بالرغم من قساوة العنوان، أو ما يشبهها من عبارات مثل ( ربنا له ناس وناس / ربنا بيعذبنا / لماذا يارب تتركنا هكذا و..) .
– فالكثير منا أصبح يردد مثل هذه العبارات أو على الأقل يسمع المحيطين به يقولونها.. وهذا ما سيجعلنا نتناول في هذا المقال كيف يتعامل الله معنا؟! وكيف نفهم هذه التعاملات (حسبما تحتمل عقولنا المحدودة)؟؟
– في البدء دعونا نعترف أن البحث في صفات الله أو محاولة الاقتراب من حكمته.. هو أمر صعب جدا أن نفهمه أو ندركه.
– فكرة أن الله أصبح يتجاهلني قد تعني أن الله تغير في معاملته تجاهي، وهذا يتعارض مع صفة أساسية في الله وهي صفة عدم التغيير، فالله (ليس عنده تغيير ولا ظل دوران) (يع 1 : 17) لكن ما قد نشعر أحيانا من تجاهل الله لنا ينطبق عليه هذه القاعدة الهامة: إن تعاملات الله تختلف من حالة لأخرى ( طبقا لحالة الإنسان..).
— فالله يتعامل دائما مع نتائج خيارات الإنسان (احترامًا لحرية وإرادة الإنسان)
++ وهنا أريد أن تتوقف عزيزي القاريء أمام نفسك لبضع لحظات وتسأل نفسك (هل تريد أن تجني شيئا غير الذي زرعته؟؟ ) أليس ( ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضا..) (غلا 6 : 7 )
سأنتقل بك إلى نقطة هامة (بالطبع كلنا ندرك أن الله يقدر على كل شيء.. صاحب قدرة مطلقة)
– ولأننا نعرف هذه النقطة جيدا.. نجد أنفسنا أمام عدة أسئلة مثل :
+ لماذا لا يفعل الله كذا؟؟؟ ولماذا لم يتدخل الله في التوقيت الفلاني..؟؟ وغيرها من الأسئلة.
– للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها مما قد يدور في أذهاننا سنتكلم معا عن قدرة الله المطلقة :
مفهوم قدرة الله ببساطة تعني قدرته على فعل أي شيء بسلطان مطلق طالما كانت هذه القدرة متوافقة مع مشيئته و إرادته و صلاحه وكماله، فالله لا يفعل شيء ضد كماله المطلق.، فالله لا يفعل الخطية ولا ينتقم من أشخاص).
++ بعض من النقاط التي تساعدنا من الاقتراب تجاه فهم ( القدر اليسير ) من خصائص قدرة الله المطلقة :
1. قدرة الله مطلقة لكنها لا تعني تدخله في كل أمر حسب أهواء الإنسان . ( فالله لا يخضع لانفعالتنا الوقتية.. فالله له رؤية فوق حدود الزمن والمكان ).
2. قدرة الله المطلقة لا تعني أن يجبر الله إنساناً ما على فعل شيء معين أو منعه من القيام بفعل معين حتى لو سبب ذلك الأذى للآخرين، لأن الإنسان لو صار مجبرا̋ .. فكيف سيحاسبه الله ؟؟
الفعل النابع عن حرية إرادة الفاعل هو الذي يضعه الله في مجال الثواب و العقاب .
– مثال: الله سمح لدقلديانوس من تعذيب شهدائنا دون أن يمنعه (ليتيح الفرصة كاملة أمام دقلديانوس ليتوب.. وجعل الكنيسة تتبارك بدماء الشهداء و كافيء الشهداء بالمجد الأبدي )
3. قدرة الله المطلقة لا تعني أنه يفعل أي شيء في الوقت وبالطريقة التي تتوافق مع إرادتنا ومشيئتنا نحن، وليست إرادته و مشيئته هو .
4. قدرة الله المطلقة لا تعني أن يفعل ما هو غير منطقي و ضد طبيعته و نظامه الذي يدير به الكون ، فليس منطقياً أن نطلب من الله أن يجعل كل فرد فينا تتحقق أمانيه و أحلامه .
5. قدرة الله المطلقة دائما في نطاق كل ما هو ممكن ومنطقي و في إطار نظامه و مشيئته .
ففي المعجزات لا يكسر أو يلغي الله قوانين الطبيعة و لكنه يتدخل في مجرى الأحداث لكي يغير نتيجتها.
+ و حتى التدخل المعجزي يتم في أضيق نطاق و بفعل استثنائي من أجل خلاص أولاده وليس من أجل إبهار الناس .
6. قدرة الله المطلقة لا تعني أن يقوم الله بأعمال يستحيل أن تحدث بصورة مطلقة .
فقدرة الله المطلقة تعني أن يقوم الله بفعل ما يمكن فعله بصورة منطقية ( استحاله نسبية )
7. لا توجد مقاييس ثابتة و واضحة نستطيع أن نحكم بها على قدرة الله .
8. رؤيتنا المحدودة لا تتيح لنا رؤية شاملة من قدرات الله المطلقة، فالله ليس مسئولاً أمام الإنسان كي يوضح مدى قدرته و الحكمة من أفعاله في كل شيء .
فقدرة الله المطلقة لا تقاس بالنتيجة أو الوسيلة التي نراها نحن من زاوية نسبية فليس صحيحاً أن تكون النتيجة / الوسيلة مرضية لنا كي نحكم على قدرة الله.
+ فالكثير من الأمور لا نستطيع أن نحكم عليها في وقتها، لكن ندركها ونعرف صلاحها بعد فترة من حدوثها.
– ليتنا نطلب أن نقترب من الله أكثر، وكلما اقتربنا إليه كلما عرفنا قدر حبه لنا، فالله الذي أعطانا الخلاص لن يبخل علينا بشيء لكن ( لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد ) ( يو 13 : 7 ).