تابعنا في المقال السابق ( فخ الأعمال الصالحة ج1 ) وكيف أن الإنسان سقط في معضلات كثيرة بعصيانه وتمرده على الله حينما كان في جنة عدن . وتكلمت معكم عن حل المعضلة الأولى.
وفي هذا المقال سنتناول حل المعضلة الثانية ومقدمة حل المعضلة الثالثة :
ثانيا : حل المعضلة الثانية : ( الشر في الكون وفساد الطبيعة الإنسانية )
– ماهو معنى الشر ( ببساطة ) ؟؟ :
التعريف البسيط لكلمة الشر : هو استخدام الإنسان لقوى الخير (الوجود والعقل والإرادة ) بصورة سيئة. وأصبح الاستخدام الخاطئ لهذه القوى هو السبب الرئيسي في وجود الشر.
لكن…
ولأن الإنسان كائن له إرادة حرة وله حرية الاختيار بين استخدام عقله وذكاءه في الخير أو الشر ( بدون إجبار ) فلذلك له مطلق الحرية في اختيار مصيره ؟
فالإنسان هو الذي اختار أن يكون للشر وجود , وبحريته أصبح مسئول عن نتائج أفعاله
– لو أجبر الله الإنسان علي فعل الخير فكيف سيكافئه ؟ وإذا أجبر الله الإنسان على فعل الشر فلماذا يعاقبه ؟؟
وأصبحت القاعدة العامة التي يحاسب بها الله الإنسان : فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا ( غلا 6 : 7 )
لذلك فالله يترك الشر ويسمح به ( بالرغم من أن الشر ليس إرادته ولا رغبته ) …. لكنها للأسف إرادة ورغبة الإنسان .
وبذلك أصبح وجود الشر أو اختيار فعل الشر هو وسيلة اختبار لإرادة الإنسان . هل هي إرادة خيّرة أم شريرة؟
– إذًا دعني أؤكد أن الله لم يخلق الشر ولم يخلق الشيطان ولم يخلق الظلام؟
أ- الشر ( هو عدم فعل الخير أو سوء استخدام الإنسان لقوى الخير وأشياء جيدة جدًا خلقها الله كي يتمتع بها الإنسان ).
ب- الشيطان ( كان في الأصل رئيس ملائكة منيرا.. لكنه اختار الكبرياء.. فا أصبح ملاكا ساقطا ).
ج- الظلام ( عدم وجود النور الذي خلقه الله )
فالشر ناتج فقط عن إرادة الفاعل دون إرغام أو إجبار من الخالق .
“أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ ” ( ( 3 يو 1 : 11 )
ثالثا : حل المعضلة الثالثة: (طبيعة الإنسان التي فسدت والإنسان الذي أصبح نهايته الموت )
وهنا يأتي السؤال ماهي فائدة الصليب مادام أن الإنسان في النهاية يموت سواء آمن بفداء المسيح علي الصليب أو لم يؤمن؟
أولاً: مامعنى الموت ؟
عندما سقط الإنسان و طرد من جنة عدن . ذاق الإنسان أربعة أنواع من الموت :
1-الموت الجسدي : هو انفصال الجسد عن الروح . وهذا النوع هو الذي تعرفه كل الديانات والاعتقادات ويتحلل بعدها الجسد ويذهب إلى لتراب وتذهب الروح إلى مقر الانتظار .
2- الموت الروحي: هو انفصال الروح عن الله (الخطية) فالبشرية صارت منفصلة عن الله بفعل الخطية الجدية التي ورثتها البشرية من أبونا آدم .
3- الموت الأبدي : الهلاك الأبدي.. فصار في العهد القديم ( قبل الصليب ) كل من يموت يذهب إلى الجحيم حتى الأبرار .
4- الموت الأدبي : فالإنسان فقد الصورة الإلهية التي خُلِق عليها وصارالإنسان ساقطاً مشوه السمعة أمام الخليقة وغاب ضمير الإنسان وصار ميتاً وهو حي وانتشرت الوثنية في معظم العالم .
الحل
من المستحيل أن الفساد الذي حدث في الطبيعة البشرية والموت الذي لحق بها يتم حله بواسطة تعاليم ومباديء دينية أو من خلال أن الله يسامح بدون شروط ولا عقاب.. لماذا؟
– فالله حينما أخبر آدم في جنة عدن، وقال له (وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت ( تك 2 : 17 ) .
– إذا فالحل يحتاج لإصلاح الفساد الذي حل في الطبيعة البشرية وإبطال فعل الموت .بالإضافة إلى أن كلام الله لايمكن أن يُرد ( فكما أن الله عادل .هو أيضا رحوم )..فجاء فداء المسيح ليكون الحل.. كيف ؟؟
سنتكلم عن هذا في المقال القادم …بالتفصيل
القس فيلوباتير مجدي
كاهن كنيسة مارمرقس الرسول
النزهة – القاهرة