الاهتمام ببناء الحياة الروحية هو امر ضروري لحياة الانسان المسيحي الامين, و البناء الروحي في ايماننا الارثوذكسي هو عمل يستمر مدي الحياة و لا يتوقف ابدا.
و الكتاب المقدس يقدم لنا نماذج كثيرة لشخصيات تميزت حياتهم بالبناء الدائم و من اروع هذه الامثلة شخصية نحميا أحد رجال السبي البابلي الذي كان ساقيا للملك في ارض السبي و الذي اهتم باعادة بناء اسوار اورشليم بعد ان هدمت الاسوار اثناء السبي البابلي .
و ان كان البناء ضرورة لحياتنا و حياة الكنيسة فكيف نستطيع ان نسير في حياة البناء؟ و كيف نبني حياتنا الروحية ؟
هذا الامر يظهر بوضوح من خلال حياة نحميا و خدمته ، فقد تميزت حياة نحميا بعدة امور ساعدته ان يكون رجل بناءفقد بني اسوار اورشليم و اتمها رغم كل المعطلات التي واجهته.
و نحن ايضا ان اردنا ان نكون رجال بناء .. نبني حياتنا في الرب .. و نبني كنيستنا .. و نبني مجتمعاتنا بامانة .. فهناك عدة امور تساعدنا :-
الغيرة الروحية :-
الغيرة هي بداية طريق البناء فالانسان الذي يحمل قلبا غيورا يحب الله .. و يحب كنيسته .. و يحب الملكوت .. يشتاق ان يبني حياته الروحية بدافع داخلي لا ينتظر احد يدفعه او يشجعه , هكذا فعل نحميا فعندما سمع
” ان الباقين الذين بقوا من السبي هناك في البلاد هم في شر عظيم و عار و سور اورشليم منهدم و ابوابها محروقة بالنار ” ( نح 1: 3 ) للوقت تحرك قلبه ليصنع امرا من اجل شعبه و من اجل مدينه ابائه.
2- الصلاة : –
و الانسان الذي يحب ان يبني يجب الا يفارق الصلاة , فالصلاة تمنحه معونة الهية بها يبدأ و بها يستمر في البناء , لذلك يوصي معلمنا بولس المؤمنين قائلا” صلوا بلا انقطاع” (1تس 5 : 17), و هكذا كان نحميا رجل البناء , دائم الصلاة قبل كل خطوة , بل كان يصلي في كل وقت, فها هو واقف امام الملك يتحدث معه و لكننا نسمعه يقول عن نفسه ” فقال لي الملك ماذا طالب انت , فصليت الي اله السماء و قلت للملك ” ( نح 2 : 4 )
3- خطة تدبير العمل : –
و الذي يبني حياته الروحية او بيته او خدمته لابد ان تكون لديه خطة للبناء , فالعمل العشوائي لا ياتي بنتائج , لذلك علم مخلصنا الصالح ربنا يسوع الجموع قائلا” و من منكم و هو يريد ان يبني برجا لا يجلس اولا و يحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله “(لو 14 : 28), و عن هذا يكتب ايضا معلمنا بولس الرسول ” و ليكن كل شيء بلياقة و بحسب ترتيب ” (1كو 14 : 40) و هكذا كان نحميا مدبرا ناجحا كانت لديه خطة للبناء ، و خطة للدفاع، و خطة للتعامل مع المعاندين ، و خطة للتصدي للمعطلات.
4-عدم الانشغال بالسلبيات :-
و الانسان الذي يهتم بالبناء لابد ان تقابله معطلات , و لكن الانسان الحكيم لا ينشغل بها كثيرا و لكنه يرفع عينيه دائما نحو الرب و يثق انه هو القادر ان يكمل طريقه فالله هو الذي يضمن نجاح البناء , لذلك عندما سخر المقاومين من عمل نحميا قائلين ” ما هذا الامر الذي انتم عاملين ” اجاب نحميا قائلا ” اله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبني ” ( نح 2 :20 ) لاحظ ان نحميا لم يجيبهم عن تساؤلاتهم ، و لكنه نظر الي اله السماء .
5 – تجنب الاحساس بالاكتفاء :-
الانسان الذي يهتم ببناءحياته الروحية لا يجب ان يشعر بالاكتفاء ،و لا يتوقف عن النمو , فتوقف النمو يعني عدم
تكامل البناء لذلك ايضا يكتب معلمنا بولس الرسول للمؤمنين عن حاله بعد سنوات من الجهاد و الخدمة قائلا ” ايها
الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت و لكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء و امتد الى ما هو قدام”(في 3 : 13) . لذلك لنحرص دائما ان تبقي حياتنا في حالة نمو دائم و في حالة بناء مستمر .