في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له:اخرج واذهب من ههنا,لأن هيرودس يريد أن يقتلك.فقال لهم:امضوا وقولوا لهذا الثعلب:ها أنا أخرج شياطين وأشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث أكمل(لو13:32).
فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكملونكس رأسه وأسلم الروح(يو19:30).
لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل,وهو آت بأبناء كثيرين إلي المجد,أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام(عب2:10).
ثلاث عبارات يذكرها الكتاب تحصر قضية خلاصنا وعودتنا للآب في تدبير واحد هو تكميل المخلص كذبيحة بالألم, الألم إلي حد الموت لما رأي يسوع أنه قد تكمل بالآلام,أو اكتملت آلامه الخلاصية,قال:قد أكمل واستودع روحه في يدي الآب(لو19:46) ونكس رأسه وأسلم الروح.
ماهذا الذي أكملت ياسيدي يسوع؟
هل هي كأس الآلام,شربتها للنهاية بل مرغما من حبك عوضا عن أورشليم العاصية,التي منذ قليل كنت ترجوها أن تسمع لصوتك وتختفي تحت جناجيك ببنيها؟لكنها لم تعرف افتقادها فبكيت عليها.
سمرتني محبتي في الصليب يا ابني, سمرت جناحي في الخشبة,ومن وقتها وهما مفتوحان يستقبلان كل هارب من طوفان العالم وطوفان الغضب كل من أعاد التفكير فيما يفعله بي,ويصرخ مع داود:بظل جناحيك أعتصم لكن للأسف كل يوم وكل ساعة تهرب فراخ ولا تدري أنها إلي الهلاك تسير.
هل هي النبوات ياربي,التي أغفلوها فلم يدروا أنهم يتممونها علي مخلصهم الذي أتاهم فاديا مكملا بالآلام؟
نعم يا ابني وكم من علامات وصلتك أنت يا حبيبي تشير علي بلا غموض كالنبوات,وأنت تهملها! أرجوك لا تدن أورشليم وترها عاصية بينما أنت وإخوتك تعصونني,ويفوتكم خلاصي هم لم يفهموا النبوات وأنت لم تدرك تحقيقها!
علموني أن قد اكمل هي ختم(خالص) علي صكوك الديون كم يفرحني هذا التطابق.
حلو يا صغيري أن تفرح بهذا,ولكن ألا تسأل لماذا تتجدد ديونك,ولماذا تكثر عليك الصكوك من جديد؟ لو عرفت كيف أن الخطية صلبتني لما أخطأت من جديد أو علي الأقل لجريت مسرعا بالتوبة إلي حضني المفتوح ومذبحي الصارخ بالدعوة إليكم كلكم كل يوم:خذوا كلوا…خذوا أشربوا.
آه لو عرفنا نحن البشر محبتك وكيف أن الألم كان الاختيار الوحيد أمام الآب كي يعيد إلي المجد هؤلاء العصاة لما صلبناك!
لكن كيف وهذا هو التدبير الوحيد؟أن تضع ذاتك حتي الموت موت الصليب يصمت الفم ويعجز اللسان ويقف العقل مشدوها فالقضية عجيبة حقا وغريبة,وعلي عجبها وغرابتها,علي بساطتها قدمتها أنت بالحب الذبيح.
كنت أقدم نفسي ذبيحة كاملة,وقصة حب ترويها الأجيال,لأصدر في الزمن تدبيري الشافي للنفوس,كنت أخرج الشياطين منكم وأشفي نفوسكم وأكمل عملي بالقيامة في اليوم الثالث.لتدوم لديكم في الكنيسة كل الأيام,كل هبات حبي هذا صليبي وموتي وقيامتي,ولكن ماذا فعلتم بكل ذلك؟
سامحنا, مسلسل الألم الذي يعجز كل حكيم عن وصفه وإدراكه,ارتسم أمام أعيننا بل حفرته الكنيسة فينا,ونتعجب منهم مضوا وأخبروا هيردوس الثعلب بذلك ولم يعلموا أن ما ستفعله ستفعله لهم,ها نحن نعترف أمامك,نحن نسلك مثلهم بل سرنا إلي ماهو أفظع منهم,نمضي إلي الثعالب بخبر الخلاص والآلام,بوهم كرازة لانعيش ثمارها! وبينما كل يوم ثعالب,غرباء عن الحظيرة,تتغير طباعها,ونبقي نحن علي حالنا,يفوتنا الخلاص كأمة عملت برا لم تلتفت إليه السماء! يا ويلنا.
فرصة جديدة نرجوك يا مصلوب الجلجثة,ياغالب الموت بموتك ياقاهر الهاوية لاتقلها أبدا, إنك عبثا تعبت باطلا وفارغا أفنيت قدرتك(إش 49:4).