب الأفراد والفئات والمؤسسات.