فريسي يدعو الرب يسوع لوليمة أعد فيها ما لذ وطاب، لا من المأكولات إنما من فخاخ الامتحانات!! فقبل أن يبدأ القديس لوقا في سرد أحداث الوليمة مباشرة قصد أن يعطينا فكرة عن رأي جماعة الفريسيين في الرب يسوع لكي يكشف لنا سر بل زيف ورياء هذه الدعوة ولماذا دعا المسيح إلى مائدة الطعام؟ لقد كان الرب يسوع في نظرهم إنساناً نهماً مهتماً بالأكل والشرب، إذ يقول قبلها مباشرة “الفريسيون والناموسيون رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم”، رفضوا يوحنا لأنه لا يأكل ولا يشرب ولما “جاء ابن الانسان يأكل ويشرب فقالوا انسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة” ( لو ٣٤ : ٧)
بعدها مباشرة أورد هذه الدعوة قائلا: “وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه”، في كبريائه أراد أن يجعل من هذه الوليمة الخبيثة فخاً ليراقب عن قرب كل حركة وكل سكنة ليسوع.
وعلى قدر ما يؤلمنا سلوك هذا الفريسي بقدر ما كشفت لنا هذه الحادثة عن قلب يسوع الواسع ورقته ولطفه الذي يشمل به الجميع بلا استثناء. يالغنى وعمق حب الله إذ وهو عالم بكل شئ لبى الدعوة، برغم أن الجواب ظهر من عنوانه فلا حرارة فى الاستقبال “قبلة لم تقبلنى”، ولا إكرام في الضيافة “بزيت لم تدهن رأسى”، ولا حتى مراعاة للتقاليد المعمول بها “ماء لأجل رجلى لم تعط”..
نعم رغم هذا الاستقبال الفاتر قبل الدعوة فقد فتح ذراعيه للكل، لقد كان رد فعل السيد المسيح غاية في الحنو، فمع سابق علمك يا رب بأسرار القلب دخلت بيت الفريسي واتكأت فاتحاً له حضنك لا كضيف بل كمضيف تطرق الباب ومعك العشاء، عشاء وليمة الحب، إن فتحت يا سمعان باب القلب أدخل إليك واتعشى معك و أنت معي.
هذا هو الأب الرقيق الذي كثيراً ما نخجل من أنفسنا لما نراه فاتحاً أحضانه لنا بدون أدنى استحقاق ومع معرفته بخفايا قلوبنا الرديئة لا يبخل علينا بوليمة حبه “أنا أشفي ارتدادهم أحبهم فضلاً” (هو٤ : ١٤).