هل عام جديد علي أم الدنيا, وقد اجتازت في السنوات الماضية ظروفا في غاية الصعوبة, كادت تهدد وحدة أراضيها الثابتة منذ فجر التاريخ, وأكدت للتاريخ وللعالم بأسره, ولأعدائها بوجه خاص, إن الله عز وجل حاميها وإن شعبها الأبي وبجيشه الباسل كانا حصنها المنيع الممتد علي مدي سبعة آلاف سنة..
من البديهي إذن ألا نظن أن أعداء الداخل والخارج قد ألقوا أسلحتهم الملوثة واستسلموا لهزيمتهم.. بل أصيب هؤلاء بهيستريا حادة وجاهروا بمخططتهم الخبيث الرامي منذ قرون إلي بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد باستخدام اختلاف العقيدة الدينية, فأخذ بعض من نالوا شهرة كبيرة يصدرون الفتاوي المحرضة علي تفتيت وحدتنا, والدعوي إلي تقسيم المصريين بين مسلم ومسيحي, وبأكثر مما كان يمكن أن يفعل العدو الصهيوني..
ويكفي أن نلقي نظرة علي التنظيمات الإرهابية, وما تحمله من أسلحة متطورة, بل ومتطورة جدا, لنعرف أنها أدوات لجهات معادية لوطننا, فهذه الأسلحة تنتجها جهات معروفة, كما يستحيل علي هذه التنظيمات تمويل أنشطتها الإرهابية, أو الإنفاق علي أعضائها ببذخ واضح, إلا بتمويل خارجي.. وأيضا يصاب المرء بالحزن العميق عندما يتطلع إلي خريطة العالم ويجد أننا البقعة الوحيدة فيها التي يتقاتل أبناؤها بوحشية مفزعة وبأعنف مما شاهدت من وحشية علي مر التاريخ وبالطبع صعب أن يقتنع أحد بأن كل ما يجري أمام أعيننا, مجرد صدفة ولا شك أن الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تخوض حربا علي أكثر من جبهة فالإنجازات التي تتم ماثلة للعيان والمشروعات التي تهدف إلي إخراج مصر من كبوتها في العقود الأخيرة متعددة علي أكثر من صعيد, وهو ما يفسر إلي حد ما ضراوة حرب الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي, التي تستغلها قوي التخريب والدمار أسوأ استغلال والتي للأسف, لا يرقي إعلامنا الي مواجهتها بكفاءة.
ومن دواعي التفاؤل بالمرحلة القادمة, قرار الرئيس بتشكيل لجنة مركزية تسمي اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية.. لقد تنبهت القيادة السياسية الي خطورة دعاوي الفتنة والتفتيت من منطلقات دينية فاسدة يستغلها هؤلاء, وحتي الآن لم يتعرض أي من المحرضين علي الفتنة لمساءلة ولا نقول محاكمة, فالعدو علي مر التاريخ لم يفرق في عدوانه بين المسلمين والمسيحيين إنه يستهدف المصريين.. ورمال سيناء إرتوت بدماء الشهداء المصريين الطاهرة ومن ثم يكون المحرضون علي الفتنة يستهدفون الوطن في المقام الأول.. نستطيع القول أن تشكيل مثل هذه اللجنة قد تأخر الي حد ما ولكن كما يقول المثل الفرنسي, أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا..
ويتمني كل مواطن مخلص أن يؤازر الإعلام عمل هذه اللجنة وأن يشرح للجماهير الهدف منها وكيف أنه هدف نبيل ووطني بحق.. والغريب أن الحرب علي هذه اللجنة المنوط بها, التصدي للمحرضين علي الفتنة الطائفية, قد بدأت فور الإعلان عن تشكيلها بالتشكيك في جدواها وفي كونها ستقوم بنشاط يتصدي فعلا للمحرضين علي تفتين الوطن, أقر بها مثال, الرجل الذي لا يفوت فرصة, إلا ويحرض المواطنين المسلمين علي أشقائهم المسيحيين إن الأمل معقود الآن علي تكاتفنا جميعا في التصدي لأعداء الوطن, فالقرآن الكريم يكذب دعاوي الفتنة والكراهية وأشير فقط, الي أن مريم العذراء قد كرمها الخالق عز وجل, بأن اصطفاها من بين نساء العالمين لتحمل السيد المسيح وهي كما يعرف العالم كله, وبالتأكيد شيوخ الفتنة مسيحية العقيدة.. وأثق أن اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية تشكل منعطفا بالغ الأهمية في الحرب علي الإرهابيين وإرهابهم, وتطهير مصر, الحضارة والتاريخ, مصر فجر الضمير, من دنس هذا الفكر الظلامي المدمر وسيكون العام الجديد عاما سعيدا, يسجل السطر الأول في مستقبل سعيد بأذن الله.